بعد فيلمي "الجزيرة 2" و"اشتباك".. هل تكشف أعمال "آل دياب" الفنية انتماءاتهم السياسية؟.. أبناء "التيار الإسلامي" رفضوا بداياتهم ثم عادوا ليمجدوهم
بكل تأكيد فإن كل إنسان له توجهاته وانتماءاته وأهوائه، ولكن الفن له من المعايير ما يجعله منزه من كل شيء، يحمل قيمته ورسالته الفنية التي تحمل الخير والسلام للبشرية، بكل أطيافها دون النظر إلى ماهية المشاهد من عرق ولون ودين، وعندما نتحدث عن الفن نقصد الفن الحقيقي الذي أوجدته قيمته ورسالته في الوجود الإنساني، ولا نتطرق بأي حال إلى الفن التجاري الذي لا يفكر إلا في الربح المادي.
الفن ثابت والأهواء تتبدل
يحمل الفن دائما الرسالة الفنية التي تحمل الخير والسلام للبشرية، والتي قرر مبتكر ذلك الفن سواء مكتوب أو مرأي أومسموع، والتي بكل تأكيد تحمل النظرة والخط المرسوم الذي ابتكره خالقه، والتي إن جردها أحد المشاهدين من ماهيتها الحقيقية ورسالتها المرجوة، تتحول إلى المسخ الذي ينظر إليه كل إنسان حسب أهوائه وأهدافه وانتماءاته، فيبدأ في انتقادها بغير مافيها، واتهامها بغير ما تمتلك أو تهدف، فما بالنا إن كان ذلك المجرد للفن من قيمته الحقيقية متعصب أو متطرف أو منحاز فكيف تكون رؤيته إلى الفن وقيمته الحقيقية، خصوصا وإن كانت بعيدة عن فكره وأهدافه، فكيف تكون نظرة من يكفرون الفن إلى رسالته؟!
الجزيرة 2
تناول فريق عمل فيلم الجزيرة 2 ومؤلفوه وكاتبو السيناريو والحوار للفيلم هم آل دياب: محمد دياب، خالد دياب، شيرين دياب، فترة ثورة الـ25 من يناير وما بعدها، وحاول صناع الفيلم من ممثلين وإخراج للمخرج الشهير شريف عرفة، أن يتناولوا تلك الأحداث بصورة من الموضوعية والوضوح، بل تنبأوا بالعنف الداعشي والجماعات الإرهابية من خلال طرحهم لفرق "الرحالة" الذي لا تطأ قدمهم على مكان واحد إلا ويدمروه، كما أنهم لا يعرفون استقرارا، بل إنهم يستشهدون بآيات من القرآن الكريم وأحاديث من السنة الشريفة، في غير موضعها الحقيقي وسياق وتفسير الأية أوالحديث في سبب وموضع نزوله.
وكان على أبناء تيارات الإسلام السياسي أن نظروا إلى العمل على أنه موجه لعداء التيار الإسلامي على وجه العموم، مصنفينه العمل الذي يقسون على الثورة ويشوه حقائقها، غافلين عن حقيقة وقيمة التنبؤ بجماعة داعش التكفيرية.
"اشتباك"
عاد آل دياب إلى الساحة السينمائية بعمل أكثر في القيمة الفنية، والرسالة الإنسانية السامية، فتناول عملهم حدث سياسي آخر أكثر شائكية، وهو فكرة عربة الترحيلات والتي ثار من أجلها الشارع السياسي، ولاتزل قضيته محل بحث القضاء وتقصي الحقائق، فكان العمل هذه المرة أكثر قبولا من فئة عريضة من أبناء التيار الإسلامي، ورفض كبير من معارضي جماعة الإخوان الإرهابية والتيارات الإسلامية، الذي وصل بعضهم إلى تصنيف فريق العمل للمنتمين إلى جماعة الإخوان، أو مروجي لأفكارهم.
وإذا نظرنا إلى أي عمل بهذه الصورة من الانتمائية والهوائية، فإننا نظلم الفن وقيمته الحقيقية في الاستلهام من الواقع والاستفادة منه، وتطويعه لأي جهة يشاءها، وأي مناح يبغاها.
وحاول دياب عبر السيناريو والشخصيات التي رسمها أن يُبَسِّط طبيعة وحقيقة الوضع الفعلي في مصر منذ سقوط الرئيس المعزول محمد مرسي، وامتداد هذا حتى الوقت الراهن، من خلال طرح حالة الانقسام بين طرفين أو ثلاثة أو حتى أكثر، بشكل أعمق من مجرد تضاد أو تضارب أو حتى انقسام واشتباك جدالي حول وجهات نظر متباينة ومتغايرة، ترى كل منها أنها هي وحدها على حق دون الجميع.