هل يدخل مجدي يعقوب النار؟
من أروع الحكايات التي تتناقلها الأجيال ترسيخًا لفكرة التسامح قصة حدثت في إحدى القرى التى كان بعض أهلها لا يعترفون بحقوق أصحاب الديانات الأخرى.
وتقول الحكاية إن "رجلاً حكيمًا من رجال هذه القرية لم يكن راضيًا عما يفعل أهلها وكان يصلي بهم صلاة الجمعة، فوقف يقرأ الفاتحة فقال "الحمد لله رب المسلمين"، فقام المصلون خلفه بتصحيح الآية "الحمد لله رب العالمين".
فكرر قراءة الآية "الحمد لله رب المسلمين".
فصححوا له مرة ثانية "الحمد لله رب العالمين".
فعاد الإمام وقال "الحمد لله رب المسلمين".
فصححوا له ثالثة "الحمد لله رب العالمين".
وبعدها أكمل قراءة الآية على صحيحها إلى أن فرغ من الصلاة، فالتف حوله أهل القرية وهم في حالة من الدهشة، كيف للشيخ الذي يُؤمّنا منذ زمن أن يخطئ في أبسط سور القرآن وهي الفاتحة.
وتوجه إليه أكثرهم تشددًا وقال: يا شيخنا كيف تخطئ في قراءة القرآن، وكلما صححنا لك عدت لتقرأ الآية خطأ؟
فقال له كيف يا بني؟
قال: كنت تقرأ "الحمد لله رب المسلمين".
ونصحح "الحمد لله رب العالمين".
ومع ذلك تعود ثلاث مرات وتصر على قراءتها خطأ.
فتوجه إلى المصلين جميعًا قائلاً: "إذن هو رب العالمين".
فقالوا: نعم.
فقال إنه "إذن ليس رب المسلمين فقط؟".
فقالوا: "نعم إنه رب العالمين".
فقال لهم "يا من تؤمنون بأنه رب العالمين لماذا تضطهدون من قال الله أنه ربهم؟!".
تذكرت هذه الحكاية وأنا أراقب ما يحاول البعض إثارته عن من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار، وانبرى كل فريق يعضد وجهة نظرة بسيل من الأسانيد والحجج حول الدكتور مجدي يعقوب، العالم الجليل وأهم العلامات المضيئة في مصر، والذي ساعد مركزه بأسوان في تخفيف الألم عن الآلاف من المرضى.
تفرغنا أو تفرغ فصيل منا لمحاكمة الرجل بل والهجوم على مركزه وبدلا من مساعدته والوقوف بجانبه ودعمه، تفرغنا لمحاكمته على أساس دينه وعقيدته.
وتناسي الكثيرون أيضًا أن الله وحده صاحب الحق في الحساب، وأنه عز وجل قال "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" ولم يقل عباده العلماء المسلمين أو حتى العلماء المؤمنين، ولكنه عز وجل أطلق خشيته لأصحاب العلم حتى إن أغلب النظريات الكونية التي رصدها القرآن أثبتتها بحوث لعلماء غير مسلمين.
وتقول السيرة العطرة إن "الرسول صلى الله عليه وسلم، أرسل سرية لتأديب أهل "فدك" وعندما سمعوا بقدوم هذه السرية هربوا إلا رجلاً اسمه "مرداس بن ناهيك" الذي سمعهم يهللون ويكبرون فنزل من ذلك الجبل وهو يكبر ويقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فقابله أسامة أبن زيد رضي الله عنه بسيفه وقتله وبعد رجوعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وجده قد علم بذلك وحزن حزنًا شديدًا، وهو يقول: "قتلوه قتلهم الله.!"
وأسامة يقول للرسول صلى الله عليه وسلم، استغفر لي يا رسول الله، فرد عليه صلى الله عليه وسلم بقوله: "قتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله.!"
كيف إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله.
فقال أسامة: يا رسول الله إنما تعوذ من القتل.!
فقال صلى الله عليه وسلم: هلاّ شققت عن قلبه لتعلم أقالها خوفاً أم لا.؟!
فيا معشر من سمحوا لأنفسهم بأن يشقوا عن قلوب الناس. كونوا أنتم نموذجًا للإسلام السمح. نموذجًا لديننا الحنيف الذي يحترم الإنسانية جميعًا.