"أحمد ناجي" الروائي الذي تحرر من القيود و حبسته آراؤه الصحفية
"كنت دائمًا ما أشعر بالكآبة. استيقظ في الصبَاحِ عَاجزًا حتى عن الابتسام في المرآة. لم أكن وحدي، بل كل من يحيا في هذه المدينة كان عاجزًا عن الابتسام، بعضهم نسي كيف تكون الابتسامة، وفي اللحظات النادرة حينما يبتسم لك نادل ما في المطعم، أو أي شخص يسدي لك مَعرُوفًا حتي لو كان يُسَاعدك في ركن سيارتك، تعرف طبقًا لقوانين المدينة أنك يجب أن ترد له هذه الابتسامة بمُقَابل مادي مع أنك تعرف أيضًا أنه سوف يسبك ما أن تعطيه ظهرك. القاهرة كلها كانت وعاء كرَاهية، كانت المادة الخام للكرَاهية والتعاسة".
كلمات من رواية "استخدام الحياة" للروائي أحمد ناجي الذي قضت محكمة جنح مستأنف بولاق أبوالعلا السبت الماضي، برفض الاستشكال المقدم منه؛ لوقف تنفيذ حكم حبسه سنتين بتهمة خدش الحياء العام.
أحمد ناجي
كاتب وصحفي، مواليد المنصورة 1985، يعمل في مجال الصحافة منذ 2004، بتنوعات مختلفة أحيانًا للتغطيات الإخبارية، وأحيانًا في صناعة الأفلام الوثائقية منذ 2012، فعمل ككاتب حر في عدد من الصحف والمواقع العربية والغربية، إلى أن تم حبسه إثر تأليفه رواية "استخدام الحياة" بتهمة خدش الحياء العام.
"استخدام الحياة"
لأنه كتب رواية "استخدام الحياة" تم حبس الروائي الشاب أحمد ناجي، والقضية أكبر بكثير مما يتخيل أحد، ولا يمكن الصمت فيها باعتبار أن هذا حكم قضائي لا يجوز التعليق عليه، فهنا لا نعلق على أحكام القضاء، بل ننتقد حكما صدر بناء على ثقافة اجتماعية قررت حبسه لأن المكتوب ينتهك بقوة ما يعتبر خلقا اجتماعيا للشعب المصري، فخرج القاضي ليعلن أن ناجي اختار لنفسه أحط الألفاظ التي لا تستخدم إلا في مجتمعات يغيب عنها القاموس الأخلاقي.
ويصوغ ناجي راويته بلغة تقوم على مزج مستويات مختلفة من العامية والفصحى، وفي أجزاء من الرواية تختفي اللغة المكتوبة لتكمل رسوم أيمن الزرقاني مسار الحدث، ويرتبط النص بالرسوم ليشكل وحدة عضوية في مغامرة من التحرر وكسر حواجز العادات والتقاليد للشعب المصري، والتلذذ فيها بوصف الخمر، والجنس، فيمزج فيها ناجي والزرقاني بين الرواية المكتوبة والرواية المصورة، ليقدم الاثنان عملًا يستكشف أراضٍ جديدة.
المادة 67
تعتبر المادة 67 من أهم مواد الدستور المصري، والتي تنص صراحة على أن "حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي.