وزير الأوقاف: نتطلع لصياغة جديدة للفكر العربي والإسلامي
قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف إن قضية الخطاب الديني إنما ترتبط ارتباطا وثيقا بتفكيك الفكر المتطرف وكشف زيفه وبطلانه وضلاله وإضلاله، مؤكدًا أن الدولة تبذل جهدًا كبيرًا حتى تكشف عمالة وخيانة وضلال معتنقيه، والعمل علي تحصين الشباب والمجتمع من شروره، ومعالجة أسبابه، وإزالتها.
وأضاف جمعة في تصريحات صحفية، لا شك أن قضية الخطاب الديني هي قضية الأوقاف الأولى، وربما تظل القضية الفكرية والثقافية الأولى لجيلنا، لأن الجهود التي تحتاجها قضية الخطاب الديني لا يمكن أن تكون عفوية أو طارئة أو آنية، بل هي قضية حياة، لمن يريد أن يجلي الغبار عن الوجه الحضاري لديننا الإسلامي الوسطي السمح، ولمن يريد أن يبني وطنا أو أمة على حضارة نيرة مستقيمة لا نتوء فيها ولا اعوجاج، ذلك لأن ما أصاب الخطاب الديني على أيدي أعدائه وأيدي الخونة والمارقين والمستأجرين والمستغفلين وغير المؤهلين وغير المتخصصين من المحسوبين عليه بغير حق من الخلل والعطب في الفهم والتفكير يحتاج إلى جهود مضنية لإصلاحه.
وتابع: "بما أن تغيير الفكر والثقافة أو تصويب مسار المعتقد ليس بالأمر الهين أو اليسير، إنما هو أمر تراكمي من جهة، وتتحكم فيه عوامل وعناصر متعدة من جهة أخرى، فإن الأمر يحتاج إلى جهد وزمن وصبر، وفي الوقت نفسه إلى عزيمة وعلو همة لاختصار الزمن المطلوب وتقريب المسافات البعيدة وردم الفجوة بين الواقع والطموح الذي نسعى إليه".
وأوضح جمعة أن الأمور العقدية والفكرية والدعوية والثقافية أشبه ما يكون بالطفل أو النبات الذي ينمو نموًا بطيئًا قد يكون غير منظور بالعين المجردة أو الرؤية المباشرة في مراحل نموه الزمنية في المدى القصير ، غير أنه يضطرد في هذا النمو حتى يستوي الطفل رجلا والنبات ثمرًا، وهو ما نعمل له وعليه، آملين في التصحيح المستمر والتغيير التدريجي حتى نقتلع التطرف من جذوره، ويحل محله الفكر السوي المستقيم المستقى من صحيح ديننا وسماحته ووسطيته واستيعابه للحضارة الإنسانية، وترسيخه لأسس التعايش السلمي بين البشر جميعا.
وبين وزير الاوقاف أن مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف المزمع عقده منتصف الشهر المقبل بمدينة الأقصر تحت عنوان: "رؤية الأئمة والدعاة لتجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف" يأتي ليشكل حلقة من حلقات عمل الوزارة في محاولات التجديد ونفض الغبار عن ثقافتنا الإسلامية الناصعة البياض، وتفكيك الفكر المتطرف الذي ينهش في جسد الأمة بلا رحمة ولا هوادة ولا إنسانية، في عمالة واضحة لأعداء الأمة، وخيانة معتقديه لدينهم وأمتهم.
وشدد علي أن الهدف ليس تجديد الخطاب الديني بقدر ما هي صياغة جديدة للفكر العربي والإسلامي من خلال تجديد الخطاب الديني، والفكري، والعقلي، والثقافي، والاجتماعي، والإعلامي، حيث عمدنا إلى إشراك نخبة من هؤلاء وأولئك في مؤتمرنا وكثير من أعمالنا الفكرية، تأكيدًا منا على أن القضية أكبر من أي فصيل بعينه، وعلى أنها قضية وطن، وقضية أمة، وقضية عصر، وقضية جيل، بل قضية أجيال، وإن شئت فقل: إنها قضية مصيرية لوطننا وأمتنا وثقافتنا، وواجب شرعي تجاه ديننا العظيم.
لافتا إلى أن اختيار مدينة الأقصر مكانا لانعقاد المؤتمر يحمل دلالات عديدة تصب في اتجاه التجديد، من أهمها التأكيد على تعايش الإسلام مع الحضارات المختلفة والمعتقدات المختلفة، حيث تتعانق المساجد مع المعابد والمعالم الأثرية والحضارية، وهو ما أردنا أن نرسل من خلاله رسالة تبرز نظرة الإسلام المتسامحة تجاه جميع الحضارات، وحرصه على استيعابها والتعايش معها، بل إنه أكثر دين حافظ على معالم الحضارات المختلفة.