وكيل البرلمان يستعرض تقرير تعديل الدستور أمام الجلسة العامة
استعرض السيد الشريف، وكيل أول مجلس النواب، تقرير اللجنة العامة حول مقترح تعديل بعض مواد الدستور، بناء على طلب مُقدم من (155) عضوًا (أكثر من خُمس أعضاء المجلس)، والذي انتهت بالموافقة بالأغلبية المقررة قانونا، حيث من المنتظر أن يأخذ تصويتا نداءً بالاسم من أجل الموافقة والإحالة للجنة التشريعية والدستورية لكتابة تقريرها بشأنه خلال 60 يوما.
جاء ذلك في الجلسة العامة الأربعاء، برئاسة الدكتور على عبد العال، يتكون التقرير من 21 صفحة، متضمنة خمسة أقسام، الأول متعلق بالمرجعية الدستورية واللائحية لطلب تعديل الدستور، والثاني متعلق بمضمون طلب التعديل، والثالث متعلق بمدى استيفاء الطلب للاشتراطات الدستورية واللائحية، والرابع بالمبادئ الأساسية التي تقوم عليها التعديلات المقترحة، فيما خصص الخامس لرأي اللجنة.
وفى القسم الأول استعرضت اللجنة العامة المرجعية الدستورية للطلب المقدم وهي المادة 226 من الدستور، وأيضا المرجعية اللائحية، بموادها 133..143 من اللائحة الداخلية للمجلس، وفى القسم الثاني المتعلق بمضمون طلب التعديل، تضمن التقرير أنه بدراسة طلب التعديل تبين للجنة العامة أنه قد استند إلى المبادئ الأساسية التي رأي مقدمو الطلب أنها كفيلة بتحقيق غايات ومقاصد التعديل، ويأتي استجابة للأسباب الواقعية والقانونية التي تدفع في اتجاه مراجعة بعض أحكام الدستور بهدف تبني عدد من الإصلاحات في تنظيم سلطات الحكم.
وحيث كان تعديل الدستور أحد المطالب الأساسية لثورة 30 يونيو التي قامت من أجل إنقاذ البلاد من أزمة سياسية ودستورية غير مسبوقة تسببت في خلق حالة خطيرة من الانقسام والاستقطاب وهددت وجود الدولة المصرية، وفى سبيل ذلك تشكلت لجنة العشرة من نخبة متميزة من خبراء القانون المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وفقا لحكم المادة 28 من الإعلان الدستوري، الصادر في 8 يوليو 2013.
وتشكلت لجنة الخمسين طبقا للمادة 29 من الإعلان الدستوري المشار إليه من ممثلين عن جميع فئات المجتمع وطوائفه وتنوعاته السكانية وبذلت لجنة الخمسين جهدا فائقا في سبيل إعداد دستور 2014، راعت فيه التداعيات الحرجة التي كانت تمر بها البلاد من جهة وأولويات إنقاذ الدولة ومنع أي احتمالية لتكرار أسباب الأزمة من جهة أخرى.
وتضمن التقرير في هذا القسم بأنه يمكن تحديد مضمون التعديلات وأسبابها كما أوردها مقدمو الطلب في النصوص المقترح استبدالها، حيث المادة 102 يستهدف اقتراح تعديل الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 102 ترسيخ تمثيل المرأة في مقاعد البرلمان، وتكون لها حصة محجوزة دستوريا لا تقل عن الربع، فضلا عن حذف عبارة التمثيل المتكافئ للناخبين في مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية نظرا لما أثارته من مشكلات في التطبيق العلمي، حيث رأت اللجنة العامة أن يتم تطبيق ذلك بدءًا من الفصل التشريعي الجديد.
وفى المادة 140، يستهدف تعديل الفقرة الأولى من المادة 140 إلى زيادة مدة تولي منصب رئاسة الجمهورية لتصبح ست سنوات بدلا من أربع التي أظهر الواقع العملي قصرها الشديد وغير الملائم للواقع المصري المستقر، مع استحداث مادة انتقالية بسريان هذا الحكم على الرئيس الحالي وتعديل ما يلزم لذلك.
