الرقعة الزراعية إلى زوال.. مصر تخسر 65 ألف فدان من أجود الأراضي.. المخالفات تزداد بصورة مخيفة.. الأمن الغذائي في خطر.. والفلاح لم يعد متمسكًا بـ"الطين"
تعرضت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في الآونة الأخيرة للتعديات بالبناء، في ظل غياب كامل لأجهزة ومؤسسات الدولة المعنية بتلك المشكلة.
وكشف آخر تقرير رسمي صادر عن الإدارة المركزية لحماية الأراضي، عن ارتفاع التعديات إلى مليون و483 ألفًا و955 حالة على مساحة من الأراضي الخصبة، بلغت 65 ألفًا و651 فدانًا أمام نسب إزالة 19% فقط منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن.
كما لم تسعَ الحكومات المتعاقبة إلى تنفيذ القانون رقم 143 لسنة1981، بشأن استصلاح الأراضي الصحراوية المملوكة للدولة، وهو ما جعل الرئيس الفتاح السيسي، يشير إلى ضرورة الاهتمام بتلك الأراضي للحكومة، وبالتدخل القوي لوقف البناء على الأراضي الزراعية.
وأكد عدد من الخبراء، أن هناك أسبابًا وراء زيادة التعديات على الأراضي الزراعية وتفاقمها في الآونة الأخيرة، من بينها غياب رقابة الدولة وعدم تفعيل القوانين، كما أن الفلاح لم يعد يتمسك بأرضه كما كان قديمًا، نظرًا لتضاعف المشكلات التي يتعرض لها في زراعة أرضه والتعقيدات التى تسلك طريقه، مما يجعله يتجه نحو مسار آخر غير الزراعة دون أن يفكر في عواقب ذلك.
تبوير الأرض الزراعية يزداد
فى البداية يقول فريد واصل، نقيب الفلاحين المستقلة، إن "التعديات على الأراضي الزراعية زادت في الآونة الأخيرة بنسبة كبيرة غير باقى السنوات".
وأضاف "واصل" في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز" أن الحكومة صارت تتجاهل مثل هذه التعديات، مضيفًا أن لجنة الزراعة بالبرلمان بالتعاون مع وزارة الإسكان تحاول حل الأزمة، نظرًا إلى أن البناء المخالف ارتفع بسبب أن القانون يعطي الأحقية لمن يملك خمس أفدنه بالبناء، وهذا ما دفع الفلاحين للتحايل على القانون.
وأوضح نقيب الفلاحين المستقلين، أنه طالب بأن يقوم الفلاح الذى يبنى بالمخالفة باستصلاح بعض الأراضي الصحراوية، لافتًا إلى أن هذا سيعود بفائدة كبيرة على الأراضي، لأن الأراضي التي يتم إزالة التعديات منها لا تصلح للزراعة مرة أخرى.
وتابع أن وزارة الزراعة لم تعد تتعاون بالشكل الذي يتناسب مع المشكلات المتفاقمة، لافتًا إلى أن الفلاح كان قديمًا متمسكًا بالأرض وزراعتها، موضحًُا أن التعقيدات التى بات يواجهها في الزراعة جعلته يفرط في أرضه ويتجه للبناء عليها.
وقال فريد واصل، إنه "يرى أن االفلاح اتجه للبناء سواء بطريقة قانونية أو غير قانونية لاحتياجه لمسكن آمن يأويه ويأوي أسرته".
تهديد الأمن الغذائي
وأكد الدكتور مصطفى الدمرداش رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان، إن أساس المشكلة تبوير الأراضى الزراعية هو قانون الأراضى الزراعية والملكيات التى تمت فى فترة الخمسينيات والستينيات، والتى تسببت فى حدوث تفكيك للملكيات، لافتًا إلى أن هذا دفع الناس إلى البناء علي الارض والسكن فيها.
وأضاف الدمرداش في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز" أن المشكلة تفاقمت بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة، لافتًا إلى أن الدولة تهاونت فى الأونة الأخيرة مع المشكلة، وساعد ذلك غياب الرقابة وعدم تفعيل القوانين.
وأشار رئيس المركز لبحوث الإسكان، إلى أن الدولة لا بد أن تتدخل بحنكة لحل الأزمة، ولا بد من وجود قوانين جبرية تمنع هذة التعديات، مؤكدًا على أهمية دور الجيش في منع تلك التعديات، لافتا الى أن الأراضى الزراعية أصبحت صحرواية والصحرواية أصبحت زراعية.
وتابع: "الفلاح مضطر للبناء لأن قوانين الإيجارات لم تكن واضحة"، مشيرًا إلى أن الدولة لم تعطى للفلاح مكان يسكن فيه، منوهًا إلى أن لا يوجد بديل للفلاح فكيف يؤمر الفلاح بعدم البناء والدولة لم تحاول على الأقل أن تمنحهم أماكن بديلة فاضطر الفلاح للبناء.
الفلاح يستغني عن الأرض لأنها تجلب الخسارة
وفي السياق ذاته، قال رائف تمراز، عضو مجلس النواب ووكيل لجنة الزراعة بالبرلمان، إن "اللجنة لم تتساهل في مشكلة التعديات على الأراضى الزراعية"، موضحًا أن الحكومة منحت الفلاح الذي يملك خمسة فدادين الأحقية ببناء على مساحة 100 متر.
وأضاف "تمراز" في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز" أنه ليس كل الفلاحين لديهم خمس أفدنة، فعلى مستوى مصر حوالي 30% فقد من يملكون خمسة أفدنة فقط، لافتًا إلى أن هذا يجعلهم يلجأوا للبناء بطريقة المخالفة.
وأوضح وكيل لجنة الزراعة بالبرلمان، أن الفلاح استغنى عن أرضه لأنه يرى أن الأرض صارت تجلب له الخسارة وليس الخير كما كان يحدث قديمًا، ولم يعد يرى منها أي استفادة فى ظل تفاقم مشكلات وتعقيدات فى زراعته كل عام، لافتًا إلى أن لجنة الزراعة تضع مشكلة الزراعة أولى أولوياتها، وأن اللجنة تقوم فى الفترة الأخيرة بالتنسيق مع لجنة الإسكان من أجل محاولة تعديل القانون ووضع تشريعات جديدة.