"الأسطورة" أمل شباب مصر المحطم.. زرع الفكر السلبي بين المجتمع.. وخبراء: مسلسلات رمضان صنعت من البلطجي "قدوة".. الدولة لم تشعر بالكارثة
ارتبطت فكرة الأسطورة بالفن والأدب على مر العصور، فبالعودة إلى الأدب الإغريقي مرورًا بالتقدم الزمني ووصولًا إلي شخصية "سوبر مان" وأقرانه من الأبطال الخارقين، فإن الأدب والفن يقدمان إلى العالم شخصية البطل الأسطوري سواء كان خارقًا للطبيعة أو ناجحًا بعقله وإنجازاته وأخلاقه.
بالرغم من تعدد نماذج وصور الشخصيات التي أبرزها الفن والأدب عالميًا ومحليًا لشخصية البطل الأسطوري الذي يحتاجه، ويلجأ إليه الناس، إلا أن جميعها ارتبطت واعتمدت على شيء واحد وهو خدمة الإنسانية ونشر الخير والسلام بين الناس، وعلى عكس كل الشعوب يفاجئنا دائمًا الشعب المصري بكسر القواعد الفكرية والعقلية المعتادة، فجعل أسطورته رمزًا للبلطجة، والخروج عن القانون، وتجارة المخدرات.
ناصر الدسوقي
شخصية ناصر الدسوقي، شخصية قريبة وموجودة بكثرة في المجتمع المصري، لم ينفر منها المشاهد، ولأجل ذلك ذارت كثيرًا من التساؤلات منها كيف تعلق بها الشباب حتي واعتبروها نموذجًا يحتذى به، فارتدوا قمصانًا تحمل صورته، وتزينوا بلحي و"قصة شعر" تشبه بطلهم الأسطورة محمد رمضان أو "ناصر الدسوقي"، الذي يري أن الحق يأخذ بالقوة لا بالقانون.
الفكر السلبي
في البداية قالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الإجتماع جامعة الزقازيق، لـ "العربية نيوز"، إن الترويج لشخصية سيئة كـ"الأسطورة"، في شكل بطولي مع توجيهها إلى شباب محطم غير قادر على تحقيق أحلامه، أمر في غاية الخطورة، فيجعله الشباب قدوة ومثلًا وأملًا للخروج من بؤس العيش.
وأضافت أستاذ علم الاجتماع، أن الأعمال الدرامية وغيرها كأعمال السبكي، تزرع في الشباب فكرًا سلبيًا موجهًا بطريقة غير مباشرة تحت مسمى الفن، والتناول الفني لأرض الواقع، ولكن التلاعب يأتي في إظهار البلطجي وتاجر المخدرات بملامح جيدة وجذابة حتى تنجح، ويقنع بها الناس.
وتابعت زكريا إن هذا النوع من الفن انتشر بقوة في مصر ابتداءً بمدرسة المشاغبين وأعمال السبعينيات، وفي ذلك تحويل لهدف الفن النبيل كمهذب للروح، خصوصًا في تلك المرحلة التي نحياها، والتي لا تحتوي على أي إعلام هادف مستنير، والذي يجعل المواطن يرى العمل في إطارها الطبيعي كشخصية في مسلسل تليفزيوني.
البلطجي قدوة
وأوضحت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، لـ "العربية نيوز"، أن معظم المسلسلات التي عرضت في رمضان هذا العام كانت تجميلاً لصورة "البلطجي" الخارج عن القانون الذي ينصف أهل منطقته ضد الظلم.
وأشارت أستاذ علم الاجتماع، إلى أن هذه الأعمال الفنية بمثابة كارثة كبيرة تواجه المجتمع دون الشعور بها، ويبدو أن الدولة لن تنتبه إلى خطورة هذه الأعمال.
وطالبت "خضر"، بوجود ضوابط أكثر فاعلية في تقييم ما ينشر على شاشات التليفزيون العامة والخاصة منها، لافتة إلى أن جميع دول العالم التي تحافظ على القيم والأخلاق تستخدم أدوات قانونية لحماية مجتمعها من الانهيار.