فضائح بعثة الأوقاف في الحرم المكي .. أئمة في حراسة الوزير.. وآخرون يلتقطون الصور التذكارية.. وآخر يبارك المباريات ويسخر من الفتاوى
أزمات وكوارث تشهدها ساحة الحرم المكي منذ واقعة الرافعة الشهيرة والتي أدت إلى استشهاد أكثر من مائتي حاج، يعجز البعض عن تفسيرها ما بين التسليم بالقضاء والقدر وبين الاتهام بالتخاذل والتقصير لانشغال الأئمة بحراسة وزيرهم.
وتظل أرواح الحجيج تبحث عن عودة إلى الديار أو تصاريح الدفن بالبقيع، ليأتي حادث التدافع بمني والذي راح ضحيته 700 حاج على الأقل، ليلقي بأصابع اتهام حول مخطط يدبر ضد المملكة السعودية حسبما يرتأي البعض، ويكشف عن تخاذل لدى مرافقي بعثات الحجاج.
وقال رجال الأزهر والأوقاف، إن المسئولية الأكبر فيما حدث تعود إلى رجال الدين الذين تناسوا افتاء الناس وإرشادهم أن هناك عدة أمور تيسر عليهم أمر الحج، وأن الله لم يطالبهم بإلقاء أنفسهم في التهلكة لأن حفظ النفس البشرية أعظم من هدم الكعبة كما روى عن النبي صل الله عليه وسلم.
وأكد أكثر من حاج متواجد بالأراضي المقدسة لـ"العربية نيوز"، أنهم لا يجدون واعظًا ولا مرشدًا في بعثة الأوقاف التي ترافقهم، فأئمة الوزارة المكلفين بتوعيتهم بأمور الحج تركوا مهام عملهم وأصبحوا كظل للوزير في كل خطواته بالسعودية وتركوا الحجاج، على حد وصفهم".
وأضاف الحجاج، إن الوزير يسعد بالتفاف الأئمة حوله وكأنه ذاهبًا إلى نزهة سياحية ومعه طاقم من شباب الدعاة الذين لا يملكون رؤية توجيههم، مطالبين بفتح تحقيق مع وزارة الأوقاف وإجراء اختبار لأئمتها حال العودة للتأكد من أحقيتهم في تولي مسئولية دينية وقومية، والتي جعلت أرواحهم تواجه الموت كل لحظة تمر.
ورصدت "العربية
نيوز"، تدوينه لأحد مشايخ بعثة الأوقاف "أحمد البهي"، على موقع
التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أعرب فيها عن سعادته بانتصار نادي الزمالك
على النادي الأهلي في نهائي كأس مصر؛ قائلاً: "يعنى يوم ما نكسب الأهلي أكون
في مكة ؟؟! مفيش حد بيقول هيييييه، مش
مشكلة ... المهم كسبوا".
وردًا علي تساؤلات الحجاج عن
الإنابة في رمي الجمرات كتب "البهي"؛ ساخرًا: ههههههههههههههه شباب كتير من سن 30 لـ 40 سنة جايين بيستفتوا في حكم الإنابة عنهم في الرمي ؟؟؟، طب لما أنت مش هترمي
بنفسك مين هيرمي عنك ؟؟!!".
في الوقت الذي أعلن الدكتور
أسامة الأزهري عضو الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية عن ترحيبه بالتحقيقات
العاجلة في أحداث منى، ملقيًا بأصابع الاتهام نحو شبهة جنائية تقف وراء مقتل ما
يفوق 700 حاج.
وأشاد
عضو الهيئة الاستشارية بقرار السلطات السعودية تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات
الحادث، داعيًا في الوقت نفسه الهيئات الفقهية ورؤساء البعثات الرسمية للحج دراسة
تلك الحادثة والعمل على معرفة أسبابها المؤدية إليها عبر لجان لتقصى الحقائق سعيًا
لتجنب آثارها الأعوام القادمة.
وألقى الشيخ أبو بكر
الأزهري، الإمام بوزارة الأوقاف باللوم علي البعثة المرافقة، قائلاً: "إن
بعثة الحج مسئولة عن افتاء الناس وبيان ما يتعرضون له من أركان حتى لا يحدث
التدافع المؤدي إلى الموت كما حدث بمنى".
وأوضح
أن هناك عددًا من الإئمة يرافقون بعثة الحجيج كان يتعين عليهم أن يوضحوا للناس أن
هناك سعة في رمي الجمرات وأن الإسلام جلب لهم التيسير فيما هم يلقون بأنفسهم في
التهلكة بالتدافع الذي أفضى إلى موت كم هائل منهم، مضيفًا أن عدم توعية الحجاج
بالشكل الكافي بما يسمى بأساليب الوقاية ومن أبسطها أن يقوم شخص بالرمي عن مجموعة
تخفيفًا للزحام، مسئولية الدعاة في هذا الحادث.
في حين، حمل الشيخ نشأت زارع إمام وخطيب بالدقهلية
مسئولية الحادث، فتاوى المتشددين الذين يرفضون رمي الجمرات إلا بعد الزوال، ولم
ينظروا إلى الواقع والزحام الشديد، حتى لو لم يفت فقيه واحد بذلك فإن فقه الواقع
والضرورات يجيز ذلك؛ لأن من مقاصد الشريعة حفظ النفس مع أن الرسول وفى الحج كلما
سأله سائل عن تقديم شيء أو تأخير شيء يقول له: افعل ولا حرج، افعل ولا حرج، فالجهل
يتسبب في قتل الناس.
وأشار
إلى أن البلاد التي أحرقتها الطائفية والمذهبية وتم تشريد العباد وقتل مئات الآلاف
كل ذلك بسبب الجهل وضيق الأفق وعدم العلم بالدين وبالأديان التي هي أهم ثوابتها
حفظ النفس، مشددًا أن على الأمة أن تنظر إلى مستقبلها بالعلم والأخلاق.
بينما
أكد الشيخ محمد عثمان إمام وخطيب بالأوقاف، أن ما يشهده الحرم المكي غضب من الله عز
وجل على عباده في ظل وجود مرتشين الحج الذين سافروا بأموال مشبوهة وأمور ملتوية
ووساطة، في حين سافر عدد من الأئمة والدعاة غير المستحقين فقط لقربهم من الوزير،
مضيفًا أن الله عز وجل لا يرضى أن يذهب إليه الفسدة والمرتشون الذين دنسوا تلك
البقاع الطاهرة.