بعد انتشار ظاهرة مراكز "بير السلم".. خبراء نفسيون يتحدثون عن "التنمية البشرية".. "حسن": نساعد الإنسان على النجاح في عمله.. "خطاب": علم له قواعد وأصول.. "الشرقاوي": علينا مواجهة غير المتخصصين
منذ بدء الخليقة، ومراحل تطورها، والعلم هو الأساس الذي يغيّر شكل العالم وخريطته الفكرية، وباختلاف العلوم وتنوعها، حفظ علم النفس لذاته حالة متفردة من اهتمام الناس وإنجذابهم له ولقيمته التي لمسوها في حياتهم اليومية من إدراك لذاتهم ووعيهم بأهدافهم وقدراتهم وملكاتهم.
التنمية البشرية من العلم للسبوبة
يعتبر علم التنمية البشرية من الفروع الحديثة في علم النفس، والذي لاقي رواجًا كبيرًا على الساحة في الآونة الأخيرة على مستوى العالم، أما في مصر فإن الرواج العلمي للتنمية البشرية أخذ منحى آخر، وشكلا مختلفًا بانتشار شديد لمراكز التدريب المختلفة التي يقودها أناس من غير المتخصصين والذي ينتهكون قدسية العلم بأريحية شديدة، وتحت مسمى متلون باسم العلم محققين أرباحاً تجارية بمواد أشبه بالقصص والحكايات والأقوال المأثورة.
ويرصد "العربية نيوز" آراء الخبراء حول علم التنمية البشرية وماهيته وقيمته الحقيقية كعلم له أصوله وقواعده:
"دكاكين تجارية"
أوضح دكتور فتحي الشرقاوي، أستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة عين شمس، أن علم التنمية البشرية مجموعة من البرامج التي تستهدف تنمية وثقل مهارات الفرد في التعامل مع الآخرين والتواصل المجتمعي من خلال بعض البرامج كمواجهة الضغوط واكتساب الثقة بالنفس والعديد من المهارات الإنسانية.
وأضاف أستاذ علم النفس في تصريح لـ"العربية نيوز"، أن ما يحدث على الساحة من إقبال على محاضرات لغير المتخصصين في العلوم الإنسانية من علم نفس واجتماع وفلسفة معتمدين على بعض القصص والكلام الإنشائي أمر كارثي يتولى مهاجمته بقوة حفاظًا على العلم الذي تحول إلى دكاكين تجارية رخيصة ومراكز للاستثمار، مؤكداً أن من يقال عليهم مدربين ببرامجهم الزائفة لا يمتوا للعلم بصلة معتمدين على دعاية زائفة فأصبحت مهنة من لا مهنة له مطلقين على أنفسهم الألقاب وهم أبعد ما يكونون عنها.
وأشار الشرقاوي إلى أن مدرب التنمية البشرية له شروط وسمات أساسية كالمرونة والطلاقة اللفظية والقدرة على التفاعل والتواصل وحل المشكلات، مضيفا أنه من العجيب أن تجد شخصًا يعاني من أزمات ومشكلات ويعلن عن نفسه أنه مدرب في حل المشكلات.
وتابع: هذا يثير السخرية ففاقد الشيء لا يعطيه ولكنهم يلعبون على وتر احتياج الناس استغلالًا لجهلهم عن طبيعة العمل معتمدين على دعايا وشهادات وهمية اعتمادًا على عدم الرقابة القانونية لمثل هذه المراكز.
انتهاك لقيمة التنمية البشرية
نوه الدكتور محمد خطاب، أستاذ علم النفس في كلية الآداب جامعة عين شمس في تصريح لـ"العربية نيوز"، بأن مصطلح التنمية البشرية هو علم له أصوله وفنه وقواعده، وإن ما يحدث على الساحة من دورات تدريبية يخرج المشارك فيه مطلقا على نفسه لفظ مدرب التنمية البشرية أمرًا كارثيًا.
وأضاف أستاذ علم النفس أن أغلب المراكز والتي يمكن وصفها بمراكز "بئر السلم" تسمح لنفسها بتقديم دورات في فترات زمنية قصيرة من خلال برامج هي عبارة عن مجموعة من القصص للناجحين والأقوال المأثورة، غير معلم التنمية البشرية القائم على مزيج من علم النفس وعلم الإدارة والذي يحظى باهتمام أغلب المؤسسات الدولية.
وتابع خطاب، أن عدم وجود نقابة للأخصائيين النفسيين، سبب ذلك اللغط والتدخل من غير المتخصصين، مشيرًا إلى أن التنمية البشرة علم جدير بالاهتمام لا العبث فهو علم يهتم بالمهارات الشخصية والقدرات العقلية والتوظيف الإداري للموظف المناسب في المكان المناسب وغيرها من الفروع التي تهتم بإدراك الجانب النفسي إضافة إلى الجانب التنموي لمهارات وقدرات الإنسان.
نساعد الإنسان على النجاح في عمله
قال علاء الدين حسن، مهندس اتصالات ومدرب تنمية بشرية، إن التنمية البشرية ليست علما أساسيًا؛ إنما مجال مشتق من عدة علوم كعلم النفس والاجتماع والدين، مؤكدًا أنه لا توجد شهادة أو تخصص أو جامعة معتمدة تمنح شهادة معتمدة بدرجة علمية في التنمية البشرية حتى أكبر المراكز الموجود في مصر "مركز إبراهيم الفقي".
وأضاف مدرب التنمية البشرية في تصريح لـ"العربية نيوز"، أن المجال أصبح محط اهتمام العديد من غير دارسي علم النفس والاجتماع والعديد من الشيوخ والدعاة الإسلاميين مثل مصطفى حسني وطارق سويدان، مؤكدًا أن مهارات التنمية البشرية أمر يساعد الإنسان على النجاح في عمله والتواصل الجيد مع أفراد المجتمع.
وأعرب حسن عن استيائه من مراكز التدريب المنتشرة والتي تهتم بالربح المادي وحسب، من خلال اهتمامها بالكم العددي للحاضرين دون النظر إلى الاهتمام بالكيف المقدم مستغلين الدعايا، واسم له شهرته يقدم البرنامج التدريبي وشهادة مضروبة يعلن أنها من الخارج حتى لا يبحث أحد عن صحة مصدرها مكتفين بقوة اسمها على مسامع الآخرين.
وأشار مهندس الاتصالات إلى أن التدريب على مهارات التنمية البشرية أمرًا يحتاج إلى ثقل ولا يمكن اختصارها في فترات موجزة بل يحتاج إلى ثقل معلوماتي ونفسي ومعنوي يظهر أثره على أداء المدرب.
