عاجل
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

فتاوى مشاهير "السلفية" تودي بالشباب للموت في أحضان "داعش".. محمد يحيى ابن مدينة "أوش" في قيرجيزستان: حسان وراء انضمامي للتنظيم الإرهابي.. روبرت فيسك: بلدته كانت موطنًا للمتطرفين الإسلاميين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بعد اندلاع ثورة الـ25 من يناير وما تلاها من أحداث ملتهبة، مرورًا بثورة 30 من يونيو، وما بعدها، وجد أبناء التيار الإسلامي نفسهم في حالة من الزعزعة الفكرية والخلط بين الأهداف والتطلعات، فبدأ العديد من شباب الأزهر، والحركات الإسلامية طريقهم إلى الجماعات المتطرفة، والإرهابية مثل داعش وأخواتها، خصوصًا عندما يسمعون لبعض المشايخ المشهورين والمعروفين، الذي يحللون القتل وسفك الدماء تحت دعاوى الجهاد، والدفاع عن الدين الإسلامي، وإقامة الخلافة الإسلامية.

وها هو "محمد يحيى" شاب في مستهل حياته "غير مصري" ودرس بالأزهر، يصل إلى مدينة الرقة السورية محملًا بالأفكار الجهادية، بعد محطات سرية عديدة ومعقدة، ورحلة مديدة كانت نتاجا لفتوى ألقاها شيخ مضلل لا يعلم توابع ما يعلن، ولا نعلم أسبابه ومصالحه فيما يقول.

الشيخ حسان "يفُتي"
محمد يحيى، ابن مدينة "أوش" في قيرجيزستان، والبالغ من العمر 19 عاما، والذى عمل مترجمًا لدى ما بات يعرف باسم تنظيم "داعش" الإرهابى، كان قد بدأ رحلته من مصر، حيث التحق بجامعة الأزهر لدراسة الشريعة الإسلامة، وذلك حسب ما قال للكاتب البريطانى الشهير روبرت فيسك. 

أوضح يحيى في حواره مع الكاتب البريطاني الشهير من داخل محبسه بسجن "المزة" في سوريا، يحيى أنه ذهب إلى مصر للدراسة بجامعة الأزهر، ومكث بها لمدة عام ونصف، التقى خلالها بالشيخ محمد حسان، صاحب فتوى ضرورة الجهاد في سوريا.

ويروي يحيى: "كنت في جامعة الأزهر عندما أصدر الشيخ حسان فتوى الجهاد في سوريا، وأكد أن كل مسلم عليه أن يذهب للمشاركة في الحرب. وأعطى لكل طالب أشرطة مسجلة توضح الأعمال الوحشية التي يقوم بها جيش بشار ضد الشعب السوري. الأمر الذى دفعني بشدة للقيام بذلك. كما منح حسان مبلغ 100 دولار كهدية لكل طالب".

رحلة "سوريا"

يذكر يحيى أن طالبًا زميله أخبره أن يتصل بشخص يدعى أبو محمد من تركيا، فأشترى تذكرة بقيمة 270 دولارًا للسفر إلى مطار أتاتورك فى إسطنبول، وقابل أبو محمد الذى كان مسؤولا عن مساعدة الجهاديين للسفر إلى سوريا، الذي أحضر لي تذكرة لحافلة تنقلنا إلى أطمة على الجانب الآخر من الحدود، في رحلة امتدت إلى 13 ساعة. وأخبرني أنني لن أواجه مشاكل في تركيا، فيوجد شباب كثير مثلي".

وظل يحيى ليلتين في منزل كبير على الحدود، ثم تم نقله إلى طريق تهريب حيث رأى المئات من الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 يساعدون الناس على عبور الحدود. فالأشخاص الذين يحملون ملامح الشرق الأوسط يمكنهم السير عبر الطريق. أما الأجانب، مثل يحيى، فعليهم سلك طريق المهربين، ثم ذهب إلى "بيت الضيافة" لرجل يدعى سيف الله الشيشانى. وكانت هناك مخيمات اللاجئين في المنطقة المجاورة مع أعلام الأمم المتحدة. وكانت النساء يرتدين الحجاب الإسلامي الكامل. كان هناك الكثير من المنازل لضيوف "داعش" و"جبهة النصرة" و"المهاجرين".

