"تفسير الأحلام" على الفضائيات بين الحقيقة والخرافة.. الغرض تحليل الحالات النفسية والتنبؤ بأهداف الإنسان.. "هلال": تحولت إلى تجارة مادية بحتة.. ومحاولات العلماء لا تتخطى الاجتهاد

انتشرت برامج تفسير الأحلام على قنوات الفضائيات، التي يدعي مقدموها قدرتهم على كشف رموز الحلم والتنبؤ بما يكشفه من خبايا يمكن ترجمتها في عالم الواقع، بل والوصول إلى مناطق أبعد من ذلك، والكشف عن الغيب والمستقبل، وزاد الأمر خطورة من مجرد تأويل للحلم إلى توجيه حلول واقتراحات للتعامل مع ذلك التأويل فبات الأمر شديد الخطورة أن نتقبل رسم لحياتنا ولمستقبلنا من مصدر غير موثوق فيه، فنضل طريقنا متهمين الحلم لا تأويله.
"العربية نيوز" استطلعت آراء خبراء علم النفس والدين عن مدى حقيقة مفسرين الأحلام الذين يظهرون على الفضائيات، وهل تحول الأمر إلى "سبوبة" لجذب المشاهدين؟.
بداية مع الدكتور طلعت حكيم أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، الذى أكد أن الحلم طريق أساسي للاشعور والعقل الباطن للإنسان، وهو طريقة لتعويض رغباته غير المحققة في عالم الواقع، فالحلم غالبًا يحاول إشباع ما لم يتم إشباعه من رغبات في عالم الواقع سواء رغبات بيولوجية أو جنسية لدى المراهق أو عدوانية.
وأضاف حكيم في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أن ما يذاع على شاشات التلفاز ما هو إلا دجل وشعوزة وغير علمية بالمرة يديره أشخاص لا يدركون حالة صاحب الحلم وتسلسل الأحداث في مراحل حياته ومحصلتها على الشخص، كما أنه لا يجوز أبدًا أن تنطبق رموز الحلم من شخص لآخر.
وأشار أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، إلى أن محاولة التعويض الحادث في الحلم ضروري جدًا للإنسان ويقيه من كثير من الأمراض النفسية أو الجسدية لقيامه بعملية التنفيس الانفعالي للإنسان الذي يتأخر أحيانًا ويظهر في الأحلام بشكل تدريجي.
وأكد أن العلم يمكنه تفسير رموز الحلم بشكل دقيق للغاية، وأن الأحلام التنبؤية قابلة للوجود ويمكن للعلم ملاحظتها، فمن الوارد أن تتحقق طموحات الإنسان في الواقع على سبيل المصادفة، وتكن في عهد سابق حلمًا من أحلام هذا الشخص التي يسعى لتحقيقها.
الحلم تحقيق مقنع لـ"الرغبات المكبوتة"
وأوضح قال الدكتور فتحي الشرقاوي أستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة عين شمس، إن الأحلام هي تحقيق مقنع ورمزي لخبرة لاشعورية لم يقدر الإنسان على تحقيقها في أرض الواقع، وغالبًا ما يكون الحلم تعويضيًا لكبت رغبات بالواقع وتقوم الأنا بمجرد النوم بتنفيسها للخارج والظهور بعالم الأحلام.
وأضاف الشرقاوي في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أن الأحلام تستخدم بالأساس لتفسير الحالات النفسية والعقلية، وأنها أحد وسائل معرفة اللاشعور، كما أن تلك الرموز تمكننا من التنبؤ بأهداف الإنسان وطموحاته وحالته المزاجية ورضائه عن ذاته.
وأكد رئيس قسم علم النفس بجامعة عين شمس، أن وسائل دراسة اللاشعور وترجمة رموزها عديدة إلا أن الأحلام تعد الأصدق في تلك الوسائل حيث تظهر في الأحلام ويظهر معها التنفيس والراحة نوعًا ما.
مفسرو الأحلام ببرامج التليفزيون هدفهم تجاري
كما أكد الدكتور عبد الغفار هلال العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إن تفسير الاحلام الآن بات تسيبًا لا علم فيه فيديره أشخاص يدعون ما لا يعرفون فهم يبتكرون أفكارا لا وجود لها ترضي أهواء المتابعين الغافلين عن أن الحلم من الشيطان يجب سدها، مؤكدًا على أن المفسرين المقدمين للبرامج هدفهم تجاري ومادي بحت، والكارثي أنهم لا يكتفون بالتفسير بل يقدمون اقتراحات وحلولا بناءً على تفسيراتهم.
وأضاف هلال في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أن الحلم في أصله نتاج نفسي يحثنا الإسلام على التحدث بالطيب منه إن أردنا لمن نحب فهو رؤية طيبة من الله، أما إذا كان الحلم خبيثا فالإسلام سد بابه من الأساس فهو حلم من الشيطان تأثيره سيء على النفس.
وأشار العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن كتب التفسير وأشهرها "تفسير الأحلام لابن سيرين" تعتمد على علم النفس بشكل كبير في تأويله لرموز الحلم.
واختتم بأن تفسير الأحلام علم تابع لعلم النفس لا يجب التدخل فيه، وأن أي حالة يجب تشخيصها من قبل علماء النفس لا غيرهم، لافتا إلى أن من محاولات التفسير من علماء الدين اعتمدت محاولاتهم على دراسة علم النفس في الأساس، وأن محاولاتهم لا تتخطى الاجتهاد العلمي البحت لا الديني على الإطلاق.