"الخطبة المكتوبة".. شعار الدولة للقضاء على التطرف.. وزير الأوقاف: تهدف للقضاء على الفكر الإرهابي وليس قتل الأئمة.. وبرلماني: تقضي على التوظيف السياسي لـ"المنابر".. وآخرون: تهدم الدعوة وتقتل الداعية
التطرف الفكرى، والمصطلحات المغلوطة التى باتت منتشرة فى المجتمع وداخل المساجد نجدها فى المنابر التى يعتليها الخطباء، الأمر الذى دفع وزارة الأوقاف فى البداية إلى قرار الخطبة الموحدة منذ أكثر من سنتين، واستمرت وزارة الأوقاف تدافع عن الخطبة الموحدة وتحاول تعميمها داخل كل مساجد الدولة، لكن ظل التطرف الفكرى موجود دون واجهة حقيقية، الأمر الذى دفع وزارة الأوقاف إلى تفعيل الخطبة الموحدة المكتوبة فى كل المساجد، إلا أن مقترح الخطبة المكتوبة فتح، أبواب من النقد والجدل.
الخطبة المكتوبة هى آخر حلول وزارة الأوقاف لمواجهة الفكر المتطرف، حيث أعلنت الوزارة عن تشكيل لجنة علمية لإعداد وصياغة موضوعات خطب الجمعة مع الاستمرار في توحيدها وتعميمها وتكون مكتوبة.
آليات تنفيذ الخطبة الموحدة
من جهته، أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن خطبة الجمعة هى شعيرة دينية تعبدية فى صلاتها وخطبتها، لافتًا إلى أن قيادات الوزارة تؤيد فكرة الخطبة المكتوبة بشكل حقيقى، لافتًا إلى أن لجنة علمية عليا من كبار العلماء ومن الشباب من الأجيال المختلفة بجانب أساتذة علم الاجتماع وعلماء النفس هم من سيضعوا الخطبة المكتوبة، كما أنهم سيضعوا خطة مدروسة دراسة علمية برسائل عامة يفهمها الجميع.
وأكد وزير الأوقاف، أن الخطبة المكتوبة سوف تسلط الضور على أهم المفاهيم والرسائل التى يجب أن توجه للمواطنين، لافتًا إلى أن الهدف من هذه الخطبة أنه من خلال 52 خطبة فى العام ومن خلال 270 خطبة فى خمس سنوات يتم وضع استراتيجية هامة لفهم الدين المستنير، الذى يعالج الفكرر المعوج والأفكار الخاطئة الموجودة فى المجتمع.
وأوضح "جمعة" أن الخطبة المكتوبة سوف تعيد صياغة فكر العقل المصرى والعربى، والإسلامى، وفقا للحضارة الإسلامية بعيدا عن التطرف والغلو، لأننا سننطلق فى هذه الخطبة عبر وسائل الإعلام، بما يحدث تقدم ثقافى فكرى دينى يشترك فيه كل المصريين من أسوان إلى القاهرة يكون أساس للتفاهم المجتمعى، حتى لا تتغلغل الخلايا النائمة في خطب الجمعة وتبث السموم للمواطنين، مشيرًا إلى أن وزارة الأوقاف مؤسسة وطنية تتخذ الإجراء المناسب ضد من يتطاول ويحرض على الدولة ويخالف التعليمات.
الخطبة المكتوبة ليس هدفها قتل الأئمة
وأشار "جمعة" إلى أن هناك عددًا كبيرًا من قيادات الوزارة وافق على الخطبة المكتوبة، لافتًا إلى أن الهدف ليس سياسيًا على الإطلاق، فالهدف دينى من الدرجة الأولى، فنحن نهدف إلى ضبط ميزان الفكر الإسلامى المستنير بمنهجية شاملة سليمة حتى يتم تقديمها إلى أبناء الوطن الواحد.
