عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

أحفاد الفراعنة


نعم نحن أحفاد الفراعنة، وننتمى لأجداد صنعوا لهذا الوطن تاريخًا، وصدق أجدادنا عندما أفهمونا جيلًا بعد جيل أن مصر أم الدنيا بالجهد والعرق والنضال والتضحية والفداء ونكران الذات، وكان الرواه صادقين عندما ألفوا فيها الروايات، وحكوا بشأنها الأساطير، وكان الشعراء صادقين عندما نظموا فيها أبيات شعرية رائعة تعكس واقع الحال حتى قالوا فيها ما قال مالك في الخمر، وصدق المؤرخون عندما سطّروا بأحرف من نور في صفحات التاريخ أن شعبها أبيّ، خرج من رحمه الساسة والمناضلون وقاهرو الهكسوس والتتار والصليبيون.

كثيرًا ما تمنيت أن تصل القناعة التي ترسخت يقينًا في الوجدان جيلًا بعد جيل بعظمة مصرنا الغالية، ووطننا الحبيب لكل الدنيا، ولكن كيف يمكن أن تتحقق تلك الأمنية والكل يشوه الكل، حتى فرضوا على أنفسهم أن يعيشوا في غيبوبة قد تطول، ولا ينتبهوا أن هناك من يدفع خلف ستار لتلك الحالة الدراماتيكية ليظل الوطن هكذا قابعًا في مستنقع عفن، يستطيع من خلاله أي بوق إعلامي مأجور أو سياسي مغمور أو مسئول مجهول، أن يأخذوا بتلابيبنا حيثما يريدون هم وإلى أي توجه يشاءوا طواعية منا بعد أن يسلبوننا إرادتنا إلى الدرجة التي رغم أننا ندرك فيها هذا الخداع إلا أننا نظل في حالة من التيه كان من نتيجتها انعدام الأخلاق وضياع القيم وتلاشي الثقافة الراقية.

لا أعرف حقًا كيف وصل الحال ببعض أبناء هذا الشعب العظيم أن يتحولوا لمجرمين وبرخصة، كيف سمح ضميرهم وسمحت أخلاقهم ورضيت وطنيتهم أن يبيع البعض منهم لحوم الحمير في محلات الجزارة وخارجها، وكذلك ذبح الحيوانات النافقة والميتة والتوسع في تناول الأطعمة التي تصنع من أحشائها، والقبول بطرح الدجاج النافق في أرقى محلات الأطعمة وأشهرها وبيع الأسماك التي ألقى بها البحر على شطآنه لفسادها، والأخرى التي يتم تربيتها على أعلاف تسبب السرطان الأمر الذي جعل الناس لا يعرفون ماذا يتناولون من أطعمة بعد أن أصبحت جميعها يشوبها العطب ويكتنفها الريبة.

لم يتوقف الأمر على تلك الأمور الكارثية حقًا بل تعداها لينال من قيمة وقدر عماد الأمة.. الشباب الذين عقدنا عليهم الأمل في قيادة المسيرة وتحمل المسئولية وحمل راية النضال والسير في طريق العزة والكرامة والكبرياء، عبثوا بعقولهم ولا نرى أمامنا سبيلًا لإصلاح أحوالهم إلا بأن نعترف أنه بات واضحًا وجود فئة كبيرة منهم فقدوا الاحترام، وتخلوا عن الأدب، وأصبحت مفردات كلماتهم العادية وحتى حواراتهم ونقاشاتهم تتسم بالقذارة والتدني والانحطاط، بل إن من أهم جوانب فخر بعض هؤلاء الشباب أنهم يجيدون التطاول على من هم أكبر منهم سنًا ومقامًا ورؤية ومكانة اجتماعية ووظيفية، لا نكاد نتحدث معهم حتى يمطروننا بأقزع وأحط الألفاظ بدون داعٍ، بل إن الشخصيات العامة وكل من لهم قدر في المجتمع أصبحوا هدفًا لهم يفتخرون به ولا أعرف أي وطن هذا يكون منطلق الشباب فيه إجادة قلة الأدب، ويفخر كل شاب منهم أنه شتم فلانًا وأهان علانًا على الفيس أو في المواجهة عبر نقاش أو حوار وذلك على سبيل الخيلاء، الأمر الذي أصبح على يقين معه أن المستقبل مظلم بعد أن انهار وبحق أعظم ما يمتلكه أي وطن وهم الشباب.

يقينًا.. إن ما قال به الرواة والكتاب والمؤرخون والآباء والأجداد هي الحقيقة التي تعايشوا معها وعاشوا بها، وما أقول به هو الصدق، وما أعبر عنه من آلام وأحزان هو ما أشعر به، وما أطرحه واقعًا حقيقيًا في هذا الشأن ينطلق من قناعات راسخة وحقيقية يقينية استقرت بالوجدان، لأنني أقترب إليها بصدق لذا أطرحها بأمانة وموضوعية بلا مجاملة أو زيف أو خداع لأنني حقًا لا أجيد الحديث باستخدام الكلمات الحالمة والعبارات المنمقة التي تخفف من كارثة الواقع المجتمعي المؤلم، إلا إذا كنت متعايشًا معها بصدق، مقتنعًا بها بيقين، بل إنني أتمنى أن تكون أي نظرة مؤلمة لي خاطئة، بل سأكون أسعد الناس لو أقنعني أحد بعكسها، لأنني أنشد حقًا التفاؤل بما هو قادم من مستقبل لهذا الوطن، ولهؤلاء الشباب، ولتلك الأمة، الأمر الذي يجعلني متمسكًا برسالتي في هذه الحياة التي تفرض على شخصي الاستمرار في دق ناقوس الخطر بصدق وأمانة.

يقينًا.. لن ينحرف قلمي عن جادة الصواب بإذن الله، أو يتورط في خداع أبناء الشعب بكلمات النفاق وأحاديث الخداع لأن النوايا صادقة، والأهداف تتسم بالنبل والشرف وتنشد الخير، كل الخير، لوطننا الغالي.