رئيس الوزراء العراقي يتعهد بحزمة إصلاحات لتهدئة غضب المتظاهرين
أصدرت الحكومة العراقية سلسلة قرارات خلال جلسة استثنائية عقدت برئاسة عادل عبد المهدي رداُ على مطالب المشاركين في الاحتجاجات الدامية التي انطلقت قبل خمسة أيام وأسفرت عن مقتل نحو مائة شخص وإصابة آلاف بجروح وفق إحصاءات رسمية.
وتضمنت قرارات الحكومة العراقية 17 فقرة أبرزها تسهيل الحصول على أراض سكنية وبناء وحدات جديدة، إضافة إلى منح 175 ألف دينار (نحو 145 دولارًا) شهريًا للعاطلين عن العمل ولمدة ثلاثة أشهر.
كما تضمنت القرارات إنشاء مجمعات تسويقية حديثة في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات.وقبل انطلاق التظاهرات، قامت السلطات العراقية بحملات لإزالة التجاوزات السكنية العشوائية التي يسكنها ثلاثة ملايين من الفقراء وسط ظروف قاسية وخالية من الخدمات من دون توفير بديل.
وقرر مجلس الوزراء اعتبار ضحايا التظاهرات "شهداء" ومنح عائلاتهم "امتيازات الشهداء". كما فتح باب التطوع للجيش وإعادة الذين فسخت عقودهم بعد اجتياح تنظيم "داعش" في العام 2014.ووجه مجلس الوزراء بتنفيذ الإجراءات، وقرر مناقشة الحزمة الثانية المتعلقة بالإصلاحات في الجلسة المقبلة.
وبلغت حصيلة الاحتجاجات التي اندلعت الثلاثاء الماضي في العاصمة العراقية بغداد قبل امتدادها إلى مدن ومحافظات جنوبية، إلى نحو مائة قتيل، وفق حصيلة جديدة أوردتها أمس السبت (الخامس من أكتوبر 2019) مفوضية حقوق الإنسان في العراق، وهي هيئة رسمية تابعة للبرلمان العراقي، مشيرة إلى أنّه إضافة إلى هؤلاء القتلى فقد سقط نحو أربعة آلاف جريح، غالبيتهم من المتظاهرين.
وانطلقت الاحتجاجات للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل، ليرتفع سقفها بعد ردّ قوات الأمن العنيف، إلى مطالب باستقالة الحكومة وتغيير النظام برمّته. وأوضحت هذه الهيئة أنّ 60 من القتلى سقطوا في بغداد التي استقبلت مستشفياتها 250 جريحًا أصيبوا بالرصاص الحيّ.
وقالت المفوضية في تصريح لوكالة فرانس برس السبت "نطالب بتوضيح من الحكومة العراقية حول إصابات القنص في بغداد والمستمرّ لليوم". من جهتها دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق السبت إلى وقف أعمال العنف ومحاسبة المسؤولين عنها.
وبالإضافة إلى التظاهرات التي شهدها محيط وزارة النفط على الطريق المؤدّية إلى ساحة التحرير التي باتت نقطة انطلاق التظاهرات، فقد خرج متظاهرون السبت إلى الشوارع في مدينتي الديوانية والناصرية جنوب العاصمة العراقية.
وأدى تبنّي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مطلب استقالة الحكومة الجمعة إلى قلب الطاولة في عملية قد تغيّر المعادلة لا سيّما وأنّه يتزعم أكبر كتلة في مجلس النواب (54 مقعدا).
وينتظر ما سيقوم به من مقتدى الصدر من خطوات قد تزيد من زخم الحركة الاحتجاجية في الشارع، رغم رفض المتظاهرين تسييس الحراك.
وفي الشارع، بدت أهداف المتظاهرين واضحة منذ الثلاثاء. وقال أحدهم لوكالة فرانس برس برس مساء الجمعة وهو يعصب جبينه بعلم عراقي "لا أحد يمثلنا، يأتون بأشخاص يلبسونهم بزات رسمية، ويضعونهم في البرلمان"، مضيفا: "لم نعد نريد أحزابًا، لا نريد أحدًا يتحدث باسمنا".
ويبلغ معدّل البطالة في صفوف الشباب في العراق 25 في المائة، أي ضعف معدّل البطالة الإجمالي في البلاد، وفقًا للبنك الدولي الذي تشير إحصاءاته إلى أنّ نحو 22،5 في المائة من السكّان كانوا يعيشون تحت خط الفقر في عام 2014.
وما ينتظره المتظاهرون حاليًا هو "تعديلات وقرارات حاسمة، وإقالة ومحاسبة أسماء كبيرة من السياسيين المتهمين بالفساد"، بحسب ما أكد لفرانس برس المحلل الأمني سرمد البياتي.
من جهته، وقبل إعلان رئاسة الحكومة، سبق لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أن أعلن أمس السبت، عن تقديم توصيات للحكومة تتضمن إيقاف حملة إزالة التجاوزات فورًا وتنفيذ 100 ألف وحدة سكنية للمتجاوزين، كما أشار الحلبوسي إلى التوصية بإلغاء أو تجميد عمل مجالس المحافظات، مؤكدا أنه سيتم تثبيت جميع المتعاقدين مع مؤسسات الدولة وتحويل المحاضرين إلى عقود.
كما أشار الحلبوسي في مؤتمر صحفي حضرته السومرية نيوز، بأن " يمارس مجلس النواب أو رئيس الحكومة الدور الرقابي على المحافظين لحين إجراء الانتخابات المحلية القادمة". وأضاف الحلبوسي أنه "سبق وأن ألغى البرلمان مجالس الأقضية وأن آخر عمل لهم سيكون في الأول من مارس 2020".
وبيّن الحلبوسي أنه "سيتم توزيع الأراضي السكنية على المستحقين وسنضع التخصيص اللازم لصندوق الإسكان لمنحهم قرض ميسر معفي من الفوائد"، بالإضافة إلى التوصية بفتح باب الاستثمار على أوسع أبوابه للقطاع السكني". كما أكد أنه "سيتم تصفير كل ما بذمة الفلاحين من بدلات الإيجار، وإيقاف استيراد المواد التي يزرعها الفلاح العراقي".
وأشار الحلبوسي إلى "التوصية بتحويل جميع المحاضرين والمتطوعين لعقود ابتداءً من الآن وخلال موازنة 2020 وتثبيت جميع المتعاقدين مع مؤسسات الدولة، فضلًا عن إقرار مجلس الخدمة الاتحادية والاتفاق مع النقابات والاتحادات لإبعاده عن أي تدخل سياسي".