فؤاد عزيز غالي.. القائد الذي غير مساره من الطب إلى الحربية فحرر القنطرة
لم يكن القائد العسكري الكبير الوحيد في التاريخ المصري، لكنه المسيحي الأبرز والأكثر شهرة والأقدر على تجسيد معنى الانسجام الوطني الذي لا يعرف التمييز.
شاء القدر أن يحرمه من الحلم الذي كان يراوده؛ فكان يسعى للالتحاق بكلية الطب، وبعدما اقترب منها وتفوق في الثانوية وحصل على أعلى الدرجات؛ قام بتجهيز أوراقها؛ إلا أنه لم ينتهي من تقديمه.
في الوقت نفسه كان باب القبول بالكلية الحربية ما زال مفتوحًا، فوضع أمامه الفرصة لتغيير قبلته في آخر اللحظات من الطب إلى الحربية، وبالفعل تقدم بأوراقه للحربية والتحق بها.
إنه الفريق فؤاد عزيز غالي؛ القبطي الذي ارتقى إلى أعلى المناصب العسكرية مسلحًا بالكفاءة والإخلاص، دون نظر إلى انتمائه الديني.
ولد فؤاد عزيز غالي في محافظة المنيا سنة 1927، التحق بالحربية سنة 1946، وتخرج فيها سنة 1948، وشارك في حرب فلسطين بعد أيام من تخرجه.
عند وقوع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، كان فؤاد من ضباط قوات الحرس الوطني المكلفة بالدفاع عن مدينة الإسكندرية، وفي سنوات الوحدة المصرية السورية، التي امتدت بين عامي 1958 و1961، كان رئيسًا لأركان القطاع الأوسط من الجبهة السورية.
شارك فؤاد عزيز غالي في حرب اليمن، وحصل على نيشان النجمة العسكرية ووسام مأرب؛ تقديرًا لشجاعته وتفانيه في أداء الواجب، وفي حرب 1967 كان رئيسًا لعمليات الفرقة الثانية مشاة، وخاض ببسالة معارك القسيمة وأبوعجيلة.
ويقترن اسم فؤاد بحرب أكتوبر 1973 كواحد من أبرز أبطالها، ويسجل التاريخ بحروف من نور أنه قاد الفرقة 18 مشاة في عبور قناة السويس أول أيام الحرب، وكان له شرف تحرير مدينة القنطرة شرق، وأطلق عليه"وحش القنطرة"، وهي أول المدن المحررة التي ارتفع فوقها العلم المصري.
بعد شهرين من بداية معركة العبور، ديسمبر 1973، أصدر الرئيس أنور السادات قرارًا بترقية فؤاد عزيز غالي إلى رتبة اللواء وتعيينه قائدًا للجيش الثاني الميداني، وامتدت خدمته بالقوات المسلحة حتى العام 1981، حيث شغل عديدًا من المناصب القيادية الرفيعة: رئيس هيئة التنظيم والإدارة، مساعد وزير الدفاع، عضو الهيئة الفنية للهيئة العربية للتصنيع.
نال فؤاد عزيز غالي عددًا كبيرًا من النياشين والأوسمة خلال سنوات خدمته العسكرية الطويلة، أبرزها نجمة الشرف العسكرية، نوط الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولى، ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة من الطبقة الأولى، نوط التدريب والخدمة الممتازة من الطبقة الأولى.
في مايو 1981، تمت ترقية فؤاد عزيز غالي إلى رتبة فريق، وعينه الرئيس السادات محافظًا لجنوب سيناء.
عند وفاة الفريق فؤاد عزيز غالي سنة 2002، شُيع في جنازة عسكرية مهيبة، تقدمها رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة وقادة القوات المسلحة، ويبقى اسمه علامة مضيئة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية.