في الذكرى الثالثة لتفويض 26 يوليو.. محاربة الإرهاب مرتبطة بالدعم الشعبي.. الحشود تمنح الثورة شرعية.. المغزى لا يعلمه إلا الرئيس.. والأيام تُثبت بُعد نظر السيسي
طالب يوم 24 من يوليو 2013، وزير الدفاع المصري آنذاك، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع الجمعة التالية لبيانه لمنح الجيش والشرطة تفويضًا شعبيا لمواجهة العنف والإرهاب.
وقال "السيسي" في كلمته خلال حفل تخرج لطلاب من أكاديميتين عسكريتين، إن الجيش والشرطة يحتاجان إلى تفويض لمواجهة أي عنف أو إرهاب خلال الفترة المقبلة، وناشد الشعب المصري تحمل المسئولية مع الجيش والشرطة في مواجهة ما يحدث في الشارع.
فلماذا لزم محاربة الإرهاب تفويضا في ذلك الوقت؟ وهل احتاج الرئيس وقتها أن يتأكد من ثقة الشعب المصري به فرغب في أن يكون ذلك بداع مواجهة الإرهاب؟ أم كانت الرغبة في الشرعية الثورية هي الأساس؟.
حشود "التفويض" منحت الشرعية الكاملة لـ"30 يونيو"
في البداية يقول جمال أسعد الكاتب والمفكر السياسي، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، إن طلب عبد الفتاح السيسي في 26 يوليو 2013، التفويض الشعبي والنزول في مليونية يوم الجمعة التالية لخطابه، له أكثر من مغزى، بعضها كان مباشرًا كالرد على تصريحات الإخوان المنادية بالعنف، وأحداثهم الإرهابية أمام جامعة القاهرة "أحداث بين السرايات"، وغيرها من المؤشرات التي كانت تشير إلى تنامي الأحداث الإرهابية.
وأضاف "أسعد"، إن الهدف غير المباشر والأهم الذي رغب فيه السيسي، كان تأكيدًا لشرعية ثورة الـ30 من يونيو، والتي بدأت تنقسم حولها بعض الدول ما بين وصفها بالثورة أو الانقلاب، فكانت الحشود المليونية لتؤكد حقيقة وطبيعة المشهد، وأن 30 يونيو ثورة شعبية رضخ فيها الجيش لمطالب شعبه، فالانقلاب يبقى انقلاب إذا لم يرتضه الشعب، وجاءت حشود التفويض أكثر بكثير من حشود 30 يونيو وما تلاها لتمنح الشرعية الثورية للنظام القائم، وتسقط أي محاولة للإخوان للتواجد في المشهد.
المغزى لا يعلمه إلا الرئيس
ومن جانبه، قال أحمد بان، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، في تصريحات لـ"العربية نيوز" إن "طلب عبد الفتاح السيسي من الشعب المصري، النزول بالملايين لتفويضه في مواجهة الإرهاب المحتمل آنذاك، يوم 26 يوليو 2013، لا يمكن الاستدلال على سببه الحقيقي إلا من خلال الرئيس السيسي نفسه".
وأضاف "بان"، أنه قد يكون سبب ذلك هو أن يظهر الوضع في مصر على نحوه الصحيح، فتظهر الحشود في مشهد مساند لقرار القوات المسلحة، ملتفين معًا في مواجهة أي إرهاب يمكن أن يحدث، ويكون في ذلك رسالة واضحة للإخوان بأن الشعب قد تكاتف أمامهم فلا داع لحدوث أي عنف أو إرهاب، تحت ستار استرداد الحقوق المزعومة من قبل الجماعة.
وأوضح "الخبير في شئون الحركات الإسلامية"، أن أية محاولة للتكهنات بسبب القرار لن تتجاوز حدودها في الفرضية والاحتمال، خصوصًا أن مكافحة الإرهاب أمر لا يحتاج إلى التفويض في الأساس، وبصفة "السيسي" كان على رأس القوات المسلحة، فإنه لا يمكن أن تصدر عنه تلك التصريحات، إلا إذا كان وراءها سبب ما، لا يعلمه إلا الرئيس.
بُعد نظر السيسي
كما يري عمرو عمارة، رئيس حزب العدالة الحرة "تحت التأسيس" في تصريحات لـ"العربية نيوز"، أن "طلب عبدالفتاح السيسي وقت كان وزيرًا للدفاع، التفويض الشعبي لمواجهة الإرهاب، يدل على أنه كان مدركًا خير إدراك لتداعيات المشهد، والضغط الدولي والتحريض على مصر من بعض الدول الخارجية، فقرر أن تكون تحركاته وفق الحاضنة الشعبية التي تحميها، وتحفظ تحركاتها".
وأضاف "عمارة" أن عبد الفتاح السيسي وقتها كان بعيد النظر لتبعات المشهد، من خلال الاستناد على بعض التقارير، فكان في طلبه التفويض الشعبي رسالة إلى الإخوان، تبين التفاف الشعب وراء القوات المسلحة ورفضهم أي محاولة تضر بالأمن المصري، وسلامة أراضي الوطن.
وتابع رئيس حزب العدالة الحرة "تحت التأسيس" إن الشرطة قد نجحت في القضاء على مظاهرات الإخوان، بالتوازي مع غيرها من الملفات الأخرى التي تختص بها، إضافة إلى أن وقف العمليات الإرهابية يحتاج إلى منظومة متكاملة أمنيًا وفكريًا، مشيرًا إلى أنه يرى أن الحوادث الإرهابية بسيناء تراجعت للغاية لنجاح القوات المسلحة في إحكامها، لكن الأزمة الحقيقية في انتشار ثقافة الموت، وانضمام عدد ضخم للإخوان بعد ثورة 25 يناير.