الدولة تمهد بـ"الخطبة المكتوبة".. لافتات "كوبري أكتوبر" مساعٍ أزهرية نحو تجديد الخطاب الديني.. خبير: فلسفة المصريين بها إشكالية.. "بان": الحكومة متخاذلة.. و"حمزة": نحتاج للتحصين
انتشرت خلال الفترة الأخيرة لافتات عملاقة باهظة الثمن تابعة للأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، تحمل شعارات "الإسلام دين السماحة ونبذ العنف"، على جانبي كوبري أكتوبر.
وأرجع البعض تعليق تلك اللافتات إلى ترويج الأزهر والأوقاف لملف تجديد الخطاب الديني، إلى جانب العمل على ترسيخ فكرة "الخطبة المكتوبة" لدى الجماهير، خصوصًا أن التجربة دخلت بالفعل حيز التنفيذ وإن كانت لم تطبق بشكل عملي حتى الآن.
وبين هذا وذاك، تباينت آراء الخبراء والمتابعين حول جدوى تلك الإعلانات ومدى تقبل المجتمع لها، بالإضافة إلى مساعي أجهزة الدولة "الدينية" نحو البحث عن المدخل الصحيح للقيام بأدوارها في تنقية بعض المفاهيم التي اعتاد الناس عليها من بعض التوجهات المتطرفة.
بوابة الفهم الديني "الأساس"
وأضاف "أبوالسعد" أن الأزهر يفهم تجديد الخطاب الديني بمعني السيطرة على المساجد، والخطبة ذات الموضوعات المملة، وإقصاء الإخوان والسلفيين من المشهد، وأن غيرهم ممن يتناول الملف، كما يرى أن الملف يستهدف تنقية الدين من بعض الشوائب التي تحولت مع الزمن إلى ثوابت.
وأوضح "الخبير في الشئون الإسلامية"، أن الدين ثابت، وأن الشعب المصري يرتبط بالدين ارتباطًا وثيقًا ذا طابع مميز، ففلسفتنا في فهم الدين بها إشكالية كبيرة، فقديما كان مفهوم التدين في اللحى وإقامة السنن.
وأشار إلى أن تناول ملف تجديد الخطاب الديني يحتاج إلى حوار مجتمعي كبير للمسلمين بمصر، للوقوف على صحيح الدين، والتطبيق العادل له، فالدين جاء لتنظيم علاقة البشر مع بعضهم، ومع الخالق، وإن الأولوية في الأساس هي تنظيم التعامل بين البشر مما يحفظ سلام التواجد الآدمي.
واختتم بأن تناول الملف يحتاج إلي البوابة الصحيحة، ولا يجب أن يعيق شيخ الأزهر أي متناول لنصوص الدين كصحيح البخاري محاولا تنقيته، كما يجب على المتناول أن يعي شدة ارتباط الشعب المصري بالدين فيتعامل مع الأمر بالحكمة والهدوء الشديد، فتجديد الخطاب الديني يحتاج إلى البوابة التي توصل إلى الفكر الأعم الذي يتم تناوله كخطاب ديني.
تخاذل الحكومة
ومن جانبه، قال أحمد بان الخبير في شئون الحركات الإسلامية، في تصريحات لـ"العربية نيوز" إنه مع الأسف الشديد فإن الحكومة متخاذلة مع ملف تجديد الخطاب الديني، مثل الكثير من القضايا التي تتعامل معها، حيث إن الخطبة المكتوبة أو الموحدة، ولافتات الأزهر على الكباري.
وأضاف "بان" أن قضية الخطاب الديني أكبر بكثير من خطبة الجمعة، رغم قيمتها المجتمعية، فالملف يحتاج إلى الاشتباك مع العديد من الثوابت، التي توضح المؤشرات عدم وجود نية حقيقية من الأوقاف والأزهر على تطويرها.
وأوضح "الخبير في شئون الحركات الإسلامية"، أن الخطبة في النهاية اشتباك في محيط معين يحدده الإمام، ويحدد أولوياته، مشيرا إلى أن اختزال الملف بهذه الصورة التي لا تفتح باب الاجتهاد، والمعارف ومراجعة التراث لن يضيف شيئًا، ويبقى الوضع على ما هو عليه.
وأكد أن الاشتباك مع جوانب الملف وخباياه، لا ينجح إلا في بيئة منفتحة فكريًا وثقافيًا وفنيًا، وهذا شيء غير متوفر على الإطلاق.
الخطبة المكتوبة عائق
ويرى مصطفى حمزة، مدير مركز دراسات الإسلام السياسي، أن ملف تجديد الخطاب الديني يحتاج إلى
استراتيجية شاملة تبدأ بالفهم الصحيح للكتاب والسنة، ومحاولة تفهيم المسلمين لصحيح
الدين بشتى الطرق، ولا يصح أن نعلن أنه يتم ذلك بالخطبة المكتوبة أو الموحدة، أو
لافتات تعلق على الكباري.
وقال
"حمزة" في تصريحات لـ"العربية نيوز"، إن الخطوة الثانية تقتضي
بالقضاء علي الأفكار المتطرفة التي تسيء إلى الإسلام، والتي يروجها الدواعش
والجماعات الإرهابية من خلال الاستدلال بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، مما يحدث لغطًا
وقلقًا عند المسلمين.
وتابع:
"الخطاب الديني يحتاج أن يصل الداعية إلى الناس في منتدياتهم من مقاهي وصفحات
تواصل اجتماعي وخلافه من الوسائل التي يرتادها الشباب، وكنا تفاءلنا بالقوافل التي
دعا إليها شيخ الأزهر، ولكن مع عدم تنفيذها بتنا نشك في مدى رغبة الأزهر البت في
الأمر".
وعن
الخطبة المكتوبة أوضح "مدير مركز دراسات الإسلام السياسي"، أن الخطباء
لا يحبذون التقيد بالكتابة، فالخطابة هي فن الإلقاء لا القراءة، وبالتالي تكون
الخطبة المكتوبة عائقًا للخطاب الديني، إضافة إلى أن إقصاء العديد من الخطباء
الجيدين من غير الأزهريين أمر يبين أن عملية الاستفادة من خطبة الجمعة لن تكون
بالشكل السليم، خصوصًاوأن العديد من أئمة الأزهر يحتاجون إلى الإعداد، إضافة لنقص
عددهم نسبة لعدد المساجد.
واختتم
بأن مناهج الدراسة بالأزهر جزء أصيل لخلق الأرضية القابلة لتلقي تجديد الخطاب
الديني، فالمناهج بها رواسب مما تعتمد عليها الدواعش، موضحًا أنه يجب أن تضاف مادة
في الأزهر والتعليم العام تحارب الفكر الداعشي، بغرض التحصين الاستباقي.