فدائي بالورقة والقلم
"المراسل الحربي" يسجل لحظات العبور بدماء على أوراق الصحف.. الكنيسي والغيطاني على الجبهة.. و"مباشر" خاض العمليات مع "الرفاعي".. و"لطفي وقبضايا" كتبا التاريخ
في كل معركة من المعارك، نجد البواسل المهمشين، لكن لا يمكن أن ينساهم التاريخ، وفي العصور الحديثة أصبحوا لا يحملون سلاحًا، فها هي حرب أكتوبر المجيدة، كان هناك جنود على خطوط القتال، وضعوا أنفسهم فداء لبلدهم.. المحرر العسكري، يعد أحد أسباب النصر بتغطية فريدة للحرب.
في هذا التقرير نستعرض لكم قصة 4 مراسلين عسكريين مصريين قاموا بتغطية حرب أكتوبر ورووها على ألسنتهم.
حمدي الكنيسى
رئيس
الإذاعة المصرية الأسبق، كان أحد أبرز المراسلين الحربيين أثناء حرب أكتوبر، ومن
أشهر البرامج التي عرف بها برنامج صوت المعركة، وبرنامج يوميات مراسل حربي.
تلك
البرامج التي ذاع صيتها حتى وصل إلى إسرائيل ذاتها، يحكي الكنيسى عن ذكرياته
أثناء الحرب قائلًا: "كدت أفقد حياتى أثناء عبورى للقناة لولا شجاعة أحد
أبطال الصاعقة الذى دفعنى داخل المياه ليبعدنى عن حقل ألغام".
عن شعور
الجنود عقب العبور يقول: "رأيت أناسًا قبلوا أرض سيناء بمجرد عبورهم القناة".
تعرض
الكنيسي لمخاطر حقيقية، يحكي: "بعدما أمر أحد ضباط الشئون المعنوية الجنود
بعدم العبور في أول السابع من أكتوبر، اتفقت مع أحد المراسلين أصدقائي أن نتحرك
نحن ولا يوجد داع لأن نعبر من خلال الكباري ولكن يمكننا العبور من خلال قارب مطاطي
وبدأنا ننزل ونزل معنا أحد الجنود وغامرنا في مانع مياه السويس وأنا وقتها شعرت
بالخطر لأن دانات المدفعية كانت حولنا من كل مكان".
وأكمل:
"لكن الهدف الأكبر غلب على مشاعر الخوف فالوصول للبر الشرقى وعبور الساتر
الترابي كان هدفنا من أجل تغطية الحرب الحقيقية وبالفعل دخلنا وكان معي جهاز
الإذاعة ووصلنا إلى أحد النقاط الحصينة التي سيطر عليها جنودنا وطهروها وبدأت في
عمل التسجيلات أخيرا وهذه اللحظة من اللحظات التي لا يمكن أن أنساها".
ويؤكد
الكنيسي في أحد لقاءاته التلفزيونية، أنه احتفظ بتذكار خاص بالحرب لايزال معه حتى
اليوم، قائلا: "أنا عندي جزء من "كم بدلة" طيار إسرائيلي يحمل
الجنسية الأمريكية من الجيش الجوي الأمريكي الذي شارك في الحرب".
جمال الغيطاني
الكاتب
جمال الغيطانى، المراسل الحربي لمؤسسة أخبار اليوم أثناء الحرب، وقد أكد أن ذكرى
أكتوبر وأمجادها ستظل خالدة إلى الأبد خاصة وأنها كانت وسط أجواء الصيام ورفض
الجنود الإفطار بناء على أوامر القيادة لدرجة أنهم كانوا يظلون لآخر الليل لا
يتذوقون أى طعام وبرغم ذلك لم يشعروا بالجوع أو العطش.
وتابع
الغيطاني، الفريق الشاذلى كان هو القائد والمخطط العسكرى الحقيقى لحرب أكتوبر، مؤكدًا أن الخلاف الذى نشب بينه وبين السادات فى الحرب كان السبب وراءه هو عبقرية
الفريق الشاذلي.
