ما وراء السر المكنون
أمور كثيرة في الحياة جعلها الله ذخرا لنا ‘ولكن لا نقدر أهميتها على الرغم أن من دونها لا تكن حياة ‘ فطرتنا ‘مواقفنا ‘ أفعالنا ‘ أحاسيسنا ‘الواقع الذي يخصنا ‘ كل تلك أشياء تفصل تفصيلا فتصبح قاعدة للحياة والواقع الطبيعي الذي نعيشه ‘ خلق الله الحياة مثل الحروف التي تضع الحرف بجوار الحرف لكي تظهر لك كلمة ‘ ثم يتضح لك معناها ‘ كذلك "التفاصيل " الذي يكمن فيها سر الحياة المكنون.
جعل الله كل شيء معنوي ومادي يحتوي علي تفاصيل معينة ‘ منا من يراها أمامه دائما ومنا لم يراها ولا يلقي لها بالاً ‘ فتفاصيل الحياة ماهي الا مجرد سلسلة تتبعية إذا تم دمجها مع بعضها البعض ‘فتشعر أنك رأيت مالا تراه من قبل ‘ ووعيت لما حولك ‘ وركزت فيما يدور من خلفك وأمامك فقط مجرد التركيز فيها ‘ فالتفاصيل حياة فوق الحياة ‘ تدخل من يدقق فيها عالم آخر وبرزخ آخر تجعله مختلف ‘بفكره ‘وثقافته‘ ووعيه ‘ تجعل منك إنسان أدواته في الدنيا إدراكه لمكنونات الحياة ‘ بل المعنى الأدق إدراكه لروح الحياة .
كثيرا من البشر يعيش حياته باهت الشعور ‘ باهت الحياه نعم أراه باهت الحياة فمثل المتقن للتفاصيل كمثل اللوحه المرسومه التي تدهشك وتمتع نظرك عند النظر إليها ‘ ومثل المهمل لها كمثل اللوحة المسكوب عليها كوبا من الماء فتجعل تفاصيلها مطلسمة باهتة ‘ فالتفاصيل تسكن كل شئ.
فإذا تطرقت إلى المواقف أجد دائما أن ما وراء الموقف هو فعل غامض يكمن في تفصيلة معينة ‘ فينتج عنه ذلك الفعل ‘ وإذا نظرت إلى الحب والذي هو أساس كل الحياه فنلاحظ احتوائه علي تفاصيل معينة بين الطرفين وأن لكل تفصيلة دلالة معنوية معينة تثبت قيمة ذلك الحب ‘ أما عن وجهات النظر فلكل منا وجهة نظره الخاصة به ‘ والتي منها تختل وتتغير بمرور التفاصيل الذي يدركها صاحبها ‘ او لا تتغير ابدا وأيضا يكون المسؤول عنها هي التفاصيل الخاصة لتلك النظره المعينة.
في واقع الأمر أرى أن السر المكنون في التفاصيل البسيطة والدقيقة ‘ ومعرفة الغموض لشئ دقيق ينتج عنه معرفة أوسع وأكبر للحياة سوا الملموسة أو الخيالية والواقعية ‘ فشعور المرء عند إحساسه باختلاف رؤيته هو نفس شعور المكتشف لسر ما .
فالقدرات المكونة للتفكير الإبداعي تركز دائما على إدراك التفاصيل، وهي قدرة إبداعية لتقديم تفصيلات متعددة للأشياء ‘ سواء المعنوية أو المادية .
الحب وأدق التفاصيل.
فالنظرة إلى الكلمه الطيبه والأخذ بها وتقديرها‘ وماذا تفعل أمامك في البشر تلك أدق التفاصيل ‘والأخذ في الإعتبار متي تلمع عين محبوبتك ؟ متى تبتسم ؟ هل تشعر بحزني في صوتي خلال مهاتفتي فقط ‘ أم عند جلوسي أمامها ؟ هل نبضات دقات قلبها تزداد عند رؤيتي ؟! كل تلك تفاصيل التفاصيل ‘ منا من يشعر بها ويراها ومنا من لم يراها ولا يشعر بها ‘ وذلك هو الإختلاف ! ذلك ما يجعل العلاقات الإنسانية ثرية ومليئة بالمحبة .
تلك التفاصيل التي تختفي في زحمة الحياة ولا نلق لها بالاً هي من تجعلنا دائما في بوتقة السلام للعلاقات ‘ وذلك بسبب شفافيتها ‘ ووضوحها ‘ يقولون إنك لتحصل على الشريك المناسب فعليك أن تكون أنت أيضًا هو الشريك المناسب ‘ وبالمعنى الأصح لتحصل على من يهتم بتفاصيلك الصغيرة عليك أن تبدأ أيضا بالاهتمام بالتفاصيل الصغيرة .
والجدير بالذكر أن الاهتمام بأدق التفاصيل تعمل علي تجنبك من فشلك في جميع الأعمال ‘ ‘حتى عن الأزواج الذين يهتمون بتلك التفاصيل فهم يساهمون في تأجيج حبهم يوماً بعد يوم ‘سواء ماديا او معنويا فرؤيتك لتلك التفاصيل تصب دائما في نجاحك ‘ من أجل ذلك أرى ان من ضرورية العيش في الحياة بزاويه مختلفه علينا الأخذ بالتفاصيل.