قانونيون: "النوايا الحسنة" غير كافية لبناء الدساتير والدول.. والمواد الواردة عاجزة عن محاكمة الوزراء قبل عزلهم.. ويؤكدون: حديث "السيسي" إشارة على عزمه تغيير الدستور
"الدستور المصري كتب بنوايا حسنة والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط".. هكذا وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي دستور مصر خلال لقائه بالشباب فى أسبوع شباب الجامعات بجامعة قناة السويس، وفى هذا السياق أكد عدد من القانونيين إن حديث الرئيس السيسي إشارة على تأكيد رغبته فى تغيير الدستور، كما أشاروا إلى أن الدستور الحالي يشوبه عدد من المعوقات منها شموله عدد من الأحكام التفصيلية، والنصوص المرنة التى تحتوى فى طياتها على أكثر من معنى، كما تجاهل عدد من القوانين ومنها محاكمة الوزراء أثناء خدمتهم وقانون المحليات، فضلًا عن أنه لا يحكم التوازن بين صلاحيات الرئيس والبرلمان.
عوائق دستورية
يقول المستشار محمد عزمي بكري، رئيس محكمة بني سويف، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان يقصد من كلمته خلال لقائه بالشباب الجامعي بجامعة قناة السويس، أن هذا الدستور يحتاج لتعديل ضروري لما تضمنه من أحكام تفصيلية كثيرة ليس لها محل دستوري، ولكن محلها القوانين.
وأضاف بكري لـ"العربية نيوز"، أن الدستور أيضًا تضمن بعض النصوص المرنة التى تحتوى فى طياتها على أكثر من معنى، ما يفقد دستوريتها كما حدث فى تقسيم الدوائر، كما خلط الدستور بين النظام الرئاسي والبرلماني ولم يحدد الملامح بين الاثنين.
ألغام دستورية
وتابع:"هناك عدد من الملفات تعتبر فى حد ذاتها ألغام الدستور لا أحد يستطيع أن يقترب منها ولابد أن تكون واضحة مثل الحريات العامة والمساواة بين المواطنين واستقلال القضاء".
وأكد بكري، أن بموجب حديث الرئيس السيسي سيتم تغير الدستور بشكل تام، وذلك بعد بدء عمل البرلمان القادم والمختص فى تغير الدستور ووضع مناهجه، مضيفاً أن الدستور كان غير متجاهل محاكمة الوزراء بل كان قد وضعهم فى نفس معاملة المواطنين العادين بخلاف رئيس الجمهورية، فمن أجل محاكمته أثناء الحكم لابد من تشكيل محكمة خاصة.
تغيير الدستور
كما قال أحمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض السابق، إن كافة الدساتير تم كتابتها بنوايا حسنة، وهذا غير لائق لدولة قائمة على القانون، مشيرًا إلى أنه بموجب حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي سيتم تغيير الدستور وتعديله.
وأضاف مكي لـ"العربية نيوز"، إن النوايا الحسنة لا تكفى لبناء دستور قوي، كما أن الدستور كان يشوبه العديد من العيوب منها احتوائه على عبارات مطاطة غير محددة تسمع لوجود جدل وخلافات فى تطبيقها، كما كان لا يوجد نصوص بعينها يحاكم الوزراء أثناء خدمتهم حال ثبات مخالفتهم بالأدلة القاطعة، كما تجاهل الدستور قانون المحليات وعدم التوازن بين صلاحيات الرئيس والبرلمان، مشيرًا إلى أن كثيرًا من القوانين قد صدرت وتم الطعن عليها إثر اختلاف الخبرات بين القائمين على وضع الدستور.
وتابع: "إذا تم بالفعل تغيير الدستور، فعلى من سيقوم بوضع النصوص الجديدة أن يكونوا فى مستويات متقاربة من الخبرات حتي لا يحدث مكررًا وضع نصوص محل جدل أو يكون محل طعن عليه".
الدول الأوروبية
كما قال المستشار محمد عيد سالم، نائب رئيس محكمة النقض والأمين العام لمجلس القضاء العالي، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعلم أن الدستور الحالي به عوار ويرغب فى تعديله، مؤكدًا على حديث السيسي أن النوايا الحسنة غير كافية لبناء الدستور، مشيرًا إلى أن مصر تعاني من إهمال فى تطبيق القوانين حتى وإن صدرت، فضلاً عن المجتمع المصري يعاني من جهل فى الثقافة السياسية والذى إن طبقت لا نحتاج لصدور القوانين من أجل الانضباط.
وقارن سالم، بين مصر والدول الأوروبية قائلاً: "أوروبا ما عندهاش دساتير تبنى على النوايا بل على أسس ومعايير ثابتة، وذلك إثر استقرار الأحزاب وقوتها بجانب وعى وثقافة المجتمع الأوروبي، أما فى مصر نجد ما لا يقل عن 106 أحزاب غير متواجدين على أرض الواقع وقوانين تصدر دون تطبيق، وأحكام تصدر دون تنفيذ".
وأكد سالم، ضرورة تطبيق كافة القوانين التى تصدر، كما لا بد على الدستور القادم والذى سيتم تشكيله بموجب إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمة أن تعيد هيبة الدولة مرة أخرى، مضيفاً أن فى الدول الأوروبية الدستور يظل أعواما وأعواما لن يتم التعديل فيه لاستقرارها سياسيًا.
الجهل السياسي
كما قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، والفقية الدستوري، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أراد أن يصف من وضع الدستور بـ"الجهلة"، ولكن بطريقة مهذبة، مؤكدًا أن الدستور يعوبه الكثير والكثير من الأمور منها سحب سلطات عديدة لرئيس الجمهورية وإعطائها لرئيس الحكومة، منها إعلان حالة الطوارئ والتعيينات الخاصة بالأجهزة الرقابية وغيرها من القرارات السيادية.
وأضاف الجمل لـ"العربية نيوز"، الدستور الحالى يقر أن أي قرار لرئيس الجمهورية لا بد أن يعرض على البرلمان للبت فيه خلال 15 يومًا وهذا الأمر غير معقول، فضلاً عن رغبة الدستور فى إعطاء المعاقين عدد مقاعد فهم غير مؤهلين لذلك، كما احتوى الدستور على مواد ليس لها من الأهمية بشىء منها: "من حق المواطن ممارسة الرياضة والحصول على الماء النظيف".