عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

الصليب الأحمر شاهد ملك على مؤامرة الطبيعة والسياسة في سوريا

آثار الدمار الذي
آثار الدمار الذي خلفه زلزال كهرمان مرعش في سوريا

في مستهل كتابه عن المجتمع والدولة في المشرق العربي، يصف الدكتور غسان سلامة، الأكاديمي بجامعة السوربون والسياسي العربي اللبناني، منطقة الهلال الخصيب، بأن رائحة الموت هي الرائحة التي تملأ أجواء هذه المنطقة، وأن الأعلام السوداء وصور الشهداء، هي أول ما يطالع العين أينما توجهت.

 

هكذا راحت هذه الرائحة - رائحة الموت - تنتشر مرة أخرى وينزل السواد وتملأ صور شهداء جدد شوارع سوريا بعدما تمدد زلزال كهرمان مرعش من غازي عنتاب جنوبي تركيا إلى بعض مدنها الواقعة في الشمال الغربي، مرتين، فجر يوم 6 فبراير الجاري وبعد الظهر، ليغضب باطن الأرض على ظاهرها فتسقط البيوت على رؤوس ساكنيها تقتل بعضهم، ويسود الرعب بين من لا يزال منهم في رصيد حياته له أيامًا وشهورًا وسنوات. 

 

آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة حتى وقت إعداد هذا التقرير، تشير إلى موت 41 ألف شخص، بينما تخطت الإصابات عتبة الـ 120 ألفًا، وقد كانت لتركيا النصيب الأكبر من الوفيات والمصابين، بينما كانت لسوريا ورغم ضخامة عدد الوفيات النصيب الأقل الذي بلغ 5400 قتيلًا.

 

الصليب الأحمر من بين أبرز وكالات الإغاثة التي تعمل على الأرض السورية حتى من قبل وقوع هذه الكارثة الطبيعية بسبب الحرب الممتدة بهذا القطر العربي منذ أكثر من 12 عامًا.

 

وتعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا على مساندة الأفراد الأشد ضعفًا، ممن يواجهون ظروفًا قاسية داخل سوريا جرّاء النزاع، حيث تمارس اللجنة الدولية نشاطاتها في سوريا بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، بهدف تحسين الوصول إلى الخدمات الطبية، وتأهيل شبكات المياه والصرف الصحي، والمساهمة في دعم الأمن الغذائي في المناطق المتضررة في أنحاء البلاد.

 

من ثم تعد سجلات وبيانات الصليب الأحمر أحد أهم المصادر الصحفية التي يمكن البحث فيها والأخذ منها خلال إعداد تقرير يتناول غضبة الطبيعة تلك وما نجم عنها في هذا الشتاء البارد، من منظور إنساني، على اعتبار أن عناصر فرق الصليب الأحمر من بين شهود العيان على هذه الكارثة.

 

مؤامرة مكتملة الأركان من تدبير الطبيعة

رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال زيارتها لمدينة حلب

ترصد سجلات الصليب الأحمر بعض تفاصيل الزيارة التي قامت بها ميريانا سبولياريش، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث زارت مدينة حلب بعد وقوع الزلزال بـ 5 أيام فقط وأطلقت من هناك عدة تصريحات غلفت كلماتها بمعاني الدمار وفداحة الفقد والإنهاك والخوف على إثر ما شاهدته على وجوه الناس هناك.

 

الوضع مأساوي لسكان حلب الذين ما كادوا يشرعون في إعادة تنظيم حياتهم في مدينتهم التي خربت الحرب كل ما فيها، حتى وجدوا أنفسهم فجأة في العراء في ظل هبوطٍ شديدٍ في درجات الحرارة، وكأن الطبيعة حبكت ضدهم مؤامرتها وبرعت في حبكتها لأبعد مدى.

 

لأجل ذلك، طلبت "سبولياريتش" من جميع الأطراف المعنية عدم تسييس المساعدات التي تقدمها اللجنة الدولية وغيرها من وكالات الإغاثة، كما طلبت أيضًا عدم وضع العراقيل أمام توزيعها، معتبرةً أن الأولوية القصوى للجميع بالوقت الحالي هو إنقاذ الأرواح.

 

السياسة قد تحاول التآمر أيضًا

عناصر الصليب الأحمر خلال حصر المتضررين من الزلزال

تحت عنوان: "لابد من إيصال المساعدات الإنسانية الدولية إلى من يحتاجون إليها بأي وسيلة كانت"، نشر موقع اللجنة الدولية، بيانًا صحفيًا، يتضمن تصريحات فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة الدولية، التي أدلى بها للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في جنيف، فور عودته من سوريا، يوم 17 فبراير الجاري. 

 

فابريزيو كاربوني يرى أن 60 ثانية فقط غيرت كل شي، وجعلت الأحزان ومرارة الفقد تسكن قلوب الجميع، كما أحالت صفوف كاملة من البيوت على جانبي الطرق إلى أكوامٍ من الركام.

 

مسؤول الصليب الأحمر طلب استبعاد السياسة من المشهد، فقط يجب أن يكون الإنسان هو مركز الصورة، مشددًا على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية الدولية بأي وسيلة كانت إلى السكان الذين هم في أمس الحاجة إليها.

 

المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة الدولية، زار مدينة حلب قبل أن يطير إلى جنيف، أربعة مرات، وبناءًا على ما رآه وعلى ما يتوفر لديه من معلومات، حذر أمام الصحفيين في المدينة السويسرية الشهيرة من أنه يخشى عرقلة وصول المساعدات إلى مستحقيها ودخول المصالح السياسية على الخط، وبالتالي يعاقب سكان حلب المنكوبة على أنهم سكانها.