فتيات يرفعن شعار "عانس بمزاجي".. "عقدة البطيخة" تحاصر المقبلات على الزواج.. "القومي للمرأة": هاجس الطلاق المبكر السبب.. أستاذ اجتماع: الإناث يرون في عش الزوجية "سجنًا"
أصبحت الفتيات اليوم لا تخشى من أن تحمل لقب "العانس"، وبدأنا نرى نسبة كبيرة منهن يرفعن شعار "عانس بمزاجى" و"كده أحسن"، ويرى البعض أن "العنوسة" كذبة ذكورية تجعل للمرأة مدة صلاحية يستطيع بها الذكر أن يلوي ذراعها ويسلبها حقوقها، وقد تفضل الفتاة اليوم الجلوس ببيت أبيها تفاديًا للوقوع فى مشاكل زوجية قد تبوء فى النهاية بالفشل وتصبح مهددة بلقب "مطلقة" بدلًا من "عانس"، لمجرد أنها قررت أن ترضي المجتمع بهذا الزواج.
ويواصل "العربية نيوز" مع إحدى الفتيات اللاتي تجاوزت أعمارهن الثلاثين دون رغبة منهن فى الزواج للتعرف على سبب امتناعهن عن الزواج حتى الآن، حيث أكدن أن إعراضهن عن الزواج يرجع إلى عدم شعورهن بالحب معتقدات أن الحب أهم من الزواج، كما أن البعض لديهن عقدة "البطيخة" من تجارب الزواج التى تحيط بهن، وأشرن إلى أن أغلب رجال اليوم "مضروبة".
مش هتجوز غير عن "حب"
فى البداية تقول ياسمين النجار، 32 سنة، تعمل محاسبة بأحد البنوك، "من الصعب أن أتزوج عن غير حب، أتزوج لمجرد أن أغير نظرة المجتمع وأتخلص من هذا اللقب "العنوسة" الذي فرضه علي من حولي، حيث إني أفضل أن أظل بهذا منتظرة حتى وإن بلغت الـ50 من عمري عن أن أتزوج رجلًا لا يمثل شيئا لي فى هذه الحياة سوى أنه "زوج".
وواصلت "كما أنا من سأكمل حياتي فى النهاية مع شخص بين 4 جدران ولن ينفعني المجتمع إذا لقدر الله فشل هذا الزواج، وحينها لن يكون أمامي سوى طريقين لا ثالث لهما وهما أن أقبل الوضع كما هو عليه وأظل تعيسة بقية حياتي، أو أنني أختار الانفصال عن هذا الزواج ويظل لقب "مطلقة" يحاصرني مدى الحياة.
عقدة البطيخة
لن تختلف سهى عبدالراضي، التى تبلغ من العمر 35 عامًا، وتعمل مدرسة لغة إنجليزية بأحد المدارس الخاصة، كثيرًا عن "ياسمين"، حيث قالت "خايفة من عقدة البطيخة"، فمعظم صديقاتي الآن متزوجات ولديهن أطفال لكن لا يتمتعن بأية نوع من السعادة، على الرغم من أن الأمور كانت أفضل بكثير خلال فترة الخطوبة.
ومن الغريب أن نفس صديقاتي اللواتي كن ينصحنني ويشجعنني على الزواج فى السابق خلال فترة خطوبتهن هن نفس صديقاتي اللواتي ينصحنني الآن بعدم التعجل فى أمور الزواج بعد مرور سنتين فقط على زواجهن.
واختتمت نهى، "حقيقي الجواز عامل زي البطيخة".
رجالة مضروبة
أما فاطمة قدري، دكتورة أمراض نساء وتوليد، 30 سنة، قالت "الرجالة اليومين دول مضروبة" حيث إني خضت تجربة الخطوبة مرتين وفشلت، فالخطبة الأولى على الرغم من أنها كانت عن حب إلا أنها فشلت بسبب أن العريس لم تكن لديه شخصية ولا قادر على أخذ أية قرارات فى حياته الخاصة دون الرجوع إلى والدته حتى اكتشفت أن "والدته" هي المتحكم فى كل شيء، وأنا أعلم أن طاعة الأم والأخذ برأيها طاعة واجبة واحترام، لكن الأمر تجاوز الحد المسموح به حتى وصل بها الأمر إلى أن تتدخل بتحديد موعد الزفاف الذي هو من المعروف أنه يتم تحديده حسب رغبة العروس لأسباب خاصة فضلًا عن تحكمها فى الميزانية الخاصة بالفرح والشبكة والعفش.
