الخطبة المكتوبة تشعل حرب الإمام والوزير.. هيئة كبار العلماء ترفض تطبيقها.. و"الأوقاف" تتحدى: ماضون في تعميمها.. و"الشؤون الإسلامية": استبعاد "الورقة" الأقرب للتنفيذ
على أبواب المساجد بدأت معركة بالظهور كانت خفية بعض الشيء بين العمائم البيضاء، تدور خفاياها بين مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف، فما زالت الخطبة المكتوبة محل إثارة وجدل حتى الآن بين كل الأطراف بلا استثناء، بعد أن رفضت هيئة كبار العلماء الخطبة المكتوبة مُعتبرةً هذه الخطوة تجميدًا للخطاب الديني.
تجميد للخطاب الديني
فقررت
هيئة كبار العلماء بالإجماع رفض الخطبة المكتوبة، معتبرة هذه الخطوة تجميدًا
للخطاب الديني، مُؤكِّدة أنَّ الأئمة يحتاجون إلى تدريبٍ جاد وتثقيف وتزويدهم
بالكتب والمكتبات؛ حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذَّة بالعلم والفكر
الصحيح، وحتى لا يتَّكئ الخطيب على الورقة المكتوبة وحدها؛ مما سيُؤدِّي بعد فترة
ليست كبيرة إلى تسطيح فكرِه وعدم قدرته على مناقشة الأفكار المنحرفة والجماعات
الضالة التي تتَّخذ الدِّين سِتارًا لها، وتستخدم من بين أساليبها تحريف بعض آيات
القُرآن الكريم والأحاديث النبوية عن مواضعها، والتلبيس بها على أفهام عوام
المسلمين؛ مما قد يُصعِّب على الإمام مناقشة هذه الأفكار وتفنيدها والرد عليها
وتحذير الناس منها، وهو الأمر الذي يوجب مزيدًا من التدريب للخطيب والداعية
وإصقاله بمهارات البحث العلمي والدعوة والابتكار حتى يستطيع الحديث بما يناسب
بيئته والتغيرات المتطورة كل يوم، وحتى يجتمع الناس من حوله منصتين إليه.
ماضون في
تعميم الخطبة الاسترشادية المكتوبة
أصرت
وزارة الأوقاف على تطبيق الخطبة المكتوبة رغم إعلان هيئة كبار العلماء والأزهر
الشريف رفضهما لها رسميا، وكلف الوزير أئمة الأوقاف بالتنفيذ إلا أنه أعلن عدم
إلزام باقي الأئمة التابعين للأزهر بتنفيذها إلا بعد اقتناعهم التام بأهدافها.
فأكد
الشيخ جابر طايع وكيل أول الوزارة رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، بأن الوزارة
ماضية في تعميم الخطبة الاسترشادية المكتوبة، وأنه سيعقد مزيدًا من الاجتماعات مع
القيادات والأئمة لشرح آليات تطبيقها عبر الحوار والإقناع دون إكراه، فزمن القهر
قد ولى، وأكد أن ثقة الوزارة في أئمتها بلا حدود.
وطالبت
وزارة الأوقاف، بضرورة الالتزام إما بنص الموضوع أو بجوهره كعمل تنظيمي للقضاء على
الفوضى في الخطاب الديني، وذلك ولحين الانتقال من الخطبة الاسترشادية إلى الخطبة
المعدة من اللجنة العلمية المشكلة لذلك في إطار استراتيجية الأوقاف الشاملة لنشر الفكر
الإسلامي المستنير كمشروع فكري وتنويري كبير.
صراع المصالح بين المشيخة
و"الأوقاف"
ويقول
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، لـ"العربية
نيوز"، إن هناك صراعًا كبيرًا بين مشيخة الأزهر الشريف ووزير الأوقاف الدكتور
محمد مختار جمعة، واصفًا ذلك بصراع المصالح الخاصة.
وأكد
أستاذ الشريعة الإسلامية، أن قرار هيئة كبار العلماء برفض الخطبة المكتوبة جاء
ليصحح المصار، لافتا إلى أن مستشارين الوزير هم من جاملوه على حساب الدين في فكرة
تطبيق الخطبة المكتوبة، فعلماء جامعة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، وهيئة كبار
العلماء، من أول لحظة قالوا إن قرار وزير الأوقاف بتنفيذ الخطبة المكتوبة مخالف
للشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن المنقول عن النبي صلى الله علية وسلم، أن الخطبة
ارتجالا لما لها من تواصل نفسي بين الخطيب والمتلقى.
وأضاف
"كريمة" أن وزارة الأوقاف تعدت على دور الأزهر الشريف، فلماذا لم تستطلع
رأي علماء الأزهر في البداية لكن ما حدث هو استبداد للرأي، مشيرا إلى أن معظم
الخطباء رفضوا فكرة الخطبة المكتوبة، ومن وافقوا الوزير على هذه الفكرة ليسوا
خطباء، مؤكدا أن وزارة الأوقاف كادت أن تجمد الخطاب الديني.
استبعاد
الورقة من الخطبة المكتوبة بعد رفض "كبار العلماء
وأوضح
الدكتور عبدالغفار هلال، عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر السابق، وعضو
المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لـ"العربية نيوز"، أنه لا يوجد أي صراع
بين مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف، على تنفيذ الخطبة المكتوبة، مشيرا إلى أن ما
يحدث هو مجدر إبداء للرأي، فكل منهما يكمل بعضة البعض، فالأصل هو الأزهر الشريف
وتعاوني وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية.
وأكد
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن هيئة كبار العلماء لم ترفض فكرة الخطبة
الموحدة المكتوبة، لكنها رفضت أن يكون مع الخطيب على المنبر ورقة يقرأ منها
الخطبة، لافتا إلى أن الخطبة المكتوبة توفر على الخطيب مادة علمية يستطيع أن
يستفيد منها.
وأضاف
"هلال" أن بعد رفض هيئة كبار العلماء لفكرة الخطبة المكتوبة، يمكن أن
يتم استبعاد وضع ورقة مع الخطيب، فيمكن أن يحفظ الخطبة التي أعددتها وزارة الأوقاف.