الجارديان: استهداف تركيا لـ"داعش" في سوريا تحول بالغ الأهمية في الشرق الأوسط
رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن استهداف الطائرات الحربية التركية لمواقع تنظيم داعش في سوريا وموافقة حكومة أنقرة أخيراً على استخدام الولايات المتحدة لقواعدها الجوية ضد التنظيم الإرهابي، ربما يؤشر لتحول بالغ الأهمية في الشرق الأوسط .
وأشارت الصحيفة -في افتتاحيتها التي نشرتها على موقعها الإلكتروني اليوم /السبت/- إلى شن حملة أمنية كبيرة شملت اعتقال أشخاص يشتبه في كونهم عملاء لداعش ومقاتلين أكراد إلى جانب هذه التحركات العسكرية، لافتة إلى أنه في حال استمرار تركيا في هذا الاتجاه الجديد، فإنه سيتم تعزيز الحملة الجوية ضد داعش بل وسيتم الحد من تدفق الناس والأموال والأسلحة عبر تركيا إلى التنظيم الإرهابي في سوريا.
غير أن الصحيفة ذكرت أن الطريقة التي تم بها استهداف داعش وحزب العمال الكردستاني على حد سواء، تشير إلى احتمالية أن تكون النتيجة أيضا معقدة وخطيرة على الأرض في تركيا نفسها.
وأوضحت أن المشكلة تكمن في محاولة أنقرة تأليب داعش وحزب العمال الكردستاني ضد بعضهما البعض، ورغم أن تركيا تجري مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني، الحركة الانفصالية الكردية العريقة والكبيرة في تركيا، وزعيمها المسجون عبد الله أوجلان، منذ عام 2012، إلا أنها كانت تنظر بطريقة أخرى، بل وربما كانت تساعد -حزب الاتحاد الديمقراطي- الحزب الشقيق لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
وقالت الصحيفة البريطانية إن مثل هذه السياسة المتناقضة، وهي ألا تعرف اليد اليسرى ما تفعله اليد اليمنى، سيثبت خطأها في مرحلة ما، معللة أنه هكذا تصرفت الحكومة التركية الآن خشية اندلاع القتال بين حزب العمال الكردستاني وداعش على الأراضي التركية، وذلك بعد العملية الانتحارية المنسوبة إلى داعش والتي وقعت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وأسفرت عن مقتل 32 شخصاً في بلدة بالقرب من الحدود السورية، وما أعقبها من هجمات لحزب العمال الكردستاني على الشرطة التركية، بدعوى فشلها في حماية أكراد تركيا.
وأضافت أن صحف المعارضة التركية كانت تزدخر باتهامات غاضبة بأن حكومة البلاد فشلت في اتخاذ موقف صارم ضد داعش، حيث يبدو من المؤكد كما لو كانت الحرب التي نجحت تركيا في إبقائها بعيدة عنها تهدد الآن بالانتشار عبر الحدود، لأسباب أهمها أن سياسة التلاعب بعدوين لطالما كانت محفوفة بالمخاطر وتنطوي على نفاق وازدواجية.
وأفادت بأن تركيا هي عضو صعب المراس في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، لاعتبارات تتعلق بخيبة الأمل التي لحقت بطموحاتها لأن تتولى قيادة وتشكيل المنطقة فضلا عن مخاوفها إزاء احتمالية أن يقوي هذا الصراع النزعة الانفصالية الكردية على أراضيها.
ولفتت الصحيفة إلى أن المفتاح الرئيسي لموقف تركيا المريب حول القتال لكبح جماح داعش من البداية، هو خوفها من أن يخرج الأكراد في نهاية المطاف منتصرين في العراق وسوريا، مما قد يشجع أكراد تركيا على المطالبة بحكم ذاتي من شأنه أن يهدد الدولة التركية المركزية.
وذكرت صحيفة /الجارديان /البريطانية أن تركيا ترى العالم المثالي لما بعد داعش هو العالم الذي تعود فيه سوريا والعراق إلى الحياة كدولتين قويتين تسيطران على الأقليات الكردية بهما وتعملان على استرضائهم، وبالتالي يصبح لتركيا مطلق الحرية في البحث عن تسوية مع الأكراد الأتراك، وهي تسوية تقدم فيها تنازلات محدودة فقط لرغبتهم في الاستقلال.
واختتمت افتتاحيتها بالقول /أن تركيا حاولت وفشلت في التوسط لتسوية في سوريا، ثم انقلبت على الرئيس السوري بشار الأسد، وحاولت حشد دعم لبعض الجماعات المتمردة هناك، مع تجنب تقديم أي التزامات يمكن أن تساعد الأكراد السوريين/.
غير أن التطورات التي حدثت مؤخرا قد تؤدي إلى انخراط تركيا بصورة كاملة في التحالف ضد داعش، ولكن يتعين أيضا على أنقرة إنعاش محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، بدلا من وضع الحركة الكردية مع الإسلاميين المتشددين في زورق واحد وهو عمل وصفته الصحيفة بأنه ينطوي على ظلم وحماقة.