عبده مباشر
كاتب
وصحفي من أبطال حرب أكتوبر من الأصدقاء المقربين للزعيم الراحل أنور السادات، ومن
أحد المواقف الطريفة التى يحكيها "مباشر"، أنه عندما كان السادات لا
يرغب في الإعلان عن قرار الحرب حتى يجعله سريًا ومفاجئًا كانت فى تلك الأثناء هناك
مظاهرة متجهة لمنزل الرئيس السادات تضم مئات المتظاهرين الغاضبين، وكان عبده مباشر
مشاركا في تلك المسيرة وعلم أن المسيرة ستتجه إلى فيلا السادات فأخبر أسرته حتى
يتمكنوا من مغادرة الفيلا.
وقام
مباشر بقيادة المسيرة بنفسه إلا أنه قادها لمكان آخر بعيد تمامًا عن منزل السادات
في حركة تمويه يبدو أنه تعلمها من تجاربه في ساحات المعارك.
وأما عن
حرب أكتوبر وما بعدها فيقول مباشر: "مخطئ من يظن أن روسيا كانت حليفا
استراتيجيا فى حرب أكتوبر لأنها لم تنس أن الرئيس السادات طرد الخبراء السوفييت
ولم تنس أيضا خطوط الاتصالات السرية بين السادات وهنرى كيسنجر قبل الحرب"
واستطرد: "كانت روسيا تدرك أن السادات سيعطيها ظهره أو بالعربى
"سيبيعها" على عكس بعض الرؤساء العرب الذين يبحثون عن مصالحهم بصرف
النظر عن مصلحة شعوبهم".
ودلل
الكاتب الصحفى على أن روسيا لم تكن حليفا استراتيجيا بموقف بسيط وهو أن القوات
المسلحة احتاجت أيام الحرب إطارات كاوتش "عجلات" للمقاتلات القاذفة
لتآكل الإطارات لكثرة الطلعات لكن القيادة العسكرية الروسية رفضت بشكل دبلوماسى
فأرسلت لنا أحذية كاوتش رجالى كلها "شمال" بدلا من إرسالها إطارات
المقاتلات القاذفة.
وعن بداية
انضمامه كمراسل حربى للجيش أشار إلى أن هذا الأمر تم وقت حرب الاستنزاف حينما
التحق بالجنود على الجبهة وانضم للمجموعة 39 قتال بقيادة البطل الشهيد إبراهيم
الرفاعى كفدائى عمليات خلف خطوط العدو، لافتًا إلى أن اللواء محمد فوزي لم يوافق
على طلب انضمامه من البداية، قائلا له: "بقى إحنا يا عبده بنحاوط على نفسنا
عشان متعرفش أسرارنا، نيجي إحنا نفتحلك الباب كده بالساهل، مش موافق يا سي عبده".
وفيما
يتعلق بذكرياته فى حرب أكتوبر يقول: "فى يوم 6 أكتوبر كنت فى الأهرام ولم أكن
على الجبهة كما كنت أيام حرب الاستنزاف وسبب عدم وجودى أن وزير الدفاع المشير أحمد
إسماعيل كان قد أصدر قرارا بمنع الصحفيين والإعلاميين من العبور فى الموجات الأولى
خوفا على حياتهم إلا أنه بعد العبور وبعد اقتحام خط بارليف فى 6 ساعات وسيطرة
الجيش على طول خط القناة تمت الموافقة الشفهية لبعض الصحفيين والإعلاميين".
صلاح قبضايا
لفت
الكاتب الصحفى الراحل صلاح قبضايا إلى أن بداية علاقته كمراسل صحفى بالعسكرية، جاءت
من كتاباته عن صمود مدينته الباسلة بورسعيد والتي من خلالها تم اختياره كمراسل
عسكرى لجريدة الأخبار، ولفت إلى أن عظمة حرب أكتوبر تتجلى فى أنها أبرزت مدى صمود
المقاتل المصرى وقدرته على صناعة المستحيل عند إحساسه بالمهانة والظلم.
حمدي لطفي
يعتبر
المرحوم حمدي لطفي المراسل العسكري لدار الهلال، والذي كان يوصف بأنه عميد الصحفيين
المصريين المتخصصين في الشئون العسكرية وتحدث عن الدور البارز الذي قامت به
الدبابات المصرية في حرب أكتوبر على المستوي التكتيكي العسكري الأمر الذي دفع بعض
المعلقين العسكريين في أنحاء العالم لدراسة وتحليل نتائج حرب أكتوبر إلى القول:
"بإن جندي المدفعية المصرية قد قضى نهائيا على الدبابة في هذه الحرب وأكد أن دور
الدبابات سيتواري كثيرا في المعارك القادمة".