مفتي الجمهورية في محاضرة تاريخية بجامعة "بون" الألمانية: مصر صامدة في حربها على الإرهاب.. الفكر المتطرف يعتمد على الصدام مع الآخر.. الجهاد مشروع في حالة الدفاع عن النفس
دائما ما تحاول المؤسسات الدينية فى مصر محاربة الفكر المتطرف وتقويم المصطلحات المغلوطة عن الدين الإسلامى، وذلك خلال البعثات والمؤتمرات التى تقام فى كل دول العالم من أجل تصحيح صورة الأسلام ونشر ما هو حقيقى عن الدين الحنيف والحضارة الإسلامية، هذا ما أكده الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، خلال محاضرته التي ألقاها أمس في جامعة "بون" العريقة بألمانيا.
مصر مازالت صامدة ضد الإرهاب
فى البدتية أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن مصر مازالت صامدة في حربها على الإرهاب، وستقضي عليه بفضل جهود أبنائها المخلصين، لافتا إلى أن الوجود الإسلامي في أوروبا اليوم وفي الغرب بشكل عام ليس وجودًا طارئًا أو استثنائيًا، ولم يعد مجرد جماعات مهاجرة للعمل لا تلبث أن تعود إلى بلدانها، بل أصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي لسكان تلك البلاد.
وأشار "علام" إلى أن المسلمين هناك يمكن أن يمثلوا حلقة وصل للحوار الحضاري والتواصل الثقافي والفهم والاستيعاب المشترك، دون ذوبان، أو فرض أنماط ثقافية ودينية معينة على أصحاب المعتقد من الجانبين، مؤكدًا على أن المسئولية المشتركة تحتم علينا جميعًا أن نعمل سويًا لاجتثاث جذور التطرّف والإرهاب على كافة الأصعدة الأمنية والعسكرية والفكرية والاقتصادية.
وأوضح مفتي الجمهورية، خلال المحاضرة التي حضرها 500 من أساتذة الجامعة والمفكرين وصانعي القرار في ألمانيا ومدير الأمم المتحدة بمدينة بون، أن الفتوى الصحيحة تهدف إلى بيان صحيح الدين وتصدر بضوابط ومعايير وشروط محددة عن طريق علماء الدين وهم من نطلق عليهم أهل التخصص.
المتطرفين فى كل الأديان
وأكد أن المتطرفين موجودون في كل الأديان، وليسوا محصورين في الإسلام فقط، لافتًا إلى أنه يجب الاستجابة العاجلة والعمل الجماعي للتصدي لجرائم الإرهاب ومنع وقوعها ضد المدنيين الأبرياء باسم الدين أو العرق أو أية ذريعة أخرى، مشيرًا الى أنه يشعر بالقلق بشأن استغلال العواطف الهوجاء من قبل الجماعات والأحزاب المتعصبة لإلحاق الأذى بالمسلمين هناك وإلقاء اللوم كله على الإسلام".
وأوضح أن الجهاد بمعني القتال مشروع في الإسلام في حالة الدفاع عن النفس أو الدفاع عن الدِّين والوطن، كما أن إعلان الجهاد والانخراط فيه أمران يتعين ألاَّ يقوم بهما أي أحد دون الجهات المختصة، مشددًا على أن الإسلام يحظر الاعتداء على أي نفس بشرية بغض النظر عن دينها أو معتقدها أو عرقها.
الفتوى الصحية تعزز استقرار المجتمع
وأشار علام إلى أن الفتوى الصحيحة هي أداة مهمة في تحقيق استقرار المجتمعات وتعزيز السلم بين أفراده، مؤكدًا أن الفتوى التي تصدر من غير المتخصصين تسبب اضطرابًا كبيرًا في المجتمعات كما نرى الآن، لافتا الى أن دار الإفتاء تسعى الى التواصل مع الجاليات المسلمة في أوروبا ودعمهم من الناحية الشرعية سواء في جانب التدريب أو الإصدارات أو عبر الفضاء الإلكتروني" مؤكدًا على أن دار الإفتاء على أتم استعداد لمناقشة أي تعاون مثمر يصب في مصلحة جميع الأطراف والقضاء على التطرف والإرهاب.
وأكد مفتي الجمهورية حرص دار الإفتاء المصرية على نشر صحيح الدين لأنه السبيل الوحيد لضمان العيش في وئام مع النفس وتعايش مع الآخر، مشيرًا إلى أن الدار تبذل جهودًا دؤوبة لتقديم إرشاد ديني صحيح يؤهل المسلم لأن يتعايش مع غيره، خاصة وأن الفهم الصحيح للتراث الإسلامي والتطبيق السليم له يمثل نموذجًا للتعايش مع الآخر.
الدعاه هم نواة نشر الإسلام الصحيح
وأضاف علام أن الأئمة والدعاة في الغرب هم نواة نشر الإسلام وتصحيح المفاهيم في الخارج، وأنه من الأهمية بمكان أن يتم تدريبهم وتأهيلهم للتعامل مع النصوص الشرعية، والتعاطي مع معطيات الواقع، وامتلاك أدوات وأساليب الخطاب الديني الصحيح الوسطي البعيد عن التفريط والإفراط، وتأصيل الرباط بين الأئمة والدعاة وبين العلماء الثقات والمؤسسات الإسلامية المرجعية في العالم الإسلامي.
وأوضح فضيلته في محاضرته أن فهم الدين على النحو الصحيح يحتاج إلى متخصصين يفهمون النص الشرعي الشريف، ويدركون الواقع المعيش ويعرفون كيفية الوصل بينهما، وأضاف: "نحن بحاجة إلى إشاعة ثقافة احترام التخصص، وأنه يجب تفعيل الحوار في الواقع لا أن يظل حبيس الجدران داخل قاعات.