قتل الفرنسيين على طريقة "أنا أوليجا".. مشاهد السينما تتكرر في مدينة نيس.. الفن أرض خصبة للإرهاب.. "ليلة الباستيل" يحدد ساعة الصفر.. وخبراء: الواقعية السبب
يحكي الفيلم التشيكي "أنا أوليجا" عن فتاة تشيكية شهدت حياة عصيبة مملوءة بالاضطرابات النفسية، حتى قررت الانتقام من البشر أجمعين، فاستقلت شاحنة ضخمة وقامت باختراق ودهس العديد من المواطنين.
أما فيلم "ليلة الباستيل" فيحكي عن مخطط عملية إرهابية، تقام وتنفذ يوم الاحتفال الوطني بفرنسا، والذي يحاول البطل إحباطها والقبض على منفذيها.
وبعد حادث "الدهس" الإرهابي الذي تعرضت له مدينة نيس الفرنسية، وتبعه تفجير إرهابي يوم احتفال العيد الوطني لفرنسا، كان أمرًا ملزمًا أن نطرح التساؤلات حول تشابه ما حدث في الواقع بالفن، فهل وصل ذكاء "الدواعش" إلى استقاء طرق تنفيذ العمليات الإرهابية من الأفلام السينمائية؟، أم بات الفن أرضًا خصبة تخدم على أفكار البعض من مؤيدي ومنفذي الإرهاب؟.
الإرهابيون يستغلون واقعية السينما
في البداية، يقول الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي، في تصريحات لـ"العربية نيوز"، إن "الفن هو التعبير الدرامي عن الواقع، والذي يكشف عن المشاعر والمواقف الموجودة في الحقيقة، ويعرضها في صورة عمل فني درامي أو سينمائي".
وأضاف "إبراهيم" أن الإقبال على فيلم ما يعني أنه نجح في توثيق ما يشعر به الناس في حياتهم، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أو ما يتصورنه بالفعل في الواقع.
وأوضح "أستاذ علم الاجتماع السياسي" أن ظهور مشاهد سينمائية لأفلام تعرض في فرنسا مثل "أنا أوليجا" و"ليلة الباستيل" على أرض الواقع، يوضح خطورة وقيمة رسالة الفن، وأن ينتقي الإرهاب المدعي إعلاء رسالة الإسلام، تلك المشاهد وينفذها، يعد أمرًا مؤسفًا، مؤكدًا أن هؤلاء يسيئون للإسلام أكثر من أعداء الإسلام إن اجتمعوا.
يوضح خطورة رسالة الفن
ومن جانبه، قال الدكتور طارق منصور، وكيل كلية الآداب بجامعة عين شمس، ورئيس قسم الفلسفة سابقًا، في تصريحات لـ"العربية نيوز"، إن "الفن بوجه عام يهدف إلى إصلاح المجتمع، وتوصيل رسالة ذات قيمة".
وأضاف "منصور"، أن أفلام الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات في السينما المصرية والعالمية، كانت تعكس قيمة الفن كصناعة، بدءًا من التأليف، مرورًا بفنان يقدس دور الفن، وأخيرًا المنتج الذي يرغب في إيصال رسالة آدمية دون النظر إلى الأمر من جانب تجاري.
وتابع "وكيل آداب عين شمس"، أن الفن شهد بعد تلك المرحلة توجهًا آخر، حيث أصبحت هناك أفلام توازي أفلام الرسائل والقيم، تعرض مشاهد الأكشن والإثارة بهدف الربح المادي.
واختتم: "أن أمر استقاء الإرهاب أحداثًا معينة من الأفلام وتطبيقها على أرض الواقع كأحداث "الدهس" الأخيرة في نيس، كما عُرض في فيلمي "أنا أوليجا"، و"ليلة الباستيل"، يوضح قيمة الفن، وخطورة رسالته التي لا يجوز التهاون بها، التي تعتبر مادة خصبة لضعاف النفس والمحطمين وراغبي الانتقام".
طرح الإيجابيات
كما
ترى الدكتور سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، في تصريحات
لـ"العربية نيوز" أن للإعلام دورًا كبيرًا في تشكيل الوجدان والسلوك
الإنساني.
وأضافت
"خضر" أنه من الضروري أن تعود السينما المصرية إلى مكانتها كصناعة
شاملة، تحتوي على كتاب وفنانين ومنتجين يسعون جميعًا إلى إرساء قيم حضارية، حتى يتم انتشال الواقع مما يبث في المسلسلات التليفزيونية وأفلام الرقص والمخدرات.
وأوضحت
"أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس"، أن عملية انتقاء الإرهاب لمشاهد
سينمائية معينة، مثل التي في فيلمي "ليلة الباستيل" و"أنا
أوليجا"، يعد انعكاسًا لخطورة الدور الذي يلعبه الفن، وكيف يمكن توجيه الآراء
والقناعات من خلاله.
واختتمت:
"دور الإعلام يفوق دور الأسرة ودور أماكن العبادات"، مؤكدة أن الفن
قديمًا عندما عرض بعض الأفكار السلبية كان لا ينهي العمل إلا بإلقاء الضوء علي
الجزء الإيجابي الأخلاقي المفقود، والمتسبب في تلك السلبية.