التغريبة النوبية وحلم العودة.. إعادة التسكين جنوب السد أهم الحقوق.. وعن الهجرة: "مكناش مبسوطين وإحنا بنسيب أرضنا".. ونشطاء: "كنا أحد أسباب نصر أكتوبر"
أعادت مشاهد التهجير في مسلسل "المغني" الذي يقدمه المطرب محمد منير، ويعرض حاليًا في شهر رمضان لحظات الحزن والأسى التي تجرعها أبناء النوبة من كأس الفراق والبكاء على الأطلال وترك الدار، والوعود التي لاتنتهي من عودة أصحاب حضارة الجنوب إلى ديارهم ووطنهم ومهد حضاراتهم.
ورصدت "العربية نيوز" آراء المفكرين والمثقفين النوبيين، وحديثهم عن مشكلات أهل النوبة الحقيقية وأوجاعهم التي يغفلها الشارع المصري وتشوهها الدراما.
إعادة تسكين أهل النوبة
في
البداية، قالت جليلة الأمين المفكرة والناشطة النوبية، في تصريح خاص
لـ"العربية نيوز"، إن مشاكل النوبة كبيرة وكنا ننتظر أن يتناول مسلسل
المغني القضية النوبية بشكل أكثر حيادية وإبرازا للحقيقة، مؤكدة أن منير فنان كبير
لا يمكن اختزاله في ذلك العمل الذي لا يسأل عنه بأي حال من الأحوال فهو فرد ضمن
مجموعة في عمل لسيرة ذاتية لا تاريخية.
وأوضحت
المفكرة النوبية، أن مشاعر أهل النوبة أثناء التهجير تمثلت في عدم الرضا عن القرار
والتضحية من أجل الوطن والسخط والدعوات على عبدالناصر من البعض ولفتات الحب والرضا
من البعض الآخر؛ ولكن مهما اختلف المشهد كان الحزن هو المشهد الرئيس في الصورة.
وأضافت
الأمين أنها كانت تود لو يخرج علينا القائمون على العمل ببيان رقيق بهدف استيعاب
الشباب واحتوائهم من المحتوى المقدم.
وعن
المشكلات الحقيقية لأهل النوبة، أكدت الخبيرة بالشئون النوبية أن إعادة التسكين
لأهل النوبة في مناطق جنوب السد هي أبرز حقوقهم التي يود النوبي الحصول عليها، وينص
عليها القانون الدولي بوجوب استقرار المواطن في بلده أو أقرب نقطة لها.
وتابعت
الناشطة النوبية أن المجتمع المصري في الفترة الأخيرة شهد عدة مواقف في حاجة إلى طرح التساؤل والاستنكار، والتي يستكشف منه الرغبة في توجيه الرأي العام لتشويه صورة
المواطن النوبي، ونحن ننتظر من الدولة أن تصدر بيانا أو توجه خطابًا احتواء لأهل
النوبة الذين يشعرون بالنقص في العديد من المواقف، فعملية إلغاء حفلات وملتقيات
ثقافية نوبية، ويعلن أن الداعي أمني كما حدث في جامعة عين شمس بقطع التيار الكهربي
علينا وإلغاء الحفل أمرًا مؤسفا.
مشاعر النوبي
ومن جانبه، قال زين العابدين فؤاد، الشاعر النوبي، لـ"العربية نيوز"، إنه قد حان الوقت
لتتضح الحقيقة النوبية التي لا يعلمها كل مواطن مصري فعمليات التهجير إلى الشمال
كانت الأقصى، والأصعب في التاريخ النوبي، فتم نقلهم في مراكب صغيرة
"صنادل" مع الأغنام والممتلكات كل على بعض في خلط مهين للبشرية.
وأضاف
الشاعر النوبي، أنه لا يوجد عقل يصدق أن يترك إنسان بيته ووطنه ويخرج سعيدًا مبتهجًا، مؤكدًا أن الشعب النوبي دائمًا مهان في مصر بشكل غير مفهوم.
وأشار زين
العابدين إلى واقعة مقابلة الوفد الممثل للنوبة للرئيس المعزول محمد مرسي الذي
فاجأهم بقوله "أهلا بالجالية النوبية"، واستنكر الشاعر النوبي الأصيل
تعامل الحكومات المصرية باختلاف الرؤساء مع الشباب النوبي، وإلغائهم ملتقياتهم
الثقافية والفنية بدواعٍ أمنية بشكل غريب فالنوبي لا يمثل خطرًا على مصر بل النوبي
أحد أسباب النصر في حرب أكتوبر ولغته النوبية التي استخدمت كشفرات في الحرب سببا
رئيسيا في عدم إدراك المخابرات الإسرائيلية لمعان وخطط الكتائب العسكرية المصرية.
وأوضح
الشاعر والكاتب النوبي، أن أهل النوبة حضارة وفكر وثقافة ولقد طال الأمد في البعد
والفراق بينا وبين وطننا ومهد حضاراتنا، ولقد حان الوقت لعدم الاستخفاف بمشاعرنا
الوطنية والبدء بقرار ملموس في إعادة تسكيننا لوطننا الجنوبي.
"مكناش مبسوطين وإحنا بننطرد"
كما أكد
محمد داود، الشاعر النوبي، لـ"العربية نيوز"، أن مسلسل
"المغني" الذي يعرض حاليًا على شاشات الفضائيات، والذي يقوم ببطولته
المطرب محمد منير، به العديد من الأخطاء التاريخية فى حق النوبيين.
وأضاف
داود، أن النوبيين لديهم 3 لغات فقط هم "الفادجية والكنزية" بجانب
اللغة الأم "العربية"، مؤكدًا أن اللغة الصعيدية التى ظهرت بالمسلسل
كلغة للنوبيين تبعد كل البعد عن أهل النوبة.
وأعرب
الشاعر النوبي عن استيائه الشديد لما تناوله مسلسل "المغني"، فيما يخص
عملية التهجير، قائلًا: "أكيد مكناش مبسوطين وإحنا بننطرد من بلدنا
وتراثنا"، حيث إن المسلسل أظهر أهل النوبة فرحين بهذه العملية وسعداء وحاملين
صورة عبد الناصر، لافتًا إلى أن الواقع أن التهجير كان قسريًا وتم نقل النوبيين في
مراكب المواشي وفقدوا ممتلكاتهم إثر ذلك، ثم انتقلوا إلى وادي الجن الذي أسماه
النوبيين وادي جهنم بعد ذلك لقساوته.
ونفى شعور
أهل النوبة بالتفرقة العنصرية من قبل الآخرين، مشيرًا إلى أن كل المعاناة التى
يعانيها النوبيون بسبب تهجيرهم من وطنهم حيث من ضفاف النيل والخضرة، إلى جو
الصحراء.