السودان سلة غذاء العالم.. "آمال عربية تتحسس خطاها".. البشير يعرض استغلال الأراضي الزراعية لتوفير المحاصيل الأساسية.. وأبحاث: الخرطوم قادرة على إطعام "الأرض"
يعد الأمن الغذائي العربي من أكبر وأهم التحديات التي تواجه أمتنا العربية خلال العقود المقبلة والمستقبلية، ولذلك سعت الجامعة العربية إلى تبني مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير، التي أطلقها في قمة الرياض، وجدد دعوته في هذا الشأن في القمة العربية التي عقدت مؤخرًا بشرم الشيخ، لتأمين الغذاء العربي من خلال جعل الأراضي الزراعية بالسودان سلة للغذاء العربي والأفريقي، وتوفير الإمكانيات اللازمة والتقنيات الحديثة، لسد الفجوة العالمية من الغذاء، التي من المتوقع أن تتجاوز قيمتها 44 مليار دولار بحلول عام 2020.
وتؤكد الأبحاث العالمية أن السودان يعد من أكثر الدول في العالم المؤهلة لسد حاجة العالم في مجال الأمن الغذائي، وذلك بما يزخر به من إمكانات طبيعية ممثلة في أراض خصبة تصل مساحتها إلى نحو مائتي مليون فدان صالحة للزراعة فورًا، فضلاً عن توافر مصادر مياه الأنهار والأمطار، التي تعد معبرًا أصيلاً لسد الفجوة العربية والأفريقية من الغذاء.
من هذا المنطلق، تابعت موفدة بالخرطوم، ورشة العمل التي نظمتها أمانة المشروعات الاقتصادية المجتمعية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان، حول تحديات الأمن الغذائي، تحت شعار "نخطط الواقع، ونضمن المستقبل"، حيث أشارت الخبيرة الزراعية السودانية، الدكتورة هادية المجذوب، عضو الأمانة العامة بالحزب، إلى أن بلادها تتبنى حاليًا منظومة عمل تستهدف زيادة الإنتاجية من مختلف المحاصيل الزراعية، والعمل على تأمين الغذاء للمواطن السوداني والعربي.
وأكدت أن السودان قادر على تحقيق هذا الهدف، وقالت "نحن نثق في إمكانياتنا الكبيرة، وباستحداث التقنيات نستطيع سد الفجوة وتوفير الأمن الغذائي للأجيال القادمة".
وطرحت الورشة - خلال جلساتها - عددًا من أوراق العمل شملت تحديات تنفيذ سياسات الأمن الغذائي، والأمن الغذائي بين الواقع والمأمول، ودور الجامعات في المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي.
وأشار المشاركون من الخبراء والأكاديميين إلى أن السودان يمتلك أراضي شاسعة صالحة للزراعة وموارد مائية ومناخًا جيدًا، حيث إن هناك ميزة لا تتوافر في أية دولة في العالم سوى في السودان تقريبًا، وهى أنه يتمتع بأربعة مناخات استوائية بحيث يمكنه أن ينتج أربعة أنواع من أغذية في أربعة مواسم مختلفة، كما تتنوع المساحات بين الأراضي المروية خاصة على ضفاف نهر النيل والأنهار الفرعية الأخرى، فضلا عن الزراعة المطرية بمختلف ولايات السودان التي تتساقط فيها الأمطار بغزارة.
وتشير الأبحاث إلى أن هناك أربعة أنواع رئيسية للزراعة في السودان، يعتمد تصنيفها على نوع الري أو أسلوب الإنتاج وهى: الزراعة المطرية المعتمدة على تساقطات الأمطار وتغطي حوالي 25% من المساحة المزروعة، والزراعة المروية بالري الصناعي "25%" "نهر النيل وروافده"، وهذه بدورها تنقسم إلى زراعة عن طريق الري الانسيابي "من السدود والخزانات" والري بالطلمبات "مضخات سحب المياه من النهر" والري الفيضي "الأراضي المغمورة بمياه الفيضانات الدورية كما في دلتا نهر القاش، والزراعة الآلية "12%"، أي تلك التي تستخدم الآلة في عمليات إنتاجها، ثم الزراعة التقليدية في أطراف القرى والبوادي بواسطة الأهالي.
كما تتكون سهول السودان من أنواع مختلفة من التربة أهمها التربة الرملية في الإقليم الصحراوي وشبه الصحراوي في شمال وغرب البلاد، وهى تربة هشة قليلة الخصوبة تستغل في زراعة الفول السوداني والسمسم والكركدي، كما توفر مرعى هامًا للإبل والضأن والماعز، والتربة الطينية في أواسط وشرق السودان، وهى تمثل أهم مناطق زراعة القطن والزراعة الآلية المطرية كما تمثل مصدرًا هامًا للمنتجات الغابية، خاصة حطب الوقود والصمغ العربي. ومعظم إنتاج السودان من الذرة، المحصول الغذائي الرئيسي في السودان يتم فوق هذه التربة.
ويتبين من المشهد السوداني الراهن أن التقارب السياسي الذي حدث - مؤخرًا - بين السودان ودول الخليج العربي وخاصة المملكة العربية السعودية، أدى بقوة لإحياء فكرة جعل السودان "سلة غذاء العالم"، وذلك من خلال توفير رؤوس الأموال اللازمة لتنفيذ المشروعات الزراعية الطموحة في هذا البلد الواعد زراعيًا، فضلاً عن بدء تنفيذ اتفاقيات شراكة ثنائية مع مصر وبعض الدول الخليجية، للاستثمار الجيد للمساحات الزراعية المتاحة، للبدء في الانطلاق نحو تحقيق الحلم العربي بتوفير الأمن الغذائي، والعمل على تضافر الجهود لتحقيقه على أمر الواقع بدلاً من إهدار الوقت والزمن والطاقات في صراعات وخلافات تنعكس سلبًا على شعوب الأمة العربية والأفريقية ومقدراتهم، التي لن يحافظ عليها أحد سواهم.