عمالة الأوقاف صداع في رأس "جمعة".. الحكم القضائي يقضي بالعودة.. الموظفون: الوزارة ماطلت وجعلتنا على الأرصفة.. القطاع الديني: محاولات التقنين مازالت مستمرة
يبقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ووزارته رهن أزمات متلاحقة بعضها تسببت به وزارة المالية، والبعض الآخر وقف وراءه عدد من وكلاء ومفتشي الوزارة، الذين سعوا إلى جني الأموال والتربح من خلال مناصبهم، في توظيف أكثر من 11 ألف عامل، حيث تحاول الوزارة وصفهم بالعمالة الوهمية.
ففي تصعيد غير متوقع، فوجئ وزير الأوقاف بمئات العاملين بأوقاف البحيرة والإسكندرية يحاصرون الديوان العام، مطالبين بالتعيين وصرف رواتبهم، مصعدين الأمر إلى رئاسة الجمهورية، مما جعله متورطًا في تنفيذ وعده بتدارك الأمر مطلع الشهر الجاري، إلا أنه بدأ في تقسيم الأمر على مراحل، من شأنها التوصل إلى حل لتلك الأزمة.
بدايات الأزمة
خطاب موجه من رئيس شئون العاملين بمديرية أوقاف الإسكندرية، سكر إبراهيم محمد، كشف عن وجود أكثر من 4 آلاف عامل، ليس لهم قرارات تعيين ويتقاضون مستحقات مالية، مضاف إليها العلاوات الخاصة، مطالبة بإصدار قرار لتعيين تلك العمالة رحمة بهم وحفاظًا عليهم من التشرد، وحفاظا على حقهم حال توفي أحد منهم أو خروجه على المعاش، محذرة من خطورة تهديدهم بالتظاهر أمام الوزارة.
إقرارات التنازل
ووفقا لقرار الأوقاف الموجه للعاملين:" أقر أنا الموقع أدناه..أنني أقبل تعييني في اي مديرية تابعة لوزارة الأوقاف على مستوى جمهورية مصر العربية كذا قبولي أن يكون تعييني من تاريخ موافقة لجنة شئون العاملين بوزارة الاوقاف اي أن كون تعيين جديد ولا يحق لي المطالبة بأي مدة سابقة بالأوقاف، وإن كان هناك ثمة دعاوى مرفوعة مني متداولة بخصوص المطالبة بمدة في الأوقاف سابقة على تاريخ التعيين محل الاقرار يكون هذا الاقرار بمثابة تنازل عن تلك الدعاوي ويعد ذلك تنازلا عن أي مدة سابقة".
القضاء ينصفهم
من جانبه، كشف شعبان محمد، عامل بأوقاف الإسكندرية، أن محكمة القضاء الإداري، حكمت لصالح 666 عاملاً من عاملي أوقاف البحيرة، كفر الشيخ ، المنوفية، ممن رفضوا التوقيع على قرار الوزير بالتنازل عن التعيينات السابقة، والتعيين بموجب تعيينات جديدة تعلنها الوزارة وهو الأمر الذي لم يحدث منذ توقيع زملائهم على الإقرارات.
وقال محمد في تصريحات لـ"العربية نيوز" إن "المحكمة قضت بالعودة للعمل وصرف الرواتب بأثر رجعي، مع التعيين الفوري والعاجل بتواريخ التعيينات السابقة في يناير 2008"، مشددًا أنهم سيتحصلون على قرار المحكمة في الخامس من نوفمبر الجاري للعمل على تفعيله.
وشدد على أن زملاءه الذين ذهبوا إلى محيط الديوان وقابلوا الشيخ محمد عبد الرازق، أدرج أسماء بعضهم فيما لم يتضمن الإعلان أسماء عدد كبير منهم، مطالبًا الوزارة بالعمل على إعادة حقوقهم بدلا من استمرارها في ظلمهم.
عاملون: أزمتنا مستمرة
إبراهيم التهامي أحد العاملين بأوقاف البحيرة، قال لـ"العربية نيوز" إن "وعود الوزارة بمثابة فض مجالس"، مشيرًا إلى أنهم منذ لقاء الشيخ محمد عبد الرازق لم تتخذ الوزارة أي إجراء حقيقي لتعيينهم واستعادتهم للحقوق المسلوبة منذ شهور عدة.