ورأت اللجنة العامة أن هذا النص يعالج ما كشفه الواقع العملي من عدم ملائمة تحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية بـ4 سنوات فقط نظرا لقصرها الشديد، وفى المادة 160 يستهدف اقتراح تعديل الفقرة الأولى من المادة 160 استحداث منصب نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية لمعاونة رئيس الجمهورية في أداء مهامه وتنظيم الحالة الخاصة بمن يحل محل رئيس الجمهورية في غيابه.
ويحل رئيس مجلس الوزراء محل الرئيس في حالة عدم وجود نائب رئيس الجمهورية، أو تعذر حلول محله وإعادة النظر فيما يحظر عليه في حالة حلوله محل رئيس الجمهورية، ورأت اللجنة العامة، أنه لا شك أن هذا التعديل يجد تبريره الكافي في اتساقه مع النظام المصري الذي جمع بين ملامح النظام الرئاسة والنظام البرلماني، والذي يفترض ثنائية السلطة التنفيذي من خلال مؤسسة الرئاسة من جهة ومؤسسة مجلس الوزراء من جهة أخرى.
ومن ثم يفضل وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية يحل محله إذا قام به مانع مؤقت عوضا عن رئيس مجلس الوزراء طبقا للنص القائم، وأعاد تنظيم حالات الحظر المنصوص عليها في أحوال الحلول محل رئيس الجمهورية، بما يقصر حظر الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية على رئيس الجمهورية المؤقت.
وفى المادة 180، تضمن الطلب تعديلا بإنشاء مجلس أعلي للهيئات القضائية للنظر في الشئون المشتركة للجهات والهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية بوصفه رئيس الدولة، حيث اقتضي الواقع العملي وجود هذا المجلس للنظر في الشئون القضائية المشتركة ووضع آلية إجرائية واضحة لاختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية من بين خمسة مرشحين لهذا المنصب، وترشحهم مجالسهم العليا.
ورأت اللجنة العامة أن ذلك حزمة من الإصلاحات تكفل تحسين عناصر التوازن في العلاقة بين السلطات، وضرورة استحداث آلية واضحة لاختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية وفق مبدأي استقلال السلطة القضائية وتوازن الصلاحيات والرقابة وذلك في إطار بناء مؤسسات قوية ومتوازنة وديمقراطية تتول بالقيام بوظائفها الدستورية بكفاءة دون المساس بالضمانات الأساسية التي كفلها الدستور.
وفى المادة 190 يستهدف التعديل المقترح لهذه المادة أن تقتصر مراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصلة على ما يحال إلى مجلس الدولة، وفى المادتان 189،193، يستهدف اقتراح تعديل المادة 189 فقرة ثانية، والمادة 193 فقرة ثالثة، توحيد آلية إجرائية لاختيار كل من النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى ويصدر بالاختيار قرار من رئيس الجمهورية، وأن يختار رئيس الجمهورية رئيس المحكمة الدستورية العليا من بين أقدم خمسة نواب رئيس المحكمة، مع إنشاء منصب نائب رئيس المحكمة من بين اثنين أحدهما ترشحه الجمعية العمومية العامة للمحكمة ويرشح الآخر رئيس المحكمة ويصدر قرار التعيين من رئيس الجمهورية.
وفى المادتين 200،204، يستهدف تعديل الفقرة الأولى من المادة 200 إعادة صياغة مهمة القوات المسلحة، وترسيخ دورها في حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة، كما يستهدف تعديل الفقرة الثانية من المادة 204 منح القضاء العسكري الصلاحية في نظر الجرائم المترتبة حيال قيام القوات المسلحة بحماية بعض المنشآت التي تقتضي الضرورة حمايتها.
ورأت اللجنة العامة أن التعديلات استهدفت إعادة صياغة المهمة الوطنية للقوات المسلحة بما يخولها صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، فقد كانت القوات المسلحة المصرية دائما هي الحامية والضامنة للديمقراطية ومدنية الدولة وهذا واضح وظاهر من انحيازها لاختيارات الشعب.
