الخطبة المكتوبة.. الفتنة بين الأزهر والأوقاف.. هيئة كبار العلماء ترفضها بالإجماع.. وتؤكد: الأئمة يحتاجون إلى تدريب جاد وتثقيف
منذ أن أعلن الدكتور محمد
مختار جمعة، عن تطبيق الخطبة المكتوبة الموحدة في خطب الجمعة، والجدل لم يتوقف لحظة
واحدة حول هذا القرار، فالأمر لم يتوقف عند غضب بعض أئمة وزارة الأوقاف فقط بل
امتد ليصل إلى الأزهر، خاصة أن الدكتور عباس شومان، رفض فكرة الخطبة المكتوبة وتنفيذها
على وعاظ الأزهر، كما أن الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر لم يلتزم
بالخطبة المكتوبة خلال خطبة الجمعة السابقة، الأمر الذى ينزر بخلاف بين الأزهر
ووزارة الأوقاف حول الخطبة المكتوبة.
هيئة كبار العلماء ترفض الخطبة المكتوبة
أعلنت هيئة كبار العلماء برئاسة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الثلاثاء، وفقًا لدورها الذي حدده الدستور المصري، قررت الهيئة بالإجماع رفض الخطبة المكتوبة، معتبرة هذه الخطوة تجميدًا للخطاب الديني، مُؤكِّدة أنَّ الأئمة يحتاجون إلى تدريبٍ جاد وتثقيف وتزويدهم بالكتب والمكتبات؛ حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذَّة بالعلم والفكر الصحيح، وحتى لا يتَّكئ الخطيب على الورقة المكتوبة وحدها؛ مما سيُؤدِّي بعد فترة ليست كبيرة إلى تسطيح فكرِه وعدم قدرته على مناقشة الأفكار المنحرفة والجماعات الضالة التي تتَّخذ الدِّين سِتارًا لها، وتستخدم من بين أساليبها تحريف بعض آيات القُرآن الكريم والأحاديث النبوية عن مواضعها، والتلبيس بها على أفهام عوام المسلمين؛ مما قد يُصعِّب على الإمام مناقشة هذه الأفكار وتفنيدها والرد عليها وتحذير الناس منها، وهو الأمر الذي يوجب مزيدًا من التدريب للخطيب والداعية وإصقاله بمهارات البحث العلمي والدعوة والابتكار حتى يستطيع الحديث بما يناسب بيئته والتغيرات المتطورة كل يوم، وحتى يجتمع الناس من حوله منصتين إليه.
وقدَّرت الهيئة الدور الذي
يقوم به الأزهر الشريف في العمل على تعميق الثقافة الفكرية الإسلامية لدى وعاظه،
وذلك بعقد دورات دورية مستمرة ومكثفة في كافة المجالات الشرعية، وإمداد الوعاظ
بمجموعات كبيرة من الكتب التي تعمق ثقافتهم وتوسع مداركهم.
ووافقت الهيئة كذلك على ضم عدد من الباحثين الشرعيين من شباب العلماء من التخصصات الشرعية المختلفة، لمعاونة السادة أعضاء الهيئة في أداء مهامهم.
ووافقت الهيئة كذلك على ضم عدد من الباحثين الشرعيين من شباب العلماء من التخصصات الشرعية المختلفة، لمعاونة السادة أعضاء الهيئة في أداء مهامهم.
وعاظ
الأزهر غير ملزمين بالخطبة المكتوبة
وكان
الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف قد أشار إلى أن وعاظ الأزهر غير ملزمين
بالخطبة المكتوبة، وأن الأوقاف عليها التنسيق مع مجمع البحوث الإسلامية الذي يتبعه
وعاظ الأزهر، لافتا الى أن قرارات وزارة الأوقاف تخصها ولاعلاقة لوعاظ الأزهر بها
من قريب أو بعيد ما لم يقبلها الأزهر الشريف ويخاطبهم بها، وأن على وزارة الأوقاف
إن أرادت شيئًا من وعاظ الأزهر، الذين يشاركون إخوانهم الأئمة في أداء خطب الجمعة
والدروس، كجزء من عملهم إضافة إلى أعمالهم الكثيرة مع الوزارات والهيئات والقوافل
في الداخل والخارج، فعليها التنسيق مع مجمع البحوث الإسلامية، الذي يتبعونه تبعية
كاملة.
"الهدهد" يرفض تطبيق الخطبة المكتوبة
الأمر الثاني الذي يؤكد أن هناك صراعًا خفيًا بين الأزهر ووزارة الاوقاف حول الخطبة المكتوبة، هو عندما رفض الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر، الجمعة الماضي، تنفيذ قرار الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بتطبيق الخطبة المكتوبة، وتحدث خلال خطبة الجمعة، بالجامع الأزهر، عن الإنصاف في الإسلام، معللا ذلك أن الأزهر لا يتبع وزارة الأوقاف، وإن دعاته يعملون تحت مظلة مشيخة الأزهر فقط، ولا يلتزمون إلا بتعليماتها.
ليس
صراع ولكن منافسة
من
جهته، يقول الدكتور أحمد معبد، أستاذ الفقه وأحد أئمة مساجد وزارة الأوقاف بمحافظة
القليوبية، لـ "العربية نيوز" إنه لا يوجد أي خلاف بين وزارة الأوقاف
والأزهر الشريف على الخطبة المكتوبة، لكن ما يدور بينهما الآن يمكن أن يكون على
خلفية التنافس على السيطرة في المجال الديني والدعوي في مصر، لافتًا إلى أن الأزهر
له مكانة دينية وعلمية في العالم كله، ووزارة الأوقاف هي التي تدير كل المساجد في الجمهورية ومسئولة مسؤلية كاملة عنها، وبالتالي الأمر يدخل في مجملة في إطار التنافس.
وأضاف
"معبد" أن هناك العديد من الأئمة يجد أن الخطبة المكتوبة خطوة إلى
الوراء، وأنها ستقتل فكر الأئمة وإبداعهم، الأمر الذي سينعكس على تجديد الخطاب
الديني، لافتًا إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك صراع بين الأزهر والأوقاف على التزام
الوعاظ بالخطبة المكتوبة.