"داعش" الخطر الذي يتربص بالإسلام.. لعبة التفسير المغلوط لآيات القرآن.. أزهريون: آيات الجهاد وردت لرد العدوان فقط
قد تكون مأساة العصر للأمة الإسلامية، ولكل عصر مأساته التي يظن البعض أنها قادرة على زعزعة استقرار الدين في النفوس، الذي يبقى بقوته، وسماحته راسخا أمام ما يجتاحها من أفكار، وهجمات خارجية كانت، أو داخلية.
داعش والتفسير المغلوط لنصوص
الإسلام
أحدث استشهاد، ما يسمون أنفسهم بتنظيم الدولة الإسلامية في الشام، والعراق،
"داعش"، بأيات قرآنية، وأحاديث للنبي المصطفى في جميع إصداراتهم،
وعملياتهم الانتحارية، التي يروح ضحيتها الكثيرين، البلبلة، والخطأ، عند المسلمين
أنفسهم، فرغم أنه يسيء إلى الإسلام بالخارج، إلا أنه مأساة كبرى في صفوف الإسلام
من الداخل، والتي تحتاج إلى مواجهة فكرية حقيقية، فاستشهاد الدواعش بنصوص من
القرآن، أصل الرسالة السماوية، جعل شباب الأمة بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن
يتطرفوا فيصيروا دواعشا، أو يرتدوا عن الإسلام بمسمياته، وتوجهاته المختلفة، من
الإلحاد، واللادينية.
الدواعش" خوارج يبثون
أفكارًا مغلوطة
في
البداية قال الدكتور محمد زكى، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر، في
تصريح خاص لـ"العربية نيوز"، إن الشخص الذي يعلن، ويتحدث عن قطعية وظنية
الأيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والقضايا الفقهية يجب أن يكون عالما بمقاصد
الشريعة، واللغة، خصوصا وأن بعض هذه التفاسير يعود أصله إلى النبي، واجتمع عليه
علماء الأمة.
وأضاف
الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر، أن تفسير القرآن له ثوابته التي لانحيد
عنها، فالأيات قاطعة الثبوت تمثل الفرائض، والنواهي، وأمور التوحيد، أما أمور
الدنيا، فالنبي المصطفى أكد أن المسلمين أعلم بشئون دنياهم، وبالتالي فإنه ليست كل
آيات القرآن ظنية الدلالة، وبالمثل نجد أنه ليست كل الأحاديث تتحمل ظنية ثبوتها.
وأكد زكي،
أن الجهاد في الإسلام معناه الأوسع، والأعظم، والأكمل، أن ننتصر على النفس البشرية
الأمارة بالسوء، التي تدعو إلى السوء، والفحشاء، وأن ننتصر على الشيطان، أما جهاد
الاستخلاف فيعني اعتناء كل منا بمهام عمله في تعمير الكون.
وتابع، أن
جهاد العدو الذي يغير على البلاد، ويتربص بالناس، ويغتصب عرضها، ويعيث في الأرض
فسادا، فهؤلاء وهم كثر لا يقبل عاقل أن يقابلهم بالورد، والرياحين، بل أمرنا
الإسلام برد عدوانهم بالقوة، والاستعداد لهم، لا للبدء بالعدوان، ولكن لرده وحفظ
الأمة الإسلامية.
ونوه زكي،
بأن الجهاد ليس كما يروج البعض من المتطرفين، المروجي لفكرة القتال لإجبار الناس
على الدخول في الإسلام، فالله شاء للناس أن يكونوا أصحاب مشيأة، فمن شاء فليؤمن،
ومن شاء فليكفر، والله عز وجل، أكد أنه لا إكراه في الدين.
وأشار
الأمين العام للجنة الدعوة بالأزهر، إلى أن أمثال الدواعش وغيرهم من مروجي الأفكار
المغلوطة عن الدين، خوارج ولا يسأل الدين، بوسطيته، وسماحته عنهم، ولكن يسأل عنهم،
من دربهم، وأعدهم، ومدهم، ولوث فطرتهم، وعقيدتهم، ورعاهم في بلاده، وإن كانوا
يستشهدون بنصوص من الدين الإسلامي، فإن أهواءهم، ومصالحهم، وعصبيتهم، هي من ساقتهم
إلى ذلك التفسير المغلوط، الذي يغفل أسباب النزول، وعموميته.
أحاديث الجهاد وردت لرد
العدوان فقط.. ولا يمكن تعميمها
ومن جانبه
قال الدكتور عبدالغفار هلال، عميد كلية اللغة العربية الأسبق بجامعة الأزهر،
لـ"العربية نيوز"، إن آيات الجهاد في القرآن ليست ظنية الدلالة، إنما هي
قطعية الدلالة، موضحًا أن الإسلام يغذي الجهاد ضد الآخرين، إذا كانوا معتدين على
المسلمين، أو ممتلكاتهم.
وأضاف
هلال، أن القرآن صريح في آيات الجهاد، فهو يحث على رد عدوان الآخرين، وينهي عن
البدء به، فالإسلام لم يهاجم أحدًا، ولم يدع لذلك، وفترة الرسول خير دليل على ذلك،
حيث ترك مكة إلى المشركين، ولكنهم تتبعوه، وتتبعوا دعوته، فكان لابد عليه أن يرد
العدوان، وآيات القرآن حرضت على القتال عندما كان الوقت يدعو له.
وأكد عميد
كلية اللغة العربية الأسبق بجامعة الأزهر، أن حديث المصطفى "أمرت أن أقاتل
الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة،
ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام،
وحسابهم على الله تعالى"، قد جاء في سياق الحرب مع المشركين، ليردوا العدوان
ولا يمكن تعميمه بأي حال من الأحوال.
وأشار
"هلال" إلى أن مغالطة "الدواعش" في تفسير القرآن تعود إلى
الفهم الخاطئ للغة العربية، والموقف التاريخي وسياقه، ويجب ألا يستدل به على وجه
العموم، وبالتالي فإن اللفظ يفسر في سياق سبب نزول الآية، ولشخص فاهم، وعالم
باللغة.
لا شك في صحة تفاسير
آيات الجهاد
كما
أكد الدكتور محمد عبدالعاطي، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، لـ"العربية نيوز"، أن آيات القرآن، قاطعة الثبوت ولا يقدر مخلوق على زعزعة
ذلك، أما عملية دلالة تفاسير الآيات، فإن بعضها قاطع الدلالة، والبعض الآخر ظني
الدلالة.
وأضاف
أستاذ العقيدة، والفلسفة بجامعة الأزهر، أن مايطلق علي بعض الآيات من المتشابهات،
ظنية الدلالة، يفسر من خلال إعادته إلى غيره من الأيات القرآنية قاطعة الثبوت،
وبالتالي فإن من يدعو إلى وجود لغط في تفسير بعض الآيات، شخص مدع، ومفتر على
الإسلام، والقرآن.
وأشار
عبدالعاطي إلى أن هذه التفاسير التي يثير البعض حولها الشكوك من أيات الجهاد،
والتعامل مع غير المسلميين، نقلت إلينا، بسند يرجع إلى الرسول، وصحابته، وأكدها
العلماء بالقبول علي مر التاريخ الإسلامي، ومن يدع كذب هذه التفاسير فليأت لنا
ببديل.
ونوه
أستاذ العقيدة، والفلسفة بالأزهر، بأن كل ماجاء في بخاري، قاطع الثبوت، والدلالة،
كما أن صحيح بخاري، هو الكتاب الأصح بعد القرآن، ويليه صحيح مسلم.