تنظيم الفتاوى الدينية ضرورة لمحاصرة الفوضى.. عدم المعرفة سبب حالة من الالتباس.. تجريم خوض غير المتخصصين بقانون "مطلب مجتمعي".. وأزهريون: مواجهة المتجاوزين "واجب شرعي"
انتشرت فوضى الفتاوى الدينية بكل أشكالها خلال السنوات القليلة الماضية، وخاصة بعد ثورة يناير 2011، حيث أثارت بعضها المجتمع وخلقت أزمة كبيرة وحالة من الجدل كونت حالة من الالتباس والبلبلة بين المواطنين، فبات أمر الفتوى لا يقتصر على شخص لديه علم ودراية بأمور الدين وشخص جاهل لا يعرف شيء، فيمكن أن تسمع بفتوى تحرم الحلال وتحلل الحرام.
وحاولت المؤسسات الدينية في مصر مرارًا وتكرارًا التصدى لفوضى الفتاوى، لكن دون جدوى تذكر على أرض الواقع، الأمر الذي دعى إليه الكثير من علماء الدين بإصدار قانون يجرم أي شخص من إصدار فتوى وهو غير مختص بذلك.
واعلنت دار الإفتاء المصرية أنها ستتقدم بمشروع قانون للبرلمان، يجرم الإفتاء دون تخصص، ويكون القانون محدد لجهات معينة هي التي تتحمل تلك المسئولية، ومن يخالف ذلك يتعرض لمساءلة القانون.
ومن جانبها، ناقشت "العربية نيوز" عددًا من علماء الشريعة الإسلامية والفقة والعقيدة، حول إصدار قانون موحد للفتوى، وهل سيقضي القانون على فوضى الفتاوى في الفترة المقبلة؟، وماذا عن العقوبة التي ستوضع في هذه القانون؟.
التجريم بقانون "مطلب
مجتمعي"
أكد
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه يتفق تمامًا مع
إصدار قانون يخصص أهل الفتوى، ويجرم من يتعدى على هذا القانون، مشددًا على ضرورة
أن يقتصر إصدار الفتوى على أهل الفقه وعلماء الشريعة الإسلامية، لأن المجتمع عان
في الفترة السابقة من فوضى الفتاوى.
وأضاف
كريمة في تصريحات لـ "العربية نيوز"، أن السبب في فوضى الفتوى انتشار
أنصاف العلماء والدارسين في المجتمع، معتبرًا أنهم الخطر الحقيقي على المجتمع من
خلال فتواهم الشاذة التي تخلق جدل وإثارة في المجتمع، أمثال السلفيين الذين يشيعون
الفوضى في المجتمع من خلال فتواهم.
وطالب
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر بوجود آليات تضمن تطبيق عقوبات على من
يخالف قانون توحيد الفتوى، وأن يقتصر الأمر على من لديهم مرجعية فقهية، بجانب وجود
ضمانات وضوابط تساعد على انتشار المفاهيم الصحيحة عن الدين الإسلامي وتحصين أصحاب
الفتوى بالعلم والمعرفة.
المشكلة في غير المتخصصين
وأوضح
الدكتور صلاح محمود عدلي، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية
والعربية بجامعة الأزهر، إننا في أمس الحاجة إلى إصدار قانون "توحيد
الفتوى"، لافتًا إلى أن مشكلة فوضى الفتاوى ترجع إلى إفتاء غير المتخصصين في
هذا المجال، وأنصاف العلماء الذين أثاروا الفوضى في المجتمع.
وأضاف
عدلي في تصريحات خاصة لـ"العربية نيوز"، أن الفضائيات سهلت ظهور غير المتخصصين وجعلتهم يفتون في كل شيء دون وجود علم حقيقى يستند إليه، الأمر الذي تسبب
في انتشار المفاهيم المغلوطة بالمجتمع وأصبح الأمر فوضوي.
وأكد
أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، اتفاقه
مع إصدار قانون يختص أهل العلم بإصدار الفتوى، ويجرم ذلك على غير المتخصصين،
مضيفًا: "يوجد في مصر دار الإفتاء، هيئة كبار العلماء، والأزهر الشريف، ومجمع
البحوث الإسلامية، بجانب المتخصصين في الإفتاء من أساتذة الشريعة والقانون، فهذه
الجهات هي من لها حق الإفتاء لأنها تضم كبار العلماء في الدين".
وشدد على
وجود تمثيل لدار الإفتاء أكبر في كل أنحاء الجمهورية، حتى تغلق الباب على أنصاف
العلماء أصحاب الفتاوى الفوضوية.
جهات التخصص
ويرى
الدكتور جمال عبدالناصر، وكيل وزارة الأوقاف السابق، أن التصدي لفوضى الفتوى لا
يمكن أن يكون عن طريق إصدار قانون توحيد الفتوى فقط.
وأضاف
عبدالناصر في تصريحات لـ"العربية نيوز"، أن إصدار فتوى القضايا
المعاصرة، تحتاج إلى مراكز بحثية متخصصة قادرة على المراجعة والبحث، ولا يمكن أن
تكون هذه الفتوى قائمة على أشخاص.
وذكر
وكيل وزارة الأوقاف السابق، أن إصدار الفتوى الموجودة في محيط المجتمع يصعب
السيطرة عليها، فيمكن أن يكون هناك ترشيد لها، بحيث يصبح أهل التخصص والعلم هم
المسئولون عن ذلك، فإصدار القانون ليس النهاية للقضاء على فوضى الفتاوى.
وأوضح
أن الدولة بها 3 جهات لإصدار الفتوى: دار الافتاء، لجنة الإفتاء في الأزهر، المكتب
الفني لبحوث الدعوى في وزارة الأوقاف، لكن هذه الجهات لا تقدر على تلبية احتياجات
المواطنين التي لا تنتهى أبدًا، لافتا إلى أن قانون توحيد الفتوى بداية للسيطرة
على تنظيم الجهات المختصة بالفتوى.