"فاروق" الأول.. آخر ملوك مصر الذي عزله الضباط الأحرار ورفضوا محاكمته
مع تعدد الإيجابيات، وتواجد بعض السلبيات إلا أن الميزة الأبرز والأهم لثورة 23 يوليو هو القضاء على فكرة الحاكم الأجنبي، فظلت مصر لأكثر من 1500 عامًا لم يحكمها مصري واحد على الإطلاق، ثم جاءت ثورة 23 يوليو 1952 وغيرت كل المقاييس، وحققت نجاحات لم تكن في الحُسبان.
يعد الملك فاروق آخر ملوك المملكة المصرية وآخر من حكم مصر من الأسرة العلوية، استمر حكمه مدة ستة عشر سنة إلى أن أطاح به تنظيم الضباط الأحرار في ثورة 23 يوليو وأجبره على التنازل عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها ستة شهور والذي ما لبث أن عزل في 18 يونيو 1953 بتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية.
ملك مصر والسودان
عاد الأمير فاروق إلى مصر في 6 مايو سنة 1936 وهو التاريخ الذي اتخذ فيما بعد التاريخ الرسمي لجلوسه على العرش، ونصب ملكا على البلاد خلفا لوالده الملك فؤاد الأول، وذلك وفقا لنظام وراثة العرش وضعه الملك فؤاد بنفسه بالتفاهم مع الإنجليز.
موقف ضباط 23 يوليو من "فاروق"
استمر حكم فاروق مدة ستة عشر سنة إلى أن أرغمته ثورة 23 يوليو 1952 على التنازل عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها ستة أشهر، وفي مساء يوم 26 يوليو 1952 غادر الملك فاروق مصر على ظهر اليخت الملكي المحروسة، وأدى الضباط التحية العسكرية وأطلقت المدفعية 21 طلقة لتحية الملك فاروق عند وداعه، وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار والذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر بينما أراد بعضهم محاكمته وإعدامه كما فعلت ثورات أخرى مع ملوكها، إلا أن قرار النفي كان القرار المرجح من الأغلبية.
"فاروق ما بعد العزل"
كانت الإسكندرية قد تحولت، وتحديدا قصر التين، يوم 26 يوليو، إلى ثكنة عسكرية تحيطها الدبابات والطائرات ووصل اللواء محمد نجيب ومعه أنور السادات وجمال سالم ليبلغوا على ماهر رئيس الوزراء أن يقدم للملك عريضة التنازل وتم بموجبها التنازل للحكم للأمير أحمد فؤاد وتكوين مجلس وصاية مكون من الضباط الأحرار ووافق فاروق ورحل في يخته الشهير المحروسة وتم إطلاق المدافع له وكان في توديعه اللواء محمد نجيب.
وكان قرار النفي مرجحا من قبل جمال عبدالناصر، رافضا رغبة جمال سالم في إعدام الملك، فقال ناصر "لندع التاريخ يحكم علي فاروق".
الشائعات تطارد فاروق
لم يسلم فاروق من الإشاعات بمجرد تركه مصر بل ترددت حوله الأقاويل وهو لايزال على يخت المحروسة، فقيل إنه اصطحب معه كنوز مصر وعددا من القطع الأثرية ورغم نفى جلال علوية قائد يخت المحروسة وقتها أنه لم يصطحب معه أي شيء، إلا أنه كان يملك رصيد ضخم وصل إلى 5 ملايين جنيه.
وكشفت الملكة فريدة زوجته الأولى في حديث لها قبل وفاتها أنه لم يأخذ شيئا وإن كانت حاشيته أخذت بعض الكنوز أثناء رحيلها لكن دون علمه.
اغتيال أو "وفاة طبيعية"
اتجه الملك فاروق بعدها للعيش في إيطاليا وهو المنفى الذي اختاره وتنقل بعضها في الكثير من الأماكن حتى تم وفاته عام 1965 في أحد النوادى الليلية بروما ورغم إثارة الشكوك حول اغتياله عن طريق القيادة المصرية وتحديدا على يد إبراهيم البغدادى الذي كان يعمل في الفندق بتكليف من القيادة المصرية للتأكد من شائعة عودته لمصر التي انتشرت في ذلك الوقت إلى أن الأطباء الإيطاليين أكدوا أن وفاته طبيعية بسبب وجبات الطعام الدسمة التي أكلها وأمراضه التي يعانى منها، ورفض عبدالناصر، بعد وفاته، دفنه في مصر وسمح السادات بعد ذلك وتم دفنه في مدافن العائلة في مسجد الرفاعي.
فاروق في كفة الميزان
رغم تعدد السلبيات، وسوء إدارة البلاد والتعامل مع الإحتلال البريطاني، إضافة إلى سفه وسوء خلق فاروق كما يوثق التاريخ، إلا أن الأوضاع الاقتصادية كانت مزدهرة من خلال رواج التصدير للخارج خصوصا القطن ومنتجاته، وذلك ما يتضح في ارتفاع سعر الجنيه وتدني سعر الدولار أمامه، وتبقى رغبة فاروق في الانسحاب عن البلاد دون حدوث أي صدام بين الشعب والجيش، واستخدام قوات الحرس الملكي لحفظ تواجده، سمة مميزة في تاريخه ولم ينسها الشعب المصري.