عاجل
الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

التحالف الشعبي الاشتراكي: نرفض بيان "إسماعيل" ونطالب بحكومة إنقاذ وطني

المهندس شريف إسماعيل
المهندس شريف إسماعيل

رفض حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بيان الحكومة الي قدمته أمس الاحد أمام البرلمان.

وقال الحزب في بيانه: جاء بيان الحكومة الذي ألقاه المهندس شريف إسماعيل أمام مجلس النواب مُخيبًا للآمال، ذاخرا بشعارات انشائية فضفاضة خاليًا من أي رؤية عميقة لعلاج ما يمر به المجتمع المصري من أزمات طاحنة علي كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وهو فى توجهاته الفعلية يعد امتداد لسياسات وحكومات مبارك، التى انفجرت فى وجهها ثورة الشعب، وهى السياسات التى كان يغلفها توجيهات خطاب التكليف برعاية محدودى الدخل وتحقيق العدالة والانتصار للديمقراطية وسيادة القانون ثم تمضى السياسة الفعلية عكس الاتجاه.

ويهم حزب التحالف الشعبى الاشتراكى أن يركز على عدة ملاحظات جوهرية:
أولا علي المستوي السياسي، ورغم تأكيد البيان على محاور تعزيز الديمقراطية ودولة القانون جاء بيان الحكومة خاليًا من أي مضمون واضح بشأن كيفية حلحلة الوضع السياسي المأزوم داخليًا وخارجيًا، فلم يتصدي لطرح أي رؤية سياسية فى قضايا قمع الحريات وإغلاق المجال العام من خلال التضييق علي الأحزاب والمؤسسات السياسية والنقابات المستقلة ومنظمات العمل المدني، بالإضافة إلي خلو البيان من رؤية للحكومة لتنقية القوانين من المواد المكبلة للحريات كمواد إزدراء الأديان وقانون التظاهر وعدم طرح قضية التمييز والمفوضية التي نص دستور ٢٠١٤ علي وجوب إنشائها..

ثانيا: وفى مجال السياسة الامنية جاء البيان كذلك خاليًا من أي تصور لحل مشكلة السياسة الامنية وازدحام السجون بسجناء الرأى وشيوع ظاهرة المختفين قسريًا بصرف لنظر عن ظروف اختفاء بعضهم، والمقبوض عليهم عشوائيًا وعلي ذمة التحقيقات لشهور عدة، وتحويل الحبس الاحتياطى وهو اجراء احترازى، الى عقوبة أو الذين يجري تعذيبهم بشكل ممنهج في أقسام الشرطة والسجون، أو الذين يتم قتلهم خارج نطاق القانون.

ثالثا: واكد البيان على محور التنمية وتطوير الاقتصاد ورغم ذلك أغفل أى ذكر لدور القطاعين العام والتعاوني حيث ورد بالبيان ما نصه: "سنعمل مع القطاع الخاص وسنعالج البيروقراطية"، مكتفيا بالحديث عن دعم القطاع الخاص الاستثمارى، بإعتباره قاطرة التنمية مع تجاهل أزمة القطاع العام الصناعى واهمية علاج مشاكله بإعتباره الاكثر قدرة على تطوير القدرات الانتاجية للاقتصاد وسد احتياجات السوق المحلى وتخفيض الواردات والاكثر كثافة فى استخدام العمالة والاكثر والاكثر تمتعا بمزايا تصديرية كقطاع الغزل والنسيج وصناعة الدواء والحديد والاسمنت والالمونيوم والكتان وغيرها والتى سقط بعضها فى قبضة الاحتكارات بفعل فاعل، دون أن يعبأ برنامج الحكومة بإنقاذ ما تبقى منه واسترداد ما صدرت احكام قضائية ببطلان صفقات بيعه بسبب ما شاب اجراءاتها من فساد.

رابعا وفى مجال الخصخصة والسياسات المصرفية
ورغم الحاح بيان الحكومة على محور البناء والحفاظ على الثروة الوطنية، تواصل الحكومة سياسات الخصخصة التى تلقت دفعة فى القطاع المصرفى،
بإعلان محافظ البنك المركزى نية الحكومة طرح نسبة عالية من حصتها في رأس مال بنكين من أفضل البنوك المصرية وأعلاها ربحية للتداول في سوق الأوراق المالية وهو أمر يؤكد عزم الحكومة علي الإستمرار في مسلسل الخصخصة البغيض الممتد بلا توقف منذ أيام المخلوع "مبارك" كما تواكب معها تصريحات لمحافظ المركزى بأن تقوية البورصة سوف يؤدى الى تخفيض الدولار الى 4 جنيهات !!!!! وغيرها من توجهات تشير إلي قصور نظرة الحكومة لعلاج مشكلات السيولة وإختلالات الإقتصاد المصري وإقتصارها علي بيع وحداتٍ إقتصادية ناجحة وإعتمادها الكلي علي مزيد من الإقتراض الداخلي لسد عجز الموازنة في شكل إصدارات جديدة للسندات بالجنيه المصري والإقتراض الخارجي في شكل إصدارات للسندات بالدولار الأمريكي أو بالإستدانة المباشرة من مؤسسات الإقراض الدولية والإلتزام بتعليماتها من خصخصة وتحرير للأسعار وتعويم للجنيه المصري.

