بالفيديو والصور.."العربية نيوز" ترصد عشش السودان بعد الازالة.. الأهالي: الحكومة تركتنا في العراء.. وتوزيع الشقق غير عادل
يجلسون في العراء مُتكئين على بقايا ركام، وحطام عششهم المهدمة يحاولون جمع ما تبقى منها
يندبون حظهم العثر في كمد وحزن فهم لم يجدوا مأوى يحتمون فيه من شرودهم في الطرقات
غير عشش تنزوي بجانب أسوار تفصلهم عن المجتمع لا يعرفون فيه سوى الشقاء والعناء من
ضنك الحياة فعيونهم تحكي مأساة تنفتر لها القلوب من هول معيشتهم المحفوفة بالفقر
والمرض فأقصى طموحاتهم أن يجدوا مسكنا يستظلون تحت سقفه وأن يعيشوا حياة آدمية كباقي البشر وأن تنظر لهم الدولة بعين الرحمة والرأفة بدل من ان تقسو عليهم وتهدر حقهم
في العيش.
ركام
وحطام
تلك حالة أهالي منطقة عشش السودان التي رصدتها "العربية نيوز" أثناء جولة ميدانية بعد هدم عششهم، وسط ركام وحطام العشش يجلس "مصطفى علي" على قدميه
واضعا يده على وجه في حسرة متأملا حاله بعد هدم عشته التي سكنتها أسرته المكونة
من خمسة أفراد حاملا هم مكان يأويه من تشرده في الشوارع وبالحديث معه قال: "انا عندي خمسة أولاد ونايمين في الشارع من امبارح بعد ما هدوا العشة اللى
احنا عيشين ومولودين فيها من غير ميخلونا نشيل حاجتنا أو يقولوا لينا من
قبلها"، لافتا إلى انه فوجئ بهدم العشش دون سابق إنذار وأن قوات الأمن استخدمت
قنابل الغاز والأطفال كادت تختنق منها لولا العناية الإلهية، بالإضافة إلى نومهم
في العراء وعدم إيجاد سكن بديل لهم على الرغم من أن المحافظة قامت بأخذ بياناتهم
كاملة لكن دون جدوى.
العشش اتهدت ونمنا في الشارع
وأوضح
"علي": "المحافظة من قبل الثورة وبعدها خدوا أسماءنا عشان يجبولنا
سكن لكن مفيش حاجة حصلت وفضل الوضع زى ماهو متغيرش وفي الاخر العشش اتهدت ونمنا في الشارع ولا أحد سائل فينا"، مشيرا إلى أن حالته المادية لا تسمح له بتأجير أي شقة لأن مكسبه من بيع الذرة لا يكفي هو وأسرته ماكل ومشرب وأنه في حالة يرثى لها، مطالبا بأن تجد المحافظة مكانا مؤقتا له حتى يتم تسليم الشقة التي وعد بها من قبل
المحافظة فى أقرب وقت، مضيفا "أنا عاوز مكان حتى لو أوضه إداري أنا وعيالي فيها من الشارع مش عاوز أكتر من كده واحنا لو مستلمناش الشقق هنروح المحافظة لو
محصلش حاجة هنورح مجلس الوزارة وبعدها وزارة الدفاع لحد مناخد حقنا وأن الرئيس
السيسي اللى احنا انتخبنة يجبلنا حقنا وينضفا او ربنا يتولنا برحمته
".
الخوف
من المجهول
داخل إحدى العشش التي لم تهدم بعد تظهر امرأة مرتدية جلبا أسود حاملة أطفالها في ذعر
خوفا من هدم عشتها وتشريدها كباقي سكان العشش وبالتعرف عليها تبين أنها تدعى
فاطمة محمد متزوجة ولديها 3 أبناء وبالحديث معها قالت: "الموت أحسن من البهدلة اللى احنا فيها والخوف اللى عشناه يوم هدم العشش فوق الناس الغلابة"، لافتة إلى أنها تسكن في عشش السودان منذ عشرات السنين ولم تستلم الشقة التي وعدت بها المحافظة حتى الآن رغم حصولها على ما يثبت ذلك، لكن لم تحصل على أي شيء بعد، موضحة: "قوات الأمن دخلت علينا معاهم أوناش وقعدوا يضربوا قنابل غاز وخرطوش
عشان نسيب العشش اللى ملناش مكان نسكن فيه غيرها"، مشيرة إلى أنه كان من
المفترض أن تقوم المحافظة بتسليم الشقق قبل هدم العشش حتى لا تحدث أزمة كما حدث أثناء هدم العشش، مضيفة: "أنا مش عاوزة أكتر من حقي في إني أخد شقة تلمني أنا
وأهلي بدل الحياة وسط الحيوانات والتعابين والمرض، نفسي أعيش زي البني آدمين اللى
حولينا وبس".
إحنا
ناس منسية
تلقت
سيدة عجوز تحمل أحد أحفادها ـأطراف الكلام قائلة "احنا ناس منسيين محدش بيسال
فينا مرميين في الشارع ولا أحد يعرف عننا حاجة كلنا هنا أرزوقية وعلى باب الله
ومحدش رحمنا والعشش اللى احنا سكننها بقت على الأرض ونايمين في الشارع"، موضحة أنها ليس لديها أي مكان تسكنه غير العشش ولا تعلم مصيرها بعد هدم أغلبها في حملات الإزالة، لافتة "احنا ناس غلابة وبناكل لقمتنا بالعافية وبنحمد ربنا على اللى احنا فيه
وراضين بالعشة اللى احنا سكنين فيها ومش طالبة غير إن الحكومة تراعينا وتدينا الشقق
اللى وعدتنا بها من سنين"، مشيرة إلى ـأن هناك بعض الأسر القليلة تم تسليمها
شقق بشكل صوري ولم يتم نقلهم إليها بعد، مضيفة: "أنا بأناشد الرئيس أنه يحمينا
ويجبلنا حقنا المهدر لأن ربنا مش بيرضى بالظلم واحنا أكتر ناس مظلومين في البلد
ديه اللى محدش رحمنا فيها".
قرار الإزالة مفاجئ
بالقرب
من إحدى الحظائر التي تحوطها مجموعة من العشش المتبقية من أثار الهدم يستند عماد
حسن على حائط سارحا في هموم الحياة بعد فقدانه عشته وكافة متعلقاته والذي حدثنا
قائلا: "أنا رجل بلمع جزم وباكل عيش حاف أنا وعيالي والعشة اللى سكنين فيها
الحكومة هدتها ومفيش مكان يسترنا أنا ومراتى وعيالي ونايمين في الشارع معندناش
حاجة تدرينا"، موضحا أنه لم يكن يعلم بميعاد الهدم حيث لم يخبره أحد به ما
جعله عاجز عن فعل أي شيء أو إيجاد مكان بديل حتى يحصل على إحدى شقق المحافظة التي طال انتظارها، مضيفا "المحافظة جت خدت اسمي وكل أوراقى عشان تديني شقة فرحت
بس لحد دلوقتي مشفتش حاجة بس كنت ساكت عشان في عشة قاعد فيها لدوقتي أنا مرمي في الشارع والمحافظة معملتليش حاجة خالص مدوخانا ولا عرفين ناخد حق ولا باطل".