معركة "سيد أهل الجنة".. "الحسين" حفيد النبي "المغضوب عليه" من "الأوقاف".. الوزارة تفشل في محاربة "المد الشيعي".. وتلجأ لغلق "الأضرحة والمساجد"
نقلا عن الورقي
- الوزارة تفشل في محاربة «المد الشيعي».. وتلجأ لغلق «الأضرحة والمساجد»
- الشيعة خانوا «سيد شباب أهل الجنة».. وباعوه لأعدائه وحصلوا على المقابل
- تفاجأ «يزيد بن معاوية» بقتل «ابن الزهراء».. وأكرم أهله ونساءه
قرار وزارة الأوقاف، بغلق ضريح الإمام الحسين، في ذكرى "عاشوراء" بحجة منع الطقوس الشيعية التي تحدث في ذلك اليوم، أثار استياء الكثيرين، خاصة وأن أضرحة "آل البيت"، من الأماكن التي يعشقها المسلمون، ويعتبر قرار "الأوقاف" دليلًا واضحًا على عجزها في محاربة "المد الشيعي"، وفشلها في وقف الشيعة عن أعمالهم التي تخالف الإسلام، فلم يكن قرار غلق الضريح حلًا لهذه الأزمات التي تواجه الوزارة، بل أنه قام بتأليب الرأي العام عليها.. وكانت الوزارة قد قالت في بيانها، إنها قررت غلق الضريح منعًا لما قد يستخدمه البعض في "طقوس شيعية" لا أصل لها في الإسلام، مؤكدة أنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاه أي تجاوز.
الكلام السابق الذي جاء في بيان الأوقاف، يؤكد بما لايدع مجالًا للشك، أن قياداتها ليست لديهم رؤية، لأنهم يعلمون أن المصريين جميعًا سواء سنة أو شيعة يتبركون بمثل هذه الأماكن، ويحبون زيارتها.
الاحتفال بـ"يوم عاشوراء"، يعتبر من المناسبات الإسلامية العظيمة، ولها مكانة خاصة في نفوس المسلمين، كما أنه اليوم الذي قُتِل فيه سيدنا الحسين رضي الله عنه، وحفيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقربهم إلى قلبه.
"العربية" تعيد فتح ملف مقتل سيدنا الحسين، في ذكرى استشهاده، وهو الحدث الذي يشغل قطاع عريض من المسلمين.
وفي البداية يجب أن نركز الضوء على مدى تعلق النبي بحفيده، والإمام الحسين "شهيد كربلاء"، هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عبد الله القرشي، ابن بنت رسول الله فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ولد الحسين سنة أربع من الهجرة.
وكان للحسين، مكانة خاصة عند رسول الله، وقد رويت أحاديث عديدة تدل على فضله وتعلق الرسول الكريم به وبأخيه الحسن، ومنها "عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "هما رَيْحَانَتَاي من الدنيا"؛ يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة". وعن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله: "هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني"؛ يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما.
وروى "الحسين" عن النبي، ومنه "عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن النبي قال: "يصلي المريض قائمًا إن استطاع، فإن لم يستطع صلى قاعدًا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعدًا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيًا رجله مما يلي القبلة".
وعن أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب ، قال: قال رسول الله: "من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته".
البيعة والشهادة
بعد وفاة معاوية سنة ستين هجريًا، تولى الخلافة يزيد بن معاوية، ولم يكن له هم حين وُلِّى إلا بيعة النفر الذين اعترضوا على معاوية البيعة له؛ فكتب إلى عامله على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان يأمره بأخذ البيعة من هؤلاء النفر الذين رفضوا استخلاف معاوية لولده، وكان على رأس هؤلاء النفر "الحسين بن علي."
ولم تكد أخبار وفاة "معاوية" ولجوء "الحسين" وابن الزبير إلى مكة ممتنعين عن البيعة ليزيد، تصل إلى أهل الكوفة حتى عادوا إلى تمردهم، فراسلوا "الحسين" ودعوه إليهم ووعدوه النصرة.
كما كثُر إرسال الرسائل من أهل العراق إلى "الحسين"، وخاصة بعد ذهابه إلى مكة يحثونه فيها على سرعة المجيء إليهم، فقد كتب إليه بعض أهلها: "أما بعد، فقد اخضرت الجنان، وأينعت الثمار، وطمت الجمام، فإذا شئت فأقدم على جند مجندة لك، والسلام".
فالتزم "الحسين" الحذر والحيطة، وأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل إلى العراق؛ ليكشف له حقيقة هذا الأمر والاتفاق، فإن كان أمرًا حقيقيًا بعث إليه، فسار مسلم من مكة فاجتاز بالمدينة، حتى وصل إلى مشارف الكوفة، فلما دخل مسلم بن عقيل الكوفة، سمع أهل الكوفة بقدومه فجاءوا إليه فبايعوه على إمرة الحسين بن علي، وحلفوا له لينصرنَّه بأنفسهم وأموالهم، فاجتمع على بيعته من أهلها ثمانية عشر ألفًا.
ولقد كان الشيعة في الكوفة يبايعون مسلم بن عقيل سرًّا؛ مستغلين ورع عامل يزيد على الكوفة النعمان بن بشير الأنصاري الذي لم تفلح نصائحه لهم بالطاعة ولزوم الجماعة، حتى كتب بعض أهل الكوفة الموالين لبني أمية إلى يزيد بما يحدث، فأرسل إلى عبيد الله بن زياد عامله على البصرة يضم إليه الكوفة أيضًا؛ لكي يقضي على بوادر هذا التمرد.
