أردوغان.. "الخليفة المطبع" وطد علاقاته بالاحتلال الصهيوني وتنازل عن حصار غزة
"الخليفة العثماني".. كما سماه أنصاره، بدأ أولى فترات حكمه الرئاسية بالهجوم على دولة الاحتلال الصهيوني، لكن مع مرور الأعوام وتوليه فترة رئاسية ثالثة، بدأت نبرته في الهجوم تتحول، حتى لم يعد لديه مانع في وضع يده في لمحتل لأرض طالما دافع عنها وقدم لها مساعدات. إنه رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، تولى الحكم في عام 2003 واستمر ثلاث ولايات متتالية، ليظل على كرسيه 11 سنة.
اتخذ أردوغان خطا هجوميًّا ضدّ إسرائيل في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية لبلاده مع إسرائيل، بعد أسطول غزة (المرمرة) في 2010، وقعت الأزمة الدبلوماسية الأكثر صعوبة منذ تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا، وسحب أردوغان السفير من تل أبيب، وصرح تصريحات حادة ضدّ إسرائيل، لقتلها نشطاء أتراك، وطالبها بالاعتذار عن قتل مواطني بلاده، إضافة إلى دفع التعويضات المالية لعائلات القتلى والجرحى، ورفع الحصار عن غزة وتتيح الدخول الحر للأساطيل إلى القطاع.
11 عامًا فقط فاصلة بين التحول الكبير في العلاقات بين الدولتين، بدلًا من عدو يجب قتاله، إلى دولة حليفة تربطهما اتفاقات ومعاهدات ومناقشات، حيث أعلنت تركيا أنها "بحاجة لاسرائيل"، والعكس أيضًا.
وأضاف أردوغان في تصريح له، أن إسرائيل بحاجة إلى بلد مثل تركيا في المنطقة، وعلينا أيضًا القبول بحقيقة أننا بحاجة لإسرائيل، لأنها حقيقة واقعة في المنطقة وفي حال تم تطبيق اجراءات متبادلة بشكل صادق، سنصل إلى تطبيع العلاقات لاحقًا، وأعلن حينها نتنياهو أن تركيا وإسرائيل توافقتا على تعويض لضحايا الهجوم الإسرائيلي عام 2010 على قافلة السفن التركية، وعودة سفيري البلدين إلى العاصمتين، وتخلي تركيا عن ملاحقات قضائية بحق اسرائيل، وتعهد تركيا بمنع دخول القيادي في حماس صلاح العروري إلى أراضيها.
وطالما كان أردوغان الرجل الذى ينادي بالديمقراطية ويطالب بتطبيقها فى الشرق الأوسط، ويستنكر انتهاك حقوق الرأى والتعبير التى تنتهك فى الدول العربية، ظهرت تقارير تؤكد أنه في عام 2013، فإن 76 صحفيًا سجنوا، منهم 61 صحفيًا أعتقلوا بسبب أعمال خاصة بالنشر بين أخبار وتقارير ووصفت جماعات حقوقية ما يقوم به بـ "اعتقالات جماعية" يقوم بها رجب طيب أردوغان، وحث رئيس الوزراء التركي وسائل الإعلام على معاقبة أو فصل من يعملون فيها ويوجهون انتقادات للحكومة، إضافة إلى زيادة دعاوى التشهير المرفوعة في المحاكم التركية ضد الصحفيين.
وتحدث حينها الأمين العام للاتحاد الأوروبي للصحفيين لصحيفة "الشرق الأوسط"، قائلا إن الحكومة التركية غير مهتمة بحقوق الصحافة والتعبير الحر، إلى الدرجة التي عقدت فيها محاكمة لـ"أصغر صحفي متهم في السجون الحكومية"، طالب في الصحافة والإعلام، لم يتجاوز عمره 22 عامًا وذلك بتهمة "الإرهاب"، بالإضافة إلى لجنة حماية الصحفيين، وصفت تركيا هذا العام بأنه "أكبر سجن للصحفيين في العالم للعاملين بمهنة الصحافة" ولا يمكن ان يُنسى اهتمامات أردوغان بالتشريعات التي تقيد حرية المجتمع، والحديث عن الأخلاقيات العامة.
ويدعم الميليشيات الجهادية التي تقاتل في سوريا وليبيا، ويدافع عن الإخوان في مصر، فنجاح الجماعات الإسلامية في كل تلك الدول يعني استعادة أمجاد الخلافة العثمانية في شخصه، وأثارت تلك الصورة التاريخية التي يريد رسمها لنفسه نفور المدنيين وشعوب الشرق الأوسط المعتدلين، الذين يحلمون بالحرية والعدل الاجتماعي ولا تثير فيهم صورة الخلافة العثمانية شيئًا.
وكما تحولت العلاقات التركية الإسرائلية للتحالف تحولت العلاقات بين مصر وتركيا للمواجهة، فلم ترتبط تركيا على مدار تاريخها بعلاقات عدائية مباشرة مع مصر كما ارتبطت معها بعد ثورة الثلاثين من يونيو، واستمر أردوغان في تدخله في الشأن الداخلي المصري، سواء من خلال التصريحات التي يدلي بها أو من خلال محاولة استضافة عدد كبير من أعضاء حركة الإخوان المسلمين.
وهناك سعي من خلال تنسيق رباعي بين كل من أنقرة والدوحة وحركة حماس والتنظيم الدولي للإخوان لتشكيل "حكومة منفى إخوانية"، وتكوين "جيش مصري حر" تكون قاعدة انطلاقه من قطاع غزة.
استمرت تصريحات أردوغان ووصف مصر بـ"دولة البلطجية" وإشارته المتكررة بـ"إشارات رابعة"، باعتباره الشعار الذي "صنع وصمم" في تركيا، ومنذ أشهر لعام 2016 أثارت تصريحات أردوغان غضب الشعب المصرى والتى رهن فيها الحديث مع النظام، بالإفراج عن قيادات الإخوان ومرسى من السجون، وأنه ليس لديه مشكلة فى الحوار مع الشعب المصري باعتباره شقيقًا لشعبه.