في أصول تحضير العفاريت
هناك مثل شعبي يقول "اللي حضر العفريت يصرفه".. وعودتنا الحكومات المتعاقبة على أرض المحروسة على تحضير العفريت وصناعة الأزمات ثم تضرب لخمة و"حيص بيص " ولا تستطيع صرف العفريت أو إدارة الأزمة.
وهناك فن وعلم اسمه إدارة الأزمات وهناك نظرية أخرى اسمها الإدارة بالأزمات أي صناعة مجموعة من الأزمات المترتبة على بعضها أو المنفصلة لإلهاء الشارع أو ضرب تيار سياسي بتيار سياسي آخر.
فإدارة الأزمة تعني كيفية التغلب عليها بالأدوات العلمية الإدارية المختلفة، وتجنب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها بينما الإدارة بالأزمات تقوم على افتعال الأزمات وإيجادها من عدم كوسيلة للتغطية والتمويه على المشاكل القائمة التي تواجه النظام السياسي، فنسيان مشكلة ما، وهذه النظرية يتم تنفيذها عندما تحدث مشكلة أكبر وأشد تأثيرًا، بحيث تطغى على المشكلة القائمة، وهكذا يتعرض أي نظام سياسي لأزمة تلو الأخرى، وتتعاقب عليه الأزمات متلاحقة حتى تنهش جسده ويتداعى وينهار وهو ما تم فى الاتحاد السوفييتي السابق .
لذلك فإن الكثير من العلماء يطلقون على الإدارة بالأزمات "علم صناعة الأزمة" للتحكم والسيطرة على الآخرين، والأزمة المصنوعة لها يجب أن يكون لها معايير حتى تبدو حقيقية ويستطيع النظام إقناع الرأي العام بها، وحتى تؤتي ثمارها، وأهم مواصفاتها هي الإعداد المبكر، التهيئة المناسبة، وتوزيع الأدوار على قوى صنع الأزمة، واختيار التوقيت المناسب لتفجيرها، وإيجاد المبرر والذريعة لهذا التفجير.
ولأن حكوماتنا المتعاقبة تفتقر بالأساس إلى الحنكة السياسية لأن معايير اختيارها تحكمه الأهواء والمصالح فى كثير من الأحيان فقد ورطتنا فى الكثير من العفاريت والمردة –جمع مارد – ولعلكم تتذكرون كتالوج صفوت الشريف وحبيب العادلى عندما كانت تحدث أزمات الخبز أو إذا أرادت الدولة جباية الضرائب فتقوم بصناعة أزمة سياسية أو فضيحة جنسية مثل "سي دي" دينا وحسام أبوالفتوح أو شبكات الدعارة التي اتهمت فيها فنانات أو انقلاب القيادات داخل الأحزاب.
كانت الأجهزة الأمنية وقتها – رغم خبثها وشرورها – محترفة وقادرة على الخروج من الأزمات بالأزمات.
أما الآن فنحن مع مجموعة من الهواة حديثي الخبرة بالسياسة والتعامل الأمني.. بعضهم تعلم فى لندن وواشنطن بعض المهارات التي يرى أنها قادرة على إدارة بلد بحجم مصر وهذا غباء لا نستطيع تحمله ولا الظروف السياسية المحيطة بالبلاد تتحمله ولا حجم مصر وتاريخها يتحمل تجريب الهواة.
عزيزى القابع فى مكانك الذي أعرفه.. إن لم يكن لديك خبرة فى صرف العفاريت فلا تجرب تحضيرها لأن العواقب ستكون كارثية.. وسأسديك جميلا بمعرفتى لشيخ قدير يستطيع صرفها.. "منتظر تليفونك".