أما عن الخطبة الثانية، فكانت "صالونات"، بعد إصرار كبير من أهلي اضطريت أن أعيد التجربة للمرة الثانية ولكن هنا الأمر اختلف عن المرة السابقة وكان عن غير حب، فشعرت لوهلة أن "العريس" لم يكن لديه بخل مادي فقط ولكنه كان بخيل فى مشاعره تجاهي، ولكني خفت من أن أتسرع بالحكم عليه، وتحملت وظللت مكتفية بالصمت إلى أن وصلت للقشة التى قصمت ظهر البعير عندما طلبت منه أن يعزمنى مرة على الغداء وكان رده "بس انتى اللى هتدفعى عشان انتى اللى عايزة تتغدي" اعتقدت أنه "بيهزر" ولكنى فوجئت بالفعل أنه سيتركنى أنا أحاسب بعد الغداء فطلبت فسخ الخطبة".
حول هذا الصدد يواصل "العربية نيوز"، مع عدد من الخبراء الذين أكدوا أن هذه الفئة القليلة تكمن في المجتمعات الأرستقراطية، وترجع إلى هاجس ارتفاع نسبة الطلاق المبكر.
هاجس "الطلاق المبكر"
فى البداية، تقول سناء السعيد، البرلمانية السابقة وعضو الأمانة العامة للمجلس القومي للمرأة، لـ"العربية نيوز"، إن هناك فئة قليلة من الفتيات اختلفت نظرتهم اليوم نحو الزواج، حتى أصبح آخر همهم على عكس السنوات الماضية، مشيرة إلى أن هذه الشريحة تكمن فى المجتمع الارستقراطي.
وأضافت السعيد، أن هناك نماذج سلبية لديهم تجارب فاشلة في الزواج، تبعث انطباع سيء لدى باقي الفتيات المقبلات على الزواج تجعلهم يرفضون الزواج بمحض إرادتهم، فضلًا عن هاجس ارتفاع نسبة الطلاق المبكر بين الأزواج الذين لن تتخطى مدة زواجهم العام.
وأشارت البرلمانية السابقة وعضو الأمانة العامة للمجلس القومي للمرأة، إلى أن هناك فئة أخرى من الفتيات يرجع إعراضهم عن الزواج إلى حالاتها المزاجية، حيث إنها ترى الزواج مثل تغيير السيارة أو شراء الملابس.
وشددت "السعيد"، على أهمية تكوين كيان أسري من زوج أولاد، مشيرة إلى أن هناك بعض الفتيات التي يمر بها العمر وتفاجئ فى النهاية بمشاكل في عملية الإنجاب.
وعلقت: "مش كل الجوازات بتفشل بدليل وجود أسر بيننا في المجتمع"، لافتة إلى ضرورة النظر نحو الزواج وتكوين الأسرة بشكل إيجابي.
الفتيات ترى في الزواج "سجن"
ومن جانبه، قال الدكتور عبدالحميد زيد، رئيس قسم الاجتماع بجامعة الفيوم، لـ"العربية نيوز"، إن نمط تفكير الشباب بالزواج تغير عن السنوات الماضية ولم يعد نمطًا تقليدًيا، مشيرًا إلى أن الفتيات أصبحت تدققن وتتمعن فى شخصية شريك الحياة من تحمله لضغوط وأعباء الحياة وتحمل المسئولية، دون النظر إلى فكرة "العنوسة" وتأخر سن الزواج لم يعد بالحسبان.
وأضاف عبدالحميد، أن الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعاني منها المجتمع تجعلهم يبحثون عن شريك حياة مصنوع وليس له وجود على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن التخوفات من فشل الزواج وتفشي حالات الانفصال أصبحت تهدد الفتيات اليوم، ما جعلهم لا يكترثون لظاهرة "العنوسة"، موضحًا أن بمجرد وقوع حالة "الطلاق" فالبنت تفقد جزءً كبيرًا من مقوماتها وربما تجد صعوبة بخوض التجربة مرة أخرى.
وأشار رئيس قسم الاجتماع، إلى أن فى المجتمعات الارستقراطية التى نالت قسطا وافرًا من التعليم، يرجع إعراضهم عن الزواج إلى توجهات سلوكية، موضحًا أن الفتيات فى هذه المجتمعات ترى فى الزواج قيدًا وسجًا وبالتالي تريد أن تستمتع بقدر أكبر من الحرية والاستقلال.
وأكد أن هذه الفئة من الفتيات أصبحت سببًا فى تفشي "العنوسة" التى أصبحت بالفعل ظاهرة مجتمعية، مناشدًا الشباب بأن يعجلوا بإتمام الزواج إذا وجدوا عامل الارتياح النفسي والروحي فى الطرف الآخر، دون الالتفات للعوامل المادية.