وفى المادة 234، يستهدف الطلب بتعديل هذه المادة التوافق مع حالة الاستقرار التي تعيشها البلاد، والمادتين 243،و244، يستهدف الطلب بهذا التعديل إضفاء استمرارية التمثيل الملائم لكل من العمال والفلاحين والشباب والأقباط والمصريين بالخارج والأشخاص ذوي الإعاقة بعدما كان تمثيلهم مؤقتا لفصل تشريعي، وذلك بالنظر إلى نجاح هذه التجربة في زيادة تمثيل جميع فئات المجتمع بما يرسخ ويدعم مبدأ المواطنة ويقوي النسيج الوطني، ورأت اللجنة العامة أن استخدام عبارة التمثيل العادل للسكان والمحافظات يحقق الوضوح ويقضي على أي تفسيرات متضاربة فضلا عن تحقيقه العدالة والتوازن في قانون تقسيم الدوائر الانتخابية مع توفير قدر مناسب من مرونة التقسيم.
وبشأن النصوص المستحدثة المقترح إضافتها، تضمنت تعين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، حيث تستهدف هذه المادة تعيين نواب لرئيس الجمهورية لمعاونته في القيام بمهامه واختصاصاته، وأيضا إنشاء مجلس الشيوخ كغرفة ثانية بجانب مجلس النواب، وتستهدف هذه المواد زيادة التمثيل المجتمعي وتوسيع المشاركة وسماع أكبر قدر من الأصوات والآراء ويتكون المجلس من عدد لا يقل عن 250 عضوا يتم انتخاب الثلثين ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي ولا يقل سن عضو مجلس الشيوخ عن خمسة وثلاثين عاما، وأن يكون حاصلا على مؤهل جامعي أو ما يعادله، ويحدد القانون شروط الترشح الأخرى وعدم مسئولية رئيس الوزراء ونوابه والوزراء وغيرهم، من أعضاء الحكومة أمام مجلس الشيوخ ولا يجوز الجمع بين عضوية مجلسي النواب والشيوخ.
وفيما يتعلق بالنصوص المقترح إلغاؤها، يستهدف هذا التعديل إلغاء المادتين 212 و213 في شأن الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، وذلك بالنظر إلى الصعوبات العملية التي تحول دون تطبيق التصور الخاص بهما في ضوء تعقد المشكلات التي تحيك بالمؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة، ورأت اللجنة العامة ضرورة الاكتفاء بدور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المنصوص عليه بالمادة 211 من الدستور وذلك في ضوء التجارب والممارسة العملية.
وفي القسم الثالث المتعلق بمدي استيفاء الطلب للاشتراطات الدستورية واللائحية، انتهت اللجنة العامة بعد المناقشة والدراسة إلى توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 226 من الدستور والتحقق من العدد المطلوب توقيعه من النواب، فضلا عن أنه حدد المواد المطلوب تعديلها ومبررات كل تعديل وأسبابه وبالتالي الطلب مقبول من ناحية الشكل.
وفيما يتعلق بحظر التعديل الوارد في عجز المادة 226 من الدستور والذي ينص على أنه:"وفى جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات"، فإن اللجنة انتهت إلى أن الحظر المشار إليه ينصب على زيادة عدد مدد الرئاسة إلى أكثر من مدتين اثنتين، ولا يتطرق إلى زيادة أمد المدة الواحدة من حيث عدد السنوات.
وهو الرأي الذي قال به بالفعل بعض الفقهاء في القانون الدستوري، فضلا عن أن التجربة والواقع أثبتا أن فترة الرئاسة الأربع سنوات مدة غير واقعية وغير كافية إطلاقا لتحقيق أبعاد التنمية الشاملة والمستدامة والتي تستغرق فترة طويلة خاصة في مراحل إعادة بناء الدولة في أعقاب الثورات في ضوء أوضاع إقليمية غير مستقرة، وهذا وقد تضمن الطلب المشار إليه اقتراح تعديل 12 مادة من مواد الدستور واستحدث 8 مواد جديد، وإضافة مادة وحيدة انتقالية، ومن ثم يكون الطلب قد حدد المواد المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلى هذا التعديل ومبرراته. وفق الضوابط الدستورية واللائحية.
