القانون لا يحمي المغفلين.. ما هي أسباب انتشار ظاهرة "المستريحين".. الثقة والإغراءات والتلون بالدين وسائل النصب على الغلابة.. وخبراء: الجهل بالنظام المصرفى يزيد ضحايا النصابين
في زمن قانون الغاب لا بقاء إلا للأذكى والأدهى والأمكر، فالضمير الإنساني لم يعد يحمل في ثناياه صفات الرحمة والشفقة والمساعدة إلا من رحم ربي، فإن كان بإستطاعتك الربح فلا تفكر إلا في كيف تربح وكيف تنمي ما ربحت، ولا يهم علي حساب من يكون الربح، فأنا ومن بعدي الطوفان.
انتشرت في الفترة الأخيرة حوادث وبلاغات من مواطنين بوقائع نصب ممن يسمون بـ "المستريحين" التي يعد تكرارها لمسلسل طويل من عمليات النصب المشابهة والمكررة في أكثر من مكان على أرض مصر، حيث ألقت مباحث الأموال العامة، اليوم، القبض على نصابة استولت على 7 ملايين جنيه من المواطنين بزعم توظيفها للأموال في مجال المستلزمات الطبية مقابل أرباح شهرية بالإسكندرية.
تعتبر ظاهرة المستريحين ظاهرة لا أخلاقية من العيار الثقيل فلا يجد المستريح أي رحمة أو شفقة بغيره من المواطنين الحالمين بتنمية ما حصدوه من أموال، والتي في الغالب ما تكون ناتجة عن ثمرة كفاح طويل وشاق.
وفي حقيقة الأمر فإن المستريح شخص شديد الدهاء ودارس جيد لنفسية من حوله من مواطنين فيعرف كيف يجذبهم وكيف يكتسب ثقتهم حتى لا يتوانوا في دفع ما حصدوه دون ضامن يحميهم، مفضلين أرباحه عن أرباح البنوك.
خلال عام 2015 أظهرت التقارير أن حصيلة ما جمعه "المستريحين" يتعدى الـ7 المليارات و281 مليون جنيه.
المستريحون"هم المتهمون في قضايا النصب وتوظيف الأموال نسبة للمتهم أحمد المستريح، بزعم الاستثمار في مجالات المضاربة في العملات الأجنبية وكروت الشحن والعقارات والكمبيوتر والدواجن ومستحضرات التجميل، وتخصيص وحدات سكنية بمشروع، والحصول على وظائف مقابل أرباح شهرية تبدأ من 10% إلى أن تصل لـ 30%.
الإغراءات المادية والثقة وسائل "المستريحين" في النصب
تقول الدكتور هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، إن الإغراءات المادية دافع قوي للمواطنين لاستثمار أموالهم مع من يسمون بـ"المستريحين" وتجعلهم غير قادرين على المقاومة، مشيرة إلى أنه أمام فائدة بنكية قيمتها 7% يجد فائدة استثمار الأموال مع أحد المستريحين أكبر وأقوى، ومع مقارنة ما يحققه الفرد من ربح وما يحققه أقرانه يزداد ثقة في الأمر ولا يتوقع أي إمكانية للنصب.
وأضافت زكريا، في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز" أن النصاب لا يبدأ تعامله بالنصب حتى لا يقفل الباب أمام ربحه، مما يمنح المواطن الثقة في الدفع بأمواله وثمرة كفاحه في حوزة المستريح دون ضامن كاف يحفظ حقه، فـ"الريان" قديمًا على سبيل المثال أظهرت بالأسواق فائدة 24% سحقت الواقع وشجعت أغلب المواطنين على النفور من الفائدة البنيكة ذات الـ7%.
وتابعت أن "المستريحين" يسيرون علي نهج الريان في الثمانينيات، بسرقة أموال المواطنين الذين اضطروا أن يأخذوا بضائع بدلًا من أموالهم فخربت بيوتهم وضاعت نقودهم في فترة كانت قاسية اقتصاديًا على البلاد، بسبب الهزة الاقتصادية التي أحدثها حكر الريان".
وأوضحت أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، أن النصاب مدعي الاستثمار دائمًا ما يلعب على العاطفة الدينية للمصريين فيظهرون على الناس بالجلباب واللحية ويتقربون من رجال الدين كما فعل الريان، كما سوقوا إعلاميًا صورهم مع الشيخ الشعراوي، وحقيقة الأمر أن الناس في حالة يرثى لها فهم يسعون إلى الفوز بالدنيا والآخرة، ويلعب النصاب على تلك الجزئية فيعلن للناس حرمانية أرباح البنوك وإنها ربا يبغضها الله ورسوله فيغلق بذلك مدخل البنوك، ثم يأخذون في الترويج إلى أنفسهم وأرباحهم الحلال هم رجال ورموز الدين.