وكانت هناك رسائل كثيرة يتم إرسالها إلى "الحسين" من أهل العراق، كما وصلته رسالة من مسلم بن عقيل بالقدوم عليه بأهله، إلا أن القدر يمهل مسلم بن عقيل، لاستقبال الحسين، حيث تم قتله، وابن عمه لا يعلم بشيء من ذلك، فعزم على المسير إليهم، وكان ذلك "أيام التروية" قبل مقتل مسلم بيوم واحد، وعندما عرف الناس بخروجه أشفقوا عليه من ذلك، وحذروه منه، وجاء إليه ابن عباس فقال له: "يابن عم، إني أَتصبر ولا أصبر، إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قوم غُدر فلا تغترَنَّ بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم، وإلا فَسِرْ إلى اليمن فإن به حصونًا وشعابًا ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس في مَعزِل، واكتب إليهم وبثَّ دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب".. فقال الحسين: "يابن عم، والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير".. فقال له: "فإن كنت ولا بد سائرًا فلا تسر بأولادك ونسائك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قُتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه".
أما ابن الزبير فقد تعجب من مسير الحسين بن علي إلى أهل العراق، وهو يعلم علم اليقين أنهم قتلوا أباه وطعنوا أخاه، فقال له: "أين تذهب، إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟! فقال: "لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إليَّ من أن تُستَحل بي "يعني مكة"، أما يزيد بن معاوية فقد كتب إلى ابن زياد قائلاً: "قد بلغني أن الحسين قد توجه إلى العراق، فضع المراصد والمسالح واحترس، واحبس على الظِّنة، وخذ على التهمة، غير أن لا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إليَّ في كل ما يحدث من خبر، والسلام".
وهذا القول واضح وظاهر في أن لا يقتل عبيدُ الله الحسينَ وأصحابه إلا إذا قاتلوه، وأثناء سير الحسين في طريقه إلى العراق بلغه خبر مقتل ابن عمه مسلم، فأثناه ذلك، واعتزم العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم قالوا: "والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نُقتَلَ". فقال: "لا خير في الحياة بعدكم."
فلما وصل الحسين بن علي على العراق، رأى طليعة لابن زياد، وعندما رأى ذلك رفع يديه فقال: "اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي من كل أمر نزل ثقة وعدة، فكم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك، رغبة فيه إليك عمّن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت لي وليُّ كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية".
وكان قوام هذه الطليعة ألف فارس بقيادة الحر بن يزيد التميمي، فقال لهم الحسين: "أيها الناس، إنها معذرة إلى الله وإليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ورسلكم أنِ اقْدِمْ علينا، فليس لنا إمام، لعل الله أن يجعلنا بكم على الهدى؛ فقد جئتكم، فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلنا منه". فلم يجيبوه بشيء في ذلك، ثم قال له الحر: "إنا أُمِرْنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد". فقال الحسين: "الموت أدنى إليك من ذلك". ثم أمر أصحابه فركبوا لينصرفوا، فمنعهم "الحر" من ذلك، حتى أتى الجيش الذي أرسله عبيد الله بن زياد وعدته أربعة آلاف فارس، والتقوا في كربلاء جنوبي بغداد. وعندما التقوا خيَّرهم الحسينُ بين ثلاث فقال: "إما أن تَدَعُوني فأنصرف من حيث جئت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور".
وكان أمير الجيش عمر بن سعد بن أبي وقاص، وعندما سمع عمر بن سعد كلام الحسين استحسنه، وأرسل إلى ابن زياد بذلك يحسِّن له أن يختار أحد الاقتراحات الثلاثة، وكاد عبيد الله أن يقبل لولا أن شِمْر بن ذي الجَوْشن -وهو من الطغاة أصحاب الفتن- قال له: "لئن رحل من بلادك، ولم يضع يده في يدكم، ليكوننَّ أولى بالقوة والعز، ولتكوننَّ أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة؛ فإنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فإن عاقبت فأنت ولي العقوبة، وإن غفرت كان ذلك لك".
فوافق على كلام "شِمْر"، وأرسله ومعه كتاب إلى عمر بن سعد بأن يقاتل الحسين إذا لم يستسلم، وإذا لم يُرِدْ عمر أن يقاتله، فليتنحَّ عن إمرة الجيش وليسلمها إلى شِمْر.
وعندما ورد شِمْر على عمر بن سعد بن أبي وقاص وأفهمه رسالته، خاف عمر على نفسه من ابن زياد، ولم يقبل بأن يتنحَّى لشِمْر، واستمر قائدًا للجيش، فطلب إلى الحسين تسليم نفسه، لكن الحسين لم يفعل ونشب القتال.
وقع القتال بين فئة صغيرة لا تبلغ الثمانين رجلًا وبين خمسة آلاف فارس ورجل، على أنه انضم إلى الحسين أفراد رأوا أن أهل العراق خانوا الحسين، وأن من واجبهم الاستماتة بين يديه، فانتقلوا إليه مع معرفتهم بالموت الذي ينتظرهم، وكانت الواقعة، فقُتِلَ رجال الحسين على بكرة أبيهم "حوالي 72 رجلًا"، وقتل الحسين بن علي معهم.
وفي أثناء القتال كان يُستحث أهل العراق على حرب الحسين بن علي، فكان يقال لهم: "يا أهل الكوفة، الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مَرَقَ من الدين وخالف الإمام".
ثم بعث ابن زياد بالرءوس، ومن بينها رأس الحسين إلى يزيد بن معاوية بالشام، فدمعت عينا يزيد بن معاوية وقال: "كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية (عبيد الله بن زياد)، أَمَا واللهِ لو أني صاحبُه لعفوت عنه، ورَحِمَ اللهُ الحسين بن علي".