رمضان في الغربة
شهر رمضان شهر مميز عن باقى شهور العام، ننتظره بلهفة وشوق من العام للعام، كالضيف الخفيف يأتى ويمضى فى عجالة، ما يميز رمضان وخاصة فى مصر الأجواء الرمضانية، اللقاءات الأسرية، صلاة التراويح وصلاة الفجر التى يحرص الكثيرون على آدائهما فى المساجد، زينة رمضان والفوانيس التى تزين الشوارع وغيرها من العادات التى تميز رمضان.
كعادتنا كل عام ومثل أغلب الأسر المصرية نتجمع أول يوم رمضان على الإفطار، هذا العام تغيب عنا ابن شقيقتى الذى استلم عمله فى إحدى الدول العربية قبل أشهر قليلة من قدوم رمضان، وهذا أول رمضان يمر عليه وهو فى الغربة.
حين اتصل بى ليهنئنى بقدوم رمضان سألته كيف يقضى رمضان وما شعوره وهو فى الغربة؟
فأجاب لأول مرة لا أسمع السؤال المعتاد "إنت صايم ولا زى كل سنة؟"
افتقدت ليلة الرؤيا وأغنية رمضان جانا، أول سحور وأمى توقظنى ونتجمع كعائلة على المائدة لنتناول السحور، أفتقد صوت أمى وهى تذكرنا أن ننوى الصيام ولا ننام قبل أداء صلاة الفجر.
افتقدت أول يوم إفطار ولمة العيلة فى بيت جدتى، وأنواع الطعام الذى تتفنن في طهوه أول يوم رمضان وصينية الكنافة والقطايف.
افتقدت الشوارع التى يزينها فانوس رمضان وزينة رمضان، لمة الأصحاب على القهوة للفجر والسحور على عربية الفول، أفتقدت الكوربة والحسين وشارع المعز، افتقدت المشاركة مع أصحابى وإحنا بنجمع مال ونعمل وجبات ونوزعها وقت الإفطار.
افتقدت الزيارات العائلية والعزومات التى يتجمع فيها الأهل والأصدقاء والأقارب.
افتقدت المساجد التى يعلو فيها صوت الإمام فى صلاة التراويح وصلاة الفجر.
الشوارع هنا تكاد تكون خالية من المارة، لا أتناول السحور لأنى بكسل أجهز أكل، أذهب لعملى وأعود فأطهو أى شيء سريع أفطر به وأحياناً أكسل وأنام وأصحى قبل الإفطار أطلب أى أكل جاهز.
الوقت الوحيد اللى اشعر فيه بجو رمضان حين يتم دعوتى للإفطار عند أحد الاقارب، ويكون عازم أصدقائه وأولاده ساعتها فقط أشعر كأنى فى مصر.
بالفعل هناك من تجبره ظروف عمله على قضاء رمضان بعيداً عن الوطن والأهل، وطبيعى فى الفترة الأولى ينتابه الشعور بالوحدة لافتقاده لمة العائلة واجتماع الأهل ويتبادر إلى ذهنه سؤال كيف سأقضى رمضان؟، هناك من يتغلبون على ذلك بأن يأخذوا أجازتهم السنوية تزامناً مع شهر رمضان، وهناك من يجتمع مع أصدقائه ويلتقوا على الإفطار طوال أيام الشهر الفضيل للتغلب على مشاعر الوحدة والشعور بالأجواء العائلية ومظاهر رمضان، وهناك من يشعر بالحنين للأهل والوطن، مع الوقت تصبح الأمور أسهل ويتكيف الإنسان مع ظروفه ويعتاد عليها ويتقبلها.