وفى القسم الرابع بشأن المبادئ الأساسية التي تقوم عليها التعديل، نوهت اللجنة العامة إلى أنه لا ينكر منصف أن الاختبار الواقعي لبعض النصوص الدستورية التي استحدثها دستور 2014 تحتاج إلى بعض المراجعة وليس في ذلك عيب أو انتقاص وتجارب الدول حولنا تشهد بذلك، وتؤكد على ضرورة أن تكون بوصلة أي تعديل يتعلق بالتنظيم الدستوري لسلطات الحكم هو بناء مؤسسات قوية ومتوازنة وديمقراطية تستطيع الاضطلاع بمسؤوليتها بكفاءة وذلك دون المساس بالضمانات الأساسية التي كفلها الدستور.
كما استعرضت اللجنة ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية في وصف الدستور والتي ذهبت إلى أن الدستور وثيقة نابضة بالحياة لا تربط بمفاهيمها بلحظة زمنية محددة وإنما تتفاعل مع عصرها وفق القيم التي ارتضها الجماعة، تحدد على ضوئها مظاهر سلوكها وضوابط حركتها، أخذه في اعتبارها الرؤية الأعمق لحقوق الإنسان، وأن الدستور وثيقة تقدمية لا تصدر عن التطور آفاقه الرحبة، فلا يكون نسيجها إلا تناغما مع روح العصر وما يكون كافلا للتقديم في مرحلة بذاتها، يكون حريا بالإتباع بما لا يناقض أحكاما تضمنها الدستور، والنصوص الدستوري لا يجوز تفسيرها باعتبارها حلا نهائيا ودائما لأوضاع جاوز الزمن حقائقها، فلا يكون تبنيها والإصرار عليها، ثم فرضها بآلية عمياء إلا حرثا في البحر بل يتعين فهمها على ضوء قيم أعلي غايتها تحرير الوطن والمواطن سياسيا واقتصاديا.
وتضمن أيضا المبادئ التي يقوم عليها الحكم بشكل عام، في أن الشرعية الدستورية واعتبار الدستور المصدر لكل قاعدة حاكمة لنظام الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والتأكيد على أن السيادة للشعب وأنه مصدر السلطات، والحفاظ على مدنية الدولة وحماية الحقوق والحريات والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وترسيخ وتدعيم مبدأ المواطنة وتقوية النسيج الوطني بتمثيل عادل لجميع الفئات.
وفيما يتعلق القسم الخامس المتعلق برأي اللجنة، تضمن أن طلب التعديل المعروض يأتي وفقا للإجراءات التي نص عليها الدستور وتتوافر في شأنه الشروط والدستورية واللائحية ويرتكن على واقع جديد تعيشه البلاد بعد أن اجتازت مصر سنوات البناء الصعبة لمؤسسات الدولة، وفقًا لمبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونيو.
وأصبح من الضرورة مراجعة بعض أحكام دستور 2014، لاسيما تلك التي كشف التطبيق العملي لها عن عدم مناسبتها للأوضاع المستقرة للبلاد بعد تجاوز مرحلة تثبيت أركان الدولة، والتحرر من أخطار الأزمة السياسية التي فجرت ثورة 30يونيو، ومن أجل الحفاظ على مكتسبات ثورتي 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013 ومدنية الدولة المصرية ودعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع، وقيمة العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة وتعميق النظام الديمقراطي وتوسيع مجالاته، وضمان توسيع مشاركة كافة فئات المجتمع في الحكم وبخاصة العمال والفلاحين والشباب والأقباط والمصريين بالخارج والأشخاص ذوي الإعاقة ولإعادة تنظيم سلطات الدولة والحفاظ على استقلاليتها والفصل بين السلطات والتعاون فيما بينهم.
ورأت اللجنة العامة ضرورة الحاجة أن تتبع التعديلات الدستورية تعديلات تشريعية وعلي وجه الخصوص في قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس النواب، وقانون الدوائر الانتخابية واستحداث قانون مجلس الشيوخ فضلا عن تعديل قوانين أخرى، فيما توافق أعضاء اللجنة العامة بالأغلبية المتطلبة قانونًا بما يفوق ثلثي عدد أعضائها.