المفاوضات الوهمية لصندوق النقد الدولي
بدأت بعثة صندوق النقد الدولي في مباحثاتها مع الحكومة المصرية، بعد وصولها إلى القاهرة بقليل، ويشارك مع وفد الصندوق في المباحثات، د حازم الببلاوي، رئيس الوزراء الأسبق والمدير الحالي بالصندوق، والذي تردد وقتها أن تعيينه في الصندوق كان مكافأة على دوره في تمهيد الاقتصاد المصري، ليكون ملائمًا لتوجهات الصندوق ومتمشيًا مع توجهاته.
والحق لا أدرى هل فعلاً هناك مفاوضات حقيقية وفعلية بين الحكومة المصرية ووفد الصندوق؟! وهل هناك شروط أخرى للصندوق لم تستجب لها القاهرة خلاف تلك الشروط التي وافقت عليها الحكومة ونفذتها فعلا؟! لقد وافقت الحكومة المصرية على كل شروط الصندوق الضارة بالاقتصاد المصري، والتي سيكون لها آثار تدميرية لا يتخيلها أحد من أعضاء الحكومة على مجمل الأوضاع في مصر. فلقد أصدرت الحكومة قانون الخدمة المدنية بكل انعكاساته على الاستقرار، وعلى 4.5 مليون عامل في الحكومة ومؤسساتها.
وقانون القيمة المضافة الذي سيولع الأسعار ويؤرق كل الأسر المصرية وخفض سعر الجنيه المصري بالنسبة للدولار، الذي تجاوز الـ12 جنيهًا، وتستعد الحكومة لمرحلة جديدة من الخفض، ليصل إلى القيمة التي يحددها صندوق النقد الدولي. ونفذت الحكومة مطلب الصندوق برفع الدعم عن السلع والخدمات التي تقدمها للمواطنين. فرفعت أسعار الكهرباء والمياه والصرف الصحى والغاز والبنزين بأنواعه المختلفة، وفي نفس الوقت التزمت برؤية الصندوق بأن الثراء يتساقط من أعلى إلى أسفل عبر تحرير السوق ودعم الأغنياء، فهي لا تعتبر السوق وسيلة لتوزيع السلع والخدمات بل هي الطريقة الوحيدة لتنظيم المجتمع، وهي السبيل الوحيد إلى التنمية، وترفض أي تدخل من الدولة، لإعادة توزيع الدخل، وهي تؤمن بحق الأغنياء فى دعم الطاقة والإعفاء الجمركي والضريبى وفتح أسواق الدول النامية أمام التجارة العالمية، أي جعل مصر سوقًا كبيرة لمنتجات الدول الكبرى، فلم تطبق الضريبة التصاعدية على الدخل والضريبة على الأرباح الرأسمالية فى البورصة، فماذا تبقى من شروط الصندوق لم يتفاوض عليها مع الحكومة المصرية؟.
والأغلب أن بعثة الصندوق لم تحضر إلى مصر إلا بعد تنفيذ الحكومة لكل شروط الصندوق، والأغلب أنها مفاوضات وهمية وفسحة لأعضاء وفد الصندوق لزيارة معالم مصر السياحية.