وأكد "جمعة"، أن الظروف الحالية لا تحتمل الخروج أو التشتت؛ لذلك الخطبة المكتوبة سوف تكون فى صالح الإمام والخطيب أولا، لافتًا إلى أن قضية الخطبة المكتوبة سوف يتبعها تركيز إعلامي، مشيرًا إلى أن هناك تدريبًا للدعاة وكوادر الأئمة، بجانب إنشاء لجان لتنقية التراث، ولجنة علمية من داخل وخارج الأوقاف تقوم برصد مشكلات المجتمع على مرحلتين الأولى مدتها عام والأخرى 5 أعوام.
وأضاف "وزير الأوقاف" خلال اجتماعه، اليوم الأربعاء، بقيادات وزارة الأوقاف، أن الخطبة المكتوبة ليست قتل للإمام، فهى أهم وسيلة لضبط الفكر المستنير، لكننا نتفهم مع الأئمة حتى يفهموا فلسفة الخطبة المكتوبة، لافتًا إلى أن وقتها لن يقل عن 15 ولن يزيد عن 20 دقيقة كحد أقصى.
البرلمان يؤيد الخطبة المكتوبة
ومن جهته، أكد النائب البرلمانى الدكتور معتز النجار تأيده لتعميم الخطبة المكتوبة من أجل صياغة وتشكيل الفكر الإسلامي المستنير، وحرصًا على منع استغلال المنابر في الترويج لأية أفكار خاطئة أو منحرفة تشكل وجدان المجتمع بشكل قد يؤدي إلى التطرف وعدم الانتماء ومحو الهوية أو الفتنة أو الفرقة أو ما يناقض أحكام الدين الإسلامي الحنيف بحضارته السمحة الراقية.
الخطبة المكتوبة تقضي على التوظيف السياسي لـ"المنابر"
وفى السياق ذاته، قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، إن الخطبة الموحدة المكتوبة التى دعى لها وزير الأوقاف، سوف تقضى على كثير من السلبيات كالإطالة فى زمن الخطبة والخروج عن موضوعها، بجانب توظيفها سياسيا، لافتا إلى أنه فى كثير من مساجد العالم يتم تطبيق الخطبة المكتوبة، وهذا الأمر ليس اختراعًا لكن من أجل صياغة الخطاب الدعوى للوصول إلى أداء دعوى متميزة، لشرح الكثير من القضايا المهمة والتى تطرح نفسها على الرأى العام الآن.
وأكد "حمروش"، أن الدولة المصرية تواجه تحديات داخلية وخارجية تستلزم وحدة الصف الوطنى، فى مواجهة من يبث الشائعات ويعمل على نشر الفوضى، مطالبًا بعدم الاختلاف على الخطبة المكتوبة، لأنها تأتي للصالح العام ولصالح الدعوة.
الخطبة المكتوبة هدم للدعوة
ورغم هذا التأييد والتوضيح ظلت فكرة الخطبة المكتوبة محل لغطا كبيرا، داخل الأوساط المجتمعية والدينية، حتى طالب بعد الدعاه والأئمة من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف إلغاء هذا القرار.
فأكد الدكتور سعيد حامد، مفتش الدعوة بوزارة الأوقاف، فى تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أنه يرفض بشكل قاطع الخطبة المكتوبة الإلزامية في مصر، موضحًا أنها تهدم الدعوة وتقتل الداعية، ولا تسمح له بالتجديد والإبداع، وليس فيها أي مسوغ شرعي ولا وجهة حضارية.
وأضاف "حامد"، أن الخطبة المكتوبة نظام عقيم يهدم اﻷفكار والعزائم والهمم، ولو كانت العقول نسخة كربونية واحدة في الدعوة لما صنف النبي "صلى الله عليه وسلم" أصحابه بناءً علي قدراتهم ومهاراتهم، أرأفهم فى دين الله أبو بكر، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وللقضاء على بن أبى طالب.
وتابع "مفتش الدعوة بالأوقاف" أنه إذا تم إقرار الخطبة المكتوبة الإلزامية في وزارة الأوقاف المصرية فمن باب أولى إلغاء كليات الدعوة وقسم الدعوة بأصول الدين بجامعة الأزهر، لانتهاء دورها المنوط بها، فهى تدرس لطلاب العلم بالجامعة، فقه الدعوة ومناهج الدعوة ومقارنة الأديان، وتدربهم على إلقاء الخطب وكيفية تنفيذها.