وأوضح "التهامي"، إن انتصار القضاء لزملائهم وحكمه بإعادة أكثر من ستمائة عامل إلى وظائفهم أصابهم بحالة من اليأس والضياع، بعد أن احتالت عليهم والوزارة وأجبرتهم على إقرارات التنازل، مشددًا أنهم بصدد رفع قضية ضد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، لتحايله عليهم، والتلاعب بمستقبلهم ومستقبل أسرهم.
وشدد التهامي قائلاً: "مفيش جديد، وعود وبس، حتي اللي بيروح يقعد عندهم ياخدوا بياناته، وببطاقته ويقولوله إن شاء الله خير وبس، واحنا عارفين أن الورق ده هيروح للأمن عشان يتعملوا ملف زي المرة اللي فاتت"، لافتًا إلى أنه سبق وأن تم احتجازهم بقسم شرطة عابدين واتهامهم بالتحريض على العنف والانتماء لجماعات إرهابية.
وفي سياق متصل، قال أحمد السعيد الحسيني، أحد العاملين، إنه "معين بتاريخ 27 سبتمبر عام 2004 ولديه كارنيه عمل مستخرج من الوزارة، ويحمل خطاب تسليم العمل الموقع من قبل مديرية أوقاف الإسكدنرية منذ ذلك التاريخ"، مشيرًا إلى أنه يملك أيضًا بطاقة الائتمان الذكية التي يتقاضي من خلالها الراتب، وبطاقة تأمين صحي تفيد صحة ادعائه، متهمًا مسئولي الوزارة بالتستر على الجرائم المالية التي ارتكبها وكيل الوزارة محمد أبو حطب ومحمد خطاب مسئول شئون عاملي الإسكندرية، من خلال مساوامتهم.
وأضاف "الحسيني"، أن معاناتهم تكمن في تحمل نفاقات السفر من البحيرة إلى الإسكندرية والعودة من أجل راتب شهري ينفقه على أسرته المكونة من خمس أولاد وزوجه ووالديه، ليفاجئ بقرار وقفه عن العمل ليزيد معاناته سوءًا، مؤكدًا أنه لا ينتمي إلى أي فصيل سياسي حتى يتم تجاهل حقه بزعم انتمائه إلى الإخوان.
وتابع ذهبنا الى مكتب شكاوي مجلس الوزراء ومنه إلى مكتب النائب العام الذي طالبنا بالتوجه إلى الرقابة الإدارية بالإسكندرية، وتقديم شكواهم هناك، مناشدًا رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، بالتدخل لإنقاذهم من أزمة قد تشرد أكثر من 9 آلاف أسرة حال استمرار انقطاع مصدر دخلهم الوحيد.
القطاع الديني: إجراءات التقنين تتم بشكل طبيعي
في حين، أكد الشيخ محمد عبد الرازق عمر، رئيس القطاع الديني بالأوقاف، أن هناك مسألة العمالة الوهمية نعمل على تداركها في الوقت الراهن، مشيرًا إلى وجود أكثر من 4990 عاملاً وهميًا بمحافظة الإسكندرية وحدها، قام 1500 عامل بتقنين أوضاعهم، وقدموا شهادات تحرك، وتم توقيع الكشف الطبي عليهم، وبدأت بإدراج أسمائهم على الموقع الخاص بالوزارة، ابتداء من أول نوفمبر الجاري.
وحول باقي العمالة قال عمر:"إن الوزارة قسمتها إلى مرحلتين، المرحلة الأولى انتهينا منها، والمرحلة الثانية ستشمل 2600عامل"، مضيفًا نستقبل 75 عاملاً يوميًا لتعيينهم على الوظيفة و75 آخرين في مستشفى الدعاة، حتى يتم الكشف الطبي عليهم مثل زملائهم، وبعد ذلك ستستمر اللجنة بالإشراف عليهم حتى يتم تقنين أوضاعهم من خلال الكشوفات الطبية والأوراق اللازمة.
في الوقت ذاته، تجري وزارة الأوقاف مقابلات تعيين العمالة المؤقتة على عدة مراحل، بدأت أمس الأحد بلقاء عدد من الأسماء التي اجتازت مرحلة الكشف الطبي والبالغ عددهم 300 عامل بمسجد السيدة نفيسة، معلنة استقبال مستشفى الدعاة لـ300 عامل آخر لتوقيع الكشف الطبي عليهم.