جلسات البرلمان
أعتقد أن الذين منعوا بث جلسات البرلمان ظرفاء، ولكن الأكثر ظُرفا منهم هم بعض الإعلاميين الذين يؤيدون موقفهم، لأن بث جلسات البرلمان لا يحدث إلا فى عدد محدود من الدول، ولا تأخذ به الدول الديمقراطية، أقول لهؤلاء الظرفاء: الدول الديمقراطية لا تحتاج لذلك، لأنها دول ديمقراطية عريقة.
ولا أحد يمنع بث الجلسات إذا رغبت قناة تليفزيونية فى ذلك، لكن بث الجلسات معروف فى بعض الدول حديثة النشأة بالديمقراطية التى ترغب فى تحول ديمقراطى حقيقى، لأنها وجدت فى بث جلسات البرلمان فوائد كثيرة تتعلق بتعلم الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وقيام الشعب بمراقبة النواب مما يساعد على تحسن أدائهم ومراعاة قواعد السلوك الرشيد سياسيا وديمقراطيا، وحتى لغويا!!
الظرفاء بتوع المنع حريصون على المال العام جدًا خالص، لذلك يقولون إن الشعب ليس لديه وقت لمتابعة الجلسات، ومن غير المفيد اقتصاديا تخصيص قناة لبث نقاشات قد لا يتابعها الناس، بالرغم من أن كثيرا من قنوات ماسبيرو لا يشاهدها أحد، كما أنه من المبكر جدا الحكم على مدى متابعة الناس لجلسات البرلمان، لذلك دعونا نجرب ثم نقيم ونحكم. ظرفاء ولكن.. يقولون إن بث جلسات البرلمان يجعل النواب حريصين على الشو الإعلامى أكثر من النقاش الجاد والرشيد، وهو قول يجمع بين الطرافة والحماقة، لأن للبرلمان رئيسا وقواعد تنظم الأداء، وتحدد مجالات المناقشة، ثم إذا نجح نائب فى الاستعراض أمام الشاشات فى جلسة أو جلستين فإنه لن ينجح فى باقى الجلسات.
والأهم من ذلك أن الشعب سيكشف بعد عدة جلسات نائب الشو الإعلامى من النائب الجاد، ولاشك أن نائب الشو الإعلامى سيخسر كل شىء. أيها الظرفاء.. أوضاع كل بلد ومدى انتشار ثقافة الديمقراطية واحترام آلياتها، هى التى تفرض مثلا وجود رقابة قضائية على الانتخابات أو بث جلسات البرلمان، أو وجود توازن بين سلطة الرئيس والبرلمان والحكومة.. القصد أنه لا توجد وصفة جاهزة، لكن بالقطع أوضاعنا فى مصر ونحن فى سنة أولى ديمقراطية تفرض الرقابة القضائية على الانتخابات وبث جلسات البرلمان.