أوروبا تدق طبول الحرب.. الدم طريق الغرب للسيطرة على الشرق الأوسط.. والعرب يدفعون ثمن الإرهاب مرتين
الغضب والهلع الذي أصاب أوروبا بعد تفجيرات باريس، الجمعة الماضي، دفع قمة العشرين التي أنهت اجتماعاتها، اليوم الثلاثاء، في تركيا، إلى تمحور نتائج اجتماعاتها حول مواجهة الإرهاب وتوجيه أصابع الاتهام إلى سوريا، باعتبارها حاضنة لتنظيم "داعش"، وهو ما يعيد إلى الأذهان قرارات الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، ليدفع شعب أفغانستان ثمن جريمة لم يرتكبها حتى الان الوضع الذي يؤكد أن أيادي قيادات العالم الملطخة بالدماء لم تكتفِ بعد، وتريد المزيد من سفك دماء من لم يرتكبوا إلى شيء سوى محاولاتهم التحرر والتخلص من الاستبداد.
العرب يدفعون ثمن الإرهاب مرتين
التغيرات التي شهدها المسرح السياسي في العالم العربي كبير خاصة خلال الأربع سنوات الماضية، فبعدما كانت الحركات السلفية محجمة تمامًا عن المشاركة في العملية السياسية وركزت عوضًا عن ذلك على الأنشطة الدعوية لنشر أفكارها الدينية المحافظة، وانخرطت في العمل الخيري والاجتماعي الرامي إلى تغيير المجتمع نحو توجهات أيدلوجية خاصة بها، ساعدها في ذلك بعض الأنظمة العربية المنتمية إلى نفس الأيدولوجية الفكرية. لكن الثورات العربية التي اندلعت في عام 2011 تحولت عن مسارها، إذ أنشأ سلفيو مصر أحزابًا عدة بعد سقوط حسني مبارك، وكذلك فعل نظراؤهم التونسيون، وأنشأوا أحزاباً سلفية في تونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي.
وباركت عدد من دول أوروبا هذا الحضور باعتباره إضافة إلى المشهد السياسي في مصر وتونس، قيمة على عملية الانتقال الديمقراطي في البلدَين، وقدمت تحليلاً ومبررًا واضح، وهو أنه على الرغم من أن هذه الأحزاب محافظة، إلا أنها توافق على العمل السياسي السلمي باعتباره وسيلة للتغيير، كما ترفض استخدام العنف، ما يسمح بدمج شريحة كبيرة من المجتمع في العملية السياسية.
يضفي وجود الأحزاب السلفية أيضًا قدرًا من التنوع على المشهد السياسي الإسلامي، فيصبح من الصعب على أي حزب إسلامي واحد أن يدعي أنه يمثّل جميع المسلمين.
الثورة تدفع الثمن
التحليلات الأوروبية والتي كان هدفها المزيد من السيطرة على منطقة الشرق الأوسط دفعتها لغض الطرف على جذر الأيدولوجيا الفكرية للحركات السلفية المتشددة الرافضة بالأساس للديمقراطية والتعددية، كنتيجة لما قامت به أوروبا منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي من دعم للتنظيمات الإسلام السياسي وخاصة الأكثر راديكالية منها كأحدى آليات الضغط على الأنظمة العربية، من أجل وضع تصور أن تلك التنظيمات بديل للأنظمة في منطقة الشرق الأوسط واستخدامها كفزاعة، من أجل المزيد من رضوخ الأنظمة العربية لتوجهات الغربية.
أوروبا تدق طبول الحرب
من جهة أخرى، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، الثلاثاء، أن الاتحاد أيد "بالإجماع" طلب المساعدة الذي قدمته فرنسا بعد اعتداءات باريس لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.
وقالت موغيريني خلال مؤتمر صحفي مشترك اليوم الثلاثاء، إن الاتحاد الأوروبي أعرب بالإجماع على لسان جميع دوله الأعضاء عن أشد دعمه واستعداده لتقديم المساعدة المطلوبة لفرنسا بعد الاعتداءات التي ضربت باريس وأوقعت ما لا يقل عن 129 قتيلاً.
وجاء الطلب على لسان وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، مستشهدًا ببند في المعاهدات الأوروبية ينص على التضامن في حال تعرض إحدى دول الاتحاد لعدوان. وقال خلال اجتماع لوزراء الدفاع الأوروبيين في بروكسل إن "فرنسا لا يمكنها أن تبقى وحيدة في هذه المواقع"، بحسب ما نقل عنه مقربون.
وقال الوزير "إن فرنسا تود أن تطلب من شركائها الأوروبيين دعمهم من المنطلق الثنائي وبشكل متناسب مع إمكاناتهم في مكافحة داعش في العراق وسوريا، ومشاركة عسكرية متزايدة من جانب الدول الأعضاء في مواقع العمليات التي تنتشر فيها فرنسا".
وهذه أول مرة تستشهد دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي بهذا البند المشابه بمبدئه للمادة الخامسة من معاهدة الحلف الأطلسي، والتي استندت إليها الولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 وصولا إلى تدخل الحلفاء في أفغانستان.