الولاء إلى داعش
التقى يحيى في بيت الشيشاني برجل من قيرجيزستان يسمى نفسه أبو حنيفة، وكان يدرس الشريعة في المملكة العربية السعودية، وسألته عن المنزل الذي سيذهب إليه فأوضح له أن داعش هو الأقوى". ثم انضم يحيى إلى "داعش"، وأعلن ولاءه للتنظيم، الذى وعده بأنه سيتمدد ليضم بلدانًا كثيرة لنشر الإيمان فى أوروبا وروسيا. والتحق بمجموعة من الشيشان وقيرجيزستان، ولاحظ أن هناك مجموعات مختلفة مثل "البيت الألماني والإنجليزي والبلجيكي والفرنسي".

وبينما كان الصراع ملتهبا، ومدمرا في سوريا عام 2013 بين داعش والجيش السوري الحر، وحاول داعش الانسحاب من ريف حلب، لكن المعقل الرئيسي لهم كان محاطًا بقوات الجيش الحر وواقع تحت الحصار. زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، قال إن جميع نساء وأطفال داعش يجب أن يذهبوا إلى الرقة ويبقى الشباب في القتال. وباعتبارى مترجما، ذهبت مع الأسر وبقيت في فندق الأوديسا بالرقة، التى كانت تحت سيطرة داعش".

الفخ والاعتقال
قضى يحيى عدة أيام في الرقة، يعمل مترجمًا لرجال التنظيم الذين يشهدون بانتظام عمليات الإعدام في ساحة "نعيم" بالمدينة. لكن بعد عدة أشهر هناك، تحولت ملحمة "جهاد" يحيى إلى مسرحية هزلية. إذ تعطلت السيارة التي كان يقودها، وأثناء زيارة ورشة لإصلاح السيارات، التقى رجلًا سوريا سأله إذا كان يريد أن يتزوج، "لم يكن يعرف من أين جاء هذا الرجل، لكنه قال له إن له قريبة يمكن أن يلتقي بها في اليوم التالي في الساعة السابعة. ذهب مع اثنين من أصدقائه يحملان أسلحتهم، لكنه ترك الكلاشينكوف الخاص به، ولم يكن يعرف الطريق، فكان بالقرب من قاعدة الطبقة الجوية في منطقة تقع تحت السيطرة السورية".

وصل يحيى إلى المنزل، وتناول الشاى الأخضر والعصير، ليعرف فيما بعد أنه كان به مخدر. ليستيقظ بعد خمس ساعات ويجد نفسه وأصدقاءه محاصرين من خمسة من جنود الحكومة السورية. "تم اقتيادنا إلى قاعدة الطبقة ثم توجهنا إلى السجن فى دمشق. اعترفنا بكل شيء لأننا كنا نرتدي ملابس الجهاديين. ظننت أنني سوف أقتل، لكنهم لم يفعلوا".

حلم العفو 
بعد سنتين وشهرين في السجن السوري، يقول يحيى ما يقوله كل السجناء إنه عندما وصل إلى سوريا، كان معبأ بالأكاذيب، لكن بعد القبض عليه تلقى معاملة جيدة ولم يتعرض لأى تعذيب. كما يأمل أن يصدر الرئيس الأسد عفوًا رئاسيًا ليتمكن من العودة إلى أسرته. وتابع قائلا "لكنني الآن معروف في قيرجيزستان بأنني إرهابي، لذا فأنا قلق من أن تأتي الشرطة إلى أسرتي".

"قبل أن أغادر قيرجيزستان، أحد أقاربي أبلغني أنه إذا أردت أن أكون مدرسًا للدين الإسلامي، يجب أن أذهب للدراسة في مصر. سألت والدي، الذى وافق وساعدني على السفر إلى هناك. عندما اتصلت به لأول مرة وأخبرته أنني في سوريا طلبت منه أن لا ينزعج". لكنه قال: "لقد كذبوا عليك ليس هناك جهاد في سوريا"، وطلب مني العودة، خوفا من أن يلقى القبض على من قبل الشرطة السورية.

روبرت فيسك، الذى أجرى الحوار، أوضح أن بلدة يحيى وهي "وادي فرغانة"، التى تقع فى مدينة "أوش" منذ سنوات كانت موطنًا للمتطرفين الإسلاميين، حتى في ظل الحكم السوفييتى، ويعتقد أن "داعش" لديه كوادر عاملة هناك، ومن غير المرجح أن تطالب الحكومة القرجيزية بالإفراج عن يحيى.