طلاب الثانوية العامة من التسريبات إلى التظاهرات.. خبراء: أزمة فشلت الحكومة في مواجهتها.. وآخرون: تجاهل المشكلة ينتج مجتمعًا فاشلاً.. وسبب كافٍ لاستقالة "الهلالي"
على مر عقود، تثير امتحانات الثانوية العامة انزعاج كافة فئات الشعب، بسبب أزماتها المتكررة، إلا أن الأزمة الأخيرة كان لها طابع خاص، حيث لم تتوافق بالمرة مع التصريحات التي يعلنها الوزير الهلالي الشربيني، من إحكام الوزارة منافذ تسريب الامتحانات واتباع اللازم لتخطيها بسلام، وهو ما لم يحدث على أرض الواقع، حيث انتهى المشهد بتظاهرات للطلاب أمام ديوان الوزارة، تعرض لها الأمن وألقي القبض على بعض من الطلاب، حسب بياناتهم، إلا أن وزارة الداخلية نفت ذلك.
تظاهرات لن تؤتي أكلها
في البداية، يقول الدكتور حسني السيد، أستاذ المناهج بالمركز القومي للبحوث التربوية، لـ "العربية نيوز"، إن "أداء الحكومة ووزارة التربية والتعليم سيئ للغاية في تناول ملف الثانوية العامة، بدءًا من التصريحات غير الموفقة، وصولًا إلى سلسلة الإخفاقات التي مرت بها إدارة الوزارة للأزمة".
وتساءل "السيد": "إذا لم تكن أزمة ملف الثانوية العامة الأخيرة، والتسريبات سببًا في استقالة الوزير، فما الشيء الآخر الذي يدفعه إلى ذلك؟"، مؤكدًا أن تظاهرات الطلاب الغاضبين من قرارات تأجيل الامتحانات، لن تثمر عن جديد في تلك الظروف، فالأمر يحتاج إلى تدخل أكبر من رئيس الحكومة والبرلمان واتخاذ القرار المناسب.
وأضاف "أستاذ المناهج" أن النيابة لم تفصل حتى الآن في قضية التسريب، وما آلت إليه التحقيقات مع المتهمين بتسريب الامتحانات من المطابع والغرف السرية، كما أن تجدد التسريبات يجعلنا نزداد حيرة، لعمق وغموض خبايا هذا الموضوع.
حالة فشل
وأوضح الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، لـ "العربية نيوز" أنه قد آن الأوان أن تدفع الدولة ثمنًا لإهمالها ملف التعليم، منذ البدء بإنشاء أول مدرسة مصرية، وإضافة اختبارات الاجتياز لمرحلة الثانوية العامة وما يعادلها من مسميات قديمة، والأمور تسير بشكل رتيب عفا عليه الزمن.
وأكد "مغيث" أن ظاهرة تسريب امتحانات الثانوية العامة، لم تعد معضلة امتحان تم تسريبه وحسب، بل هي حالة من الاحتجاج بوجه عام على الفشل بمنظوماته، فالمدارس الآن عبارة عن هياكل خالية، ومعلمون لا يذهبون إلى العمل، ومنظومة يزداد فشلها إلى مرحلة الاستنزاف للطاقات والجهود.
وتابع الخبير التربوي، أن القائمين على التعليم في مصر تتضح فيهم كل معالم صراع العقليات الرتيبة، التي لا تزال ترى أن الشمع الأحمر، والغرف السرية، والمطابع، هي وسائل تناول الامتحانات بشفافية وعدل وأمان، ولكن عدم مجاراة هذه الوسائل لحالة التطور التنكولوجي الحالي، أدت إلى هذه الطفرة في عمليات الغش، مشيرًا إلى أن تناول الأمور من خلال عقلية أمنية ترى أن في إحكام قبضتها حلًا للأزمة، يزيد من الأمر سوءًا، ويشعل فتيل الغضب الطلابي الذين لم يلقوا تعليمًا ذا قيمة من الأساس.
أعباء إضافية
وأكد خالد صفوت، المتحدث باسم رابطة أولياء أمور المدارس الخاصة، لـ "العربية نيوز"، أن تأجيل وإعادة الامتحانات، أمر مؤسف ويشكل أعباء إضافية ومادية على الطلاب وأولياء الأمور.
وأضاف "صفوت"، أنه لا أحد يرضى بالغش بوجه عام سواء كان جماعيًا أو إلكترونيًا، ولكن هذا ليس مبررًا لإعادة الامتحانات، خصوصًا بالنسبة للطالب المجتهد الذي بذل الجهد ويحتاج حاليًا إلى الراحة، مشيرًا إلى أن على المخطئ تحمل نتيجة خطئه دون إجبار الآخرين على تحمله معه، خصوصًا أن فترة الامتحان تشكل عبئًا نفسيًا قاسيًا على الطالب الممتحن.
وأوضح المتحدث باسم رابطة أولياء أمور المدارس الخاصة، أنه رغم الاعتراض على إعادة الامتحانات لكثرة أضرارها، إلا أن هذا لا ينفي الرأي، الذي يقول إن عدم الإعادة يمنح الطالب الذي يغش ميزة وتشجيعًا؛ ولكن ما علمنا بتسريب باقي الامتحانات لماذا يعاد امتحان، ويؤجل آخر دون غيره.
وأشار إلى أن مشكلات منظومة التعليم المتراكمة والفاشلة هي التي تسببت فيما نراه الآن، مؤكدًا أن ما يحدث ناتج عن أخطاء وزير وقيادات تعليمية ودولة غير مدركة لأهمية التعليم بصورته الصحيحة.
وعن تظاهرات طلاب الثانوية العامة، أوضح متحدث رابطة أولياء الأمور، أن مجموعة الطلاب التي تجاوزت وحولت المطالبة بأهداف الطلاب إلى مسيرة تحاول الدخول ميدان التحرير، هي التي تعرضت إلى المنع والتفريق من الأمن، مؤكدًا أنه يوجد حوالي 11 طالبًا تم القبض عليهم، وهذا عكس ما أخرجه بيان وزارة الداخلية، الذي ينفي القبض على أي طالب.