خامسا: وفى مجال العدالة الاجتماعية، ورغم الحاح البيان على ضرورتها الا انه تجاهل اجراءات حاسمة لتحقيق العدالة الغائبة من خلال إعادة توزيع الثروة خصما مما جرفته راسمالية المحاسيب من ثروات خارج نطاق قوانين الاقتصاد الطبيعى وبالارتكاز الى سلطة الدولة والمحسوبية والعلاقات مع طغمة مبارك، كما تجاهل البيان ضرورة تعديل جذرى للنظام الضريبي وتدعيم، وتطوير اليات مكافحة الفساد، باستقلال حقيقى للاجهزة الرقابية، ودور المؤسسات الديمقراطية والاعلام المتحرر من سطوة "تغليظ العقوبة" و"حظر النشر" والاعتماد فقط على المصادر الرسمية، وهو ما يوجب بشكل عام تعزيز ديمقراطية المشاركة.

وعلى عكس تدليل رجال الاعمال والمستثمرين اذا تنحنحوا، فإن الحكومة اكدت عزمها على خفض الإنفاق الإجتماعي كالدعم وهو أمر أشار أليه رئيس الوزراء حين قال "سيكون علينا إتخاذ العديد من القرارات الصعبة التي طالما تم تأجيلها" 
وعلى القائمة فواتير المياه والكهرباء والغاز وتعريفة المواصلات، متواكبة مع موجة غلاء ارتبطت بتعويم الجنيه.

من الجدير بالذكر في هذا السياق، أن الحكومة قد قامت بعرض برنامجها علي بعثة صندوق النقد الدولي في زيارتها الأخيرة للبلاد منذ أسابيع حيث أعلن الصندوق موافقته عليها وذلك حتي قبل عرضه علي مجلس النواب بما يشكل إستهانة كبيرة بالمجلس النيابي وبما يعد إنتقاصًا من سيادة مصر وإستقلال قرارها السياسي. كما جاء البيان خاليًا من أي إشارة إلي كيفية تفعيل الإستحقاقات الدستورية بشأن الإنفاق الإجتماعي علي الصحة والتعليم والبحث العلمي، بالإضافة إلي خلوه من إستراتيجيات وخطط وآليات عمل واضحة ومحددة وقابلة للقياس بشأن علاج أزمات إرتفاع الأسعار والبطالة وعجز الموازنة وعجز ميزان المدفوعات والدين العام وتدهور سعر الصرف والسياحة حيث لم يذكر رئيس الحكومة سوي أرقام فعلية غير مُحَدثة بهذا الشأن دون طرحٍ واضح لكيفية الخروج من تلك الأزمات.
سادسا: كما جاء البيان كذلك خاليًا من أي تصور لحل سياسي للمأزق الدولي الذي تسببت فيه السياسات الامنية واجراءات التقييد على الحريات. كما خلا من تناول واضح للأزمة التى تواجههما مصر وتتقاطع بشكل مباشر مع حياة المصريين وهى أزمة المياه " وسد النهضة الإثيوبي" وكيفية تصورها لعلاج آثارها بالغة الضرر علي الإقتصاد المصري وكأنها ليست علي جدول أعمال حكومة المهندس شريف إسماعيل.

وقد غاب البعد الدولي والأقليمي المتفجر غيابًا مُريبًا عن بيان الحكومة فتم تناول قضايا الامن القومى من منظور امن الخليج وتم تناول قضية الارهاب من منظور الاجراءات الجنائية ولم يتطرق البيان الى الامن القومى المصرى بابعاده الشاملة فى مواجهة محاولات الهيمنة والتقسيم والتفتيت واطلاق الصراعات الطائفية والمذهبية ورعاية قوى عربية واقليمية ودولية لجماعات الارهاب وما توجبه مهمة مكافحته من تجفيف ينابيعه ومواجهة مع الثقافة الطائفية والفقر والتخلف والابتعاد عن المحاور والتحالفات التى تغذى عمليات التفجير الطائفى والمذهبى.

سابعا ويشى تشكيل الحكومة بنواياها مع استمرار وزراء مسئولين عن أزمات فعلية ولم يتم تغييرهم فى التعديل الوزاري، فضلا عن تكليف وزراء من المجموعة الاقتصادية القادمة من مدرسة البنك الدولي التي تؤمن بالاقتصاد الحر وتراجع الدولة عن مجال الدعم والانتاج وهى علامة على أن انحيازات هؤلاء الوزراء ستكون لصالح المستثمرين ورجال الاعمال على حساب الشعب.

إن حزب التحالف الشعبي الإشتراكي إذ يرفض بيان حكومة المهندس شريف إسماعيل ليضع مجلس النواب أمام مسئولياته التاريخية ويطالبه برفض البيان جملة وتفصيلًا، ويطالب بإقالة تلك الحكومة التي لا تعرف للتنمية الإنتاجية أي معني ولا تقيم وزنًا إلا للنمو الهش المبني علي ثقافة الإستهلاك والتبعية للقطب الواحد وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من مختلف الأحزاب والمؤسسات السياسية والمستقلين تنطلق من مبادئ التنمية ورفض التبعية والعدالة ورفض الظلم والتهمييش والحرية ورفض الاقصاء كأقصر طريق لتحقيق الاستقرار ومكافحة الارهاب.. حكومة تطرح برنامجا جادا للحيلولة دون مزيد من تدهور وتفاقم الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية.