"الصحفيين" تكشف الحقائق.. مخالفة "الداخلية" للأعراف سبب الأزمة.. اقتحام قوات الشرطة للنقابة أثار غضب منتسبيها.. وأجهزة الأمن استجلبت وحمت المسجلين وأرباب السوابق لحصار "قلعة الحريات"
أصدرت نقابة الصحفيين بيانًا، اليوم الثلاثاء، عرضت به بعض الحقائق حول واقعة اقتحام قوات وزارة الداخلية لمبنى النقابة قبل أسبوعين.
وقالت نقابة الصحفيين في بيانها إنه وبتاريخ 30 أبريل الماضي، علم نقيب الصحفيين بلجوء صحفى من أعضاء النقابة وآخر متدرب إلى مبنى النقابة، بعد علمهما بتفتيش منزليهما بحثًا عنهما بمقولة إنه صادر بحقهما أمرًا بضبطهما وإحضارهما.
وأوضحت النقابة بأنه وفقًا للسوابق والتقاليد النقابية المماثلة بادر نقيب الصحفيين بالاتصال بمحامي النقابة وبمحامي الزميلين، كما اتصل بالجهات الأمنية ذات الصلة للوقوف على حقيقة صدور أمر الضبط والإحضار من عدمه، لتنفيذه فور التيقن من صدوره بأن يتم تسليم المطلوبين إلى النيابة العامة بناء على رغبتهما، كي يتفاديا إجراءات شرطية قد تنال من كرامتهما.
وأشار البيان: "وبعد أقل من 24 ساعة من تواجد الصحفيين بمبنى النقابة، فوجئت النقابة باقتحام قوات الأمن لمبنى النقابة واقتياد الزميلين إلى خارج المبنى بدون تنسيق ولا إبلاغ رغم وجود اتصالات جارية بين النقيب مع المسئولين بوزارة الداخلية، وفي واقعة هي غير مسبوقة في تاريخ النقابة عبر 75 سنة من تاريخها، الأمر الذي أثار حفيظة الصحفيين ونال من كرامتهم بما فيه من تعدٍ على مقر نقابتهم بالمخالفة للقانون".
وتابع بيان نقابة الصحفيين أنه بعد واقعة الاقتحام انتشرت قوات الأمن لتحاصر مقر النقابة، مما جعل الأزمة تتجه نحو التصعيد لاستثارة جموع الصحفيين، وهو ما لم تكن تأمله النقابة ولا الصحفيين.
وأوضحت أن الأمن استجلب حشودًا يستعين بهم فى مثل هذه المناسبات، من أرباب السوابق والمسجلين خطر، لإيهام الرأي العام أنهم "مواطنون شرفاء" يستنكرون موقف النقابة، فاعتدوا على الصحفيين بدنيًا وقوليًا وبإشارات بذيئة وفاضحة، وبإلقاء الحجارة على مبنى النقابة، وجرت كل هذه الأعمال المخالفة للقانون والمنافية للآداب العامة تحت سمع وبصر قوات الشرطة وفي ظل حراستها.
ولفتت إلى أن الغريب أن قوات الشرطة التي حاصرت النقابة غضت الطرف عن القبض على هؤلاء في أقل القليل بتهمة التظاهر بدون تصريح، ويشهد على ذلك ما سجلته الكاميرات من شرائط وصور وأفلام أذاعت بعضها وسائل الإعلام، ولعل ما حدث للصحفى خالد داود وهو مسجل بالصوت والصورة يقدم واحدة من النماذج لما كانت تقوم به تلك الكتائب من البلطجية وأرباب السوابق حول نقابة الرأي، نقابة الصحفيين.
كما قال البيان إن النقابة تقدمت ببلاغ إلى النائب العام تتضرر فيه مما أسلفناه، بتاريخ 152016، وقُيد تحت رقم (6380) لسنة 2016 عرائض النائب العام وذلك بتاريخ 452016.
ورصد بيان نقابة الصحفيين عددًا من الحقائق:
إن نقابة الصحفيين وهي تدافع عن نفسها، وعن كرامة المنتسبين إليها وعن تاريخها الطويل لم تكن لتتخذ أي إجراء يخالف القانون، بل كانت فى حالة دفاع عن القانون، ولم تكن يومًا حائط صد في مواجهة تنفيذ القانون ولن تكون.
إن النقابة لم ولن تكون يومًا ضد أي مؤسسة من مؤسسات الدولة، بما فى ذلك مؤسسة الأمن، إيمانا من النقابة بأهمية دور الأمن، وأنه لا حياة لمجتمع بدون أمن، وإن موقفها في الأزمة التي لم تبتدعها ولا سعت إليها، إنما هو في حقيقته موقف المدافع عن كرامتها التي انتهكت بمجاوزة القانون، حال تسمية من تجاوزه أنه ينفذ القانون.
إن التوصيف الصحيح لما جرى على حقيقته أن موقف النقابة، خلال هذه الأزمة هو دفاع عن قوة القانون في مواجهة اقتحامٍ لمقرها بقانون القوة.
إن القانون يعلو ولا يعلى عليه، وهو مظلة فوق رؤوس الجميع.
وقال بيان النقابة، إن التساؤل الذى يطرح نفسه:
هل دخول قوات الأمن مبنى النقابة عنوة، حتى ولو كان لغرض تنفيذ أمر ضبط وإحضار، يوافق القانون.. أم يخالفه؟
وتابعت، الاجابة هي: إن ما تم جاء كله بالمخالفة للقانون.
وسند ذلك:
من حيث إن الأصل العام هو أن سلطة القبض والتفتيش سلطة أصيلة بيد النيابة العامة. وقد أباح القانون للنيابة أن تندب أي تصدر إذنًا لأحد مأموري الضبط القضائي المختصين لإجراء قبض أو تفتيش تخفيفًا من المشرع عنها لتتفرع لمهمتها في إجراء التحقيق القضائي.
إن المشرع في كثير من التشريعات لعلة قدرها، سحب من النيابة العامة حق أن تندب غيرها فى إجراء معين بشأن أشخاص أو أماكن معينة، وألزمها أن تأتى هذه الإجراءات بواسطة أحد أعضائها كأصلاء فى الإجراء صونًا لأسرار هذه الأماكن.
ومثال ذلك، ما استلزمه المشرع حين تفتيش مقار النقابات أو الأحزاب أو مكاتب المحامين، حيث استلزم أن يجرى التفتيش بمعرفه النيابة.
بل أن المشرع في حين يسحب حق النيابة في إصدار إذن بتفتيش أشخاص لعلة قدرها المشرع في عملهم، مثل القضاة وأعضاء النيابة، لا يملك النائب العام الإذن بتفتيشهم أو تفتيش مساكنهم إلا بعد صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى، والذي ينفذه يكون عضو نيابة بدرجة تلائم المأذون بتفتيشه، ويُحددها الإذن بقوله مثلًا (على أن يقوم بتنفيذه محامي عام على الأقل) وذلك لحماية استقلال القضاة.
بل أن المشرع في حين آخر يُبطل رغبة النيابة في إصدار إذن لحين أن يأذن للنيابة في ذلك.
ومثالُها.. أعضاء مجلس النواب الذين لا تستطيع النيابة أن تأذن بقبض أو تفتيش بشأنهم إلا بعد صدور إذن لها من المجلس، صونًا لرسالة النائب، وتوفيرًا لقدر من الأمان له وهو يباشر رسالته ذات الاحتكاك الرقابي، ونجعله عرضه للعصف به دون مقتضى. والذي يقدر المقتضى الموجب لصدور الإذن هنا هو مجلس النواب.
بل أن المشرع في حين آخر يستلزم لكي تتمكن النيابة من تحريك الدعوى الجنائية أن تستصدر إذنًا بذلك من الوزير المختص (مثال ذلك قضايا الجمارك).
وفيما يخص نقابة الصحفيين، هناك نص المادة (70) من القانون 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين، استلزم حين يتم تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقابتها الفرعية أو وضع الأختام عليها، أن يتم ذلك بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، وبحضور نقيب الصحفيين أو من ينوب عنه إن كان التفتيش يستهدف مقر النقابة العامة، وإن كان يستهدف الفرعية فيكون بحضور نقيب الفرعية أو من ينوب عنه.
والغاية من ذلك أن المشرع رأى هنا أن أهمية المكان وما يحويه من أسرار تستوجب أن يقوم الأصيل بنفسه (النيابة العامة) بإجراء التفتيش، ولا يجوز أن يتم بواسطة منتدب لذلك لمأمور الضبط.