جبل درنكة.. عندما تحل بركات العذراء أسيوط ويتبرك بنورها البشر من كل لون
في مغارة بجبل درنكة بأسيوط مكثت العائلة المقدسة بعد عناء رحلة استغرقت 15 يومًا من فلسطين إلى أسيوط.
وتذكر الروايات وفقا للمعتقدات القبطية أن أم النور هربت بابنها السيد المسيح من بطش أورشيليم، حيث أوحى ملاك إلى يوسف أن أهرب إلى مصر "إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلًا: "قم وخذ الصبي وأمه وأهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه" مت 2: 13.
قطعت العائلة المقدسة صحراء سيناء ثم وطئت أقدامهم الشريفة بعض من محافظات بحري مرورًا بالقاهرة نزولا إلى صعيد مصر ومنها إلى أسيوط، حيث اختبئوا بمغارة تتوارى داخل جبل أسيوط الغربي، وفيما بعد أنشأ دير العذراء بجانبه.
ابتهالات الصائمين بدرنكة
أصبح هذا الموضع الشريف ملجأ وملاذ الحائرين يأتوه الصائمين في آخر أيام صيام العذرا والذي يبتدأ من 7 أغسطس (مسرى)، حتى 21 أغسطس والذي يوافق تشريفة العائلة المقدسة بمغارة درنكة.
14 يومًا أو يزيد عدد أيام صيام العذراء كما هو عدد أيام الرحلة، يأتي الصائمون من كل حدب وصوب احتفالا بمجئ البتول وإبنها، محملين بالرسائل موفيين بالنذور، متحلين بالإيمان مرتفعة أياديهم صوب السماء، منادين "السلام لكِ يا مريم يا معونة لمن يريد".
مراجيح المولد تنتشر في كل مكان، كافتيريات على جانبي الطريق، صياح بائعوا الحلوى يختلط بتسبيح المصلين صائمين يفترشون أرض الجبل يبيتون ببركة العذرا ومحبتها منتظرين قداس الساعة السابعة صباحًا.
دورة الشمامسة
ويبدأ الاحتفال بخروج الشمامسة من المغارة متشحين بلباس أبيض وأشرطة حمراء ممسكين بالصلبان وتتقدمهم أيقونة كبيرة للعدرا يسيرون خلف بعضهم البعض بألسنة تتلوا الترنيمات وسط زغاريد الصائمات، ويتبعهم أطفال يرتدون رداء الشمامسة، كما ترتدي الراهبات الحبشيات رداء أزرق موشوم عليه الصلبان وينادوا أيا مريم.
وفي منتصف دورة الشمامسة يدور الأنبا يؤانس مطران أسيوط حول الجبل، ليزف قدوم العائلة المقدسة وعلى كتفة تسكن حمامة بيضاء، ويتزاحم الناس للملامسته طلبا لبركتة، ويرش البعض الأخر البخور على الموكب.
يتبع الأنبا الرهبان والآباء الكهنة وكل الرتبات الكنسية، يدور الأنبا دورتة حول الجبل حتى ينتهي إلى نهاية رحلة الانتقال عند أثر العذرا ويقول في الشعب "كل عام وأنتم بخير ببركة أم النور تتدبر كل الأمور" وسط تهليل المحتفلون إيمانًا منهم بحضور العذراء ورضائها عنهم.
بركة العذراء
مجسم كبير يجسد أُمنا مرتدية عباءة زرقاء تفتح ذراعيها ليستقبل حضنها المصلين، يحاوطها الناس طالبين منها الشفاعة والشفاء، يسّرون لها الأسرار والأمنيات، آملين أن تظهر مرة أخرى كما ظهرت من قبل في عامي 2012 و2013 فالسلام لكِ وعليكِ يا ممتلئة نعمة.