حادث "سيدة المنيا" هل يؤجج الفتنة الطائفية؟.. أقباط: نقلة نوعية في الاختلاف العقائدي.. الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي.. وعضو "فتوى الأزهر": جريمة بحق الإسلام
أثارت واقعة الفتنة الطائفية التى حدثت فى قرية الكرم بالمنيا، العديد من ردود الفعل المختلفة حول أثر هذه المشكلة على المجتمع وإعادة الحديث عن الفتنة الطائفية التى يمكن أن تحدث فى المجتمع بسبب بعض التصرفات الإجرامية، بعدما جرد شباب القرية سيدة مسنة من ملابسها، قيل إن نجلها ارتبط بعلاقة عاطفية مع فتاة مسلمة.
وتعود تفاصيل الواقعة، عندما انتشرت شائعة بقرية الكرم عن وجود علاقة عاطفية بين شاب مسيحي يعمل نجارًا بقرية الكرم مع سيدة مسلمة متزوجة.
وأصدر الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، بيانًا جاء فيه، إن "الأحداث المؤسفة في قرية "الكرم" والتي تبعد مسافة 4 كيلومترات من مدينة الفكرية، مركز أبوقرقاص بدأت بعد شائعة عن علاقة بين مسيحي ومسلمة، وتعرض المسيحي ويدعى أشرف عبده عطية للتهديد، ما دفعه لترك القرية".
بينما قام والد ووالدة المذكور، بعمل محضر بمركز شرطة أبوقرقاص، أبلغا فيه بتلقيهما تهديدات، متوقعين فيه بأن تنفذ تلك التهديدات في اليوم التالي.
وبالفعل قامت مجموعة يقدر عددها بـ300 شخص، خرجوا في الثامنة من مساء اليوم التالي الجمعة 20 مايو 2016، يحملون أسلحة متنوعة تعدوا على 7 من منازل الأقباط، حيث قاموا بسلبها وسرقتها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار في بعضها، حيث قدرت الخسائر المبدئية بحوالي 350 ألف جنيه.
وفى هذا السياق، أكد عدد من رجال الدين المسلمين والأقباط إلى "العربية نيوز"، أن مثل هذه الأحداث لن تؤثر فى علاقة المصريين ببعضهم البعض، مؤكدين أن هذه الواقعة جريمة ليس للإسلام علاقة بها.
جريمة في حق الإسلام
يقول الدكتور عبد العزيز النجار، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، إن "حادث تجريد سيدة مسنة من ملابسها جرمًا بحق الشريعة الإسلامية من الناحية الإنسانية دون الالتفات للمعتقدات"، موضحًا أن موقف الإسلام من هذه الجريمة لا يفرق بين مسلمة ومسيحية، فالناس جميع من حيث الخلق والحقوق والواجبات يتساوون.
وأضاف "النجار" في تصريحات خاصة إلى "العربية نيوز" أن محافظة المنيا تعتبر من المحافظات التي يسكنها عدد كبير من المسيحيين، وهذا ما يسهل حدوث فتن طائفية كثيرة للعمل على نشب الخلافات وافتعال الحرائق والمشادات الكلامية التى تلعب على العصبية التي يتوارثها الأجيال فى هذا المكان، فالمسلمون على مشارف شهر رمضان والناحية الدينية متوهجة والعواطف الروحانية زائدة، ومن السهل أن ينجرف هؤلاء باسم الدفاع عن الدين ومقدسات الإسلام.
وأوضح عضو لجنة الفتوى بالأزهر، أنه يجب على علماء المسلمين والمسحيين، أن يتصدوا لذلك، وأن يتعاملوا مع هذه القضية بحكمة، وأن نترك الأمر للقانون يأخد مجراه، لأنه لن يفرق في أحكامه ومواده بين المصريين، كما أنه ساوى بين الجميع فى الحقوق والواجبات بصرف النظر عن الديانة والمعتقدات.
تصاعد الفتنة الطائفية
وأوضح المفكر القبطي والكاتب السياسي، جمال أسعد، إن "ما حدث في محافظة المنيا من حرق منازل للأقباط وتعرية سيدة مسنة، يؤكد المشاكل الطائفية التى لا يستطيع أحد أن ينكرها، والتى تحولت في بعض الأماكن إلى ثأر طائفي"، لافتًا إلى أنه على مر الزمان لم نجد هذا الأسلوب الشاذ غير الإنساني الذي لا علاقة له بالدين الإسلامي أو بالإنسانية على الإطلاق.
وأضاف "أسعد" في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز" أن من فعل الحادث فى محافظة المنيا ليس له علاقة بالإسلام، الذي كرم المرأة، مؤكدًا أن هذه الحالة تخضع إلى الثأر الاجتماعي الموجود فى الصعيد، فهذا تصعيد ونقلة تاريخية في الاختلاف العقائدي تدعونا إلى التفكر كثيرًا، لاسيما أن هذه سلوكيات داعشية لم نسمع عنها فى القيم الإسلامية والمصرية.
وأشار المفكر القبطى إلى أن هذا الحادث مؤشر على انهيار القيم فى المجتمع المصرى، لافتًا إلى أن المشكلة الطائفية فى مصر الكل مسئول عنها بداية من الأزهر الكنيسة والأحزاب والقوانين، ومجتمعات العمل الأهلي، والعلاقات بين المصريين مسلمين وأقباط هى خير ضامن للسيطرة على الخلاف.
جزء من معركة الدولة مع أعداء "30 يونيو"
ومن جانبه، قال المفكر القبطي كمال زاخر، إن "حادث المنيا لها بعد سياسي واضح"، مضيفًا: "لماذا محافظة المنيا الآن؟"، فهذا الحادث جزء من المعركة الشرسة بين الدولة وأعداء ثورة 30 يونيه".
وأضاف "زاخر" في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، إن تجريد احد السيدات المسيحيات من ملابسها، مشهد كاشف لبعض السلبيات والإيجابيات الموجودة فى المجتمع المصري.
وتابع المفكر القبطي، أن الحادث كشف عن إيجابية تحرك الشارع المصري مع هذه المشكلة وإظهار مدى تعاطفه، بجانب ردود أفعال المسلمين أنفسهم الرافضين والمستنكرين لهذه الواقعة.
وأردف أن حادث المنيا كشف عن قيادات فى المحافظة تملك الشجاعة الكاملة لمواجهة الأزمة، فكانت هناك بيانات غير صدامية وواضحة تعبر عن شجاعة اتخاذ القرار.
كما أكد "زاخر" أن كل المبادرات الخاصة بتصحيح الفكر الخاطئ والتأكيد على وحدة الوطن أظهرت أنها بدون جدوى حقيقية، مطالبًا بدراسة حقيقية لتغيير الفكر المتشدد الموجود فى صعيد مصر.