وأشارت أن المستريح أو النصاب يدرك إدراكًا كاملًا لمناطق التأثير على البشر فيبدأ بالثقة ثم يختفي وقت لا يلوم الإنسان إلا نفسه، فالدولة مهما طبقت القانون سيظل المواطن منجذبًا للمستريحين والربح الوفير.
واختتمت هدى زكريا أن المواطن الذي يتعامل مع المستريحين لا يجازف بأمواله متراخيًا أو كسلاً إنما من أجل تنمية محصلة ثمرة كفاحه طيلة الحياة من الأموال، مشددة على أن الدرس المستفاد من ذلك أنه يجب توثيق العلاقة بين المواطن والدولة "مصدر الثقة الوحيد" الذي لا يضيع معها حق.
وأوضحت أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، أن النصاب مدعي الاستثمار دائمًا ما يلعب على العاطفة الدينية للمصريين فيظهرون على الناس بالجلباب واللحية ويتقربون من رجال الدين كما فعل الريان، كما سوقوا إعلاميًا صورهم مع الشيخ الشعراوي، وحقيقة الأمر أن الناس في حالة يرثى لها فهم يسعون إلى الفوز بالدنيا والآخرة، ويلعب النصاب على تلك الجزئية فيعلن للناس حرمانية أرباح البنوك وإنها ربا يبغضها الله ورسوله فيغلق بذلك مدخل البنوك، ثم يأخذون في الترويج إلى أنفسهم وأرباحهم الحلال هم رجال ورموز الدين.
وأشارت أن المستريح أو النصاب يدرك إدراكًا كاملًا لمناطق التأثير على البشر فيبدأ بالثقة ثم يختفي وقت لا يلوم الإنسان إلا نفسه، فالدولة مهما طبقت القانون سيظل المواطن منجذبًا للمستريحين والربح الوفير.
واختتمت هدى زكريا أن المواطن الذي يتعامل مع المستريحين لا يجازف بأمواله متراخيًا أو كسلاً إنما من أجل تنمية محصلة ثمرة كفاحه طيلة الحياة من الأموال، مشددة على أن الدرس المستفاد من ذلك أنه يجب توثيق العلاقة بين المواطن والدولة "مصدر الثقة الوحيد" الذي لا يضيع معها حق.
جهل المواطنين بالنظام المصرفي يزيد من "ضحايا المستريحين"
من جانبها وأوضحت الدكتور هبة نصار، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن المشكلة الحقيقية في انتشار ظاهرة المستريحين ليست في أن المواطنين يودعون أموالهم مع هؤلاء النصابين فيتأثر النظام المصرفي للبنوك، لأن الفئة التي تتعامل مع مثل هؤلاء من النصابين والمستريحين غالبًا ما يكونون بعيدين من الأساس عن استخدام النظام المصرفي بالبنوك لجهلهم به.
وأضافت أستاذة الاقتصاد لـ"العربية نيوز" أن المشكلة تكمن في تركنا لهؤلاء المواطنين عرضة لتلك الصور من النصب دون توعيتهم لصورة المستريحين الحقيقية ثم تأتي بعدها مرحلة الاستفادة من عوائدهم المادية بالبنوك.
وأكدت "نصار" أن سوء توظيف الأموال في موقعه الحقيقي يؤدي إلى نقص في النظام المصرفي، بداعي أن الفائدة التي تعود من المستريحين أكبر منها في البنوك رغم كبر الفائدة في مصر في وقتنا الحالي، كما أن سوء توظيف الأموال يقلل من قيمة النقود والجنيه الناتج من النقص في النظام المصرفي فمشكلتنا أننا في حاجة للاحتفاظ بالأموال حتى نتمكن من استغلالها.
وأضافت نصار أن رغم تفشي ظاهرة المستريحين، إلا أن ودائع المواطنين بالبنوك كبيرة ولا يمكن إنكارها لكن المشكلة الحقيقة بالبنوك هي عدم استغلال تلك الودائع بمشروعات ضخمة يشعر بها المواطن وتزيد من الفوائد البنكية التي يبعد عنها كثير من المواطنين بداعي الحرمانية الدينية.