صراع المساجد عرض مستمر.. الدعوة السلفية تتحدى "الأوقاف" و"الإفتاء" بـ"مجالس العلماء".. وخبراء: الضبطية القضائية الحل
محمد عبدالعاطي: الدعوى السلفية تؤكد وجودها على أرض الواقع
أحمد كريمة: ممارسات السلفيين تتم عن طريق مواءمات سياسية.
عبدالعزيز النجار: على وزارة الأوقاف حماية المساجد
لم يمر سوى أسبوعين على إنشاء مجالس الإفتاء بالمساجد الكبرى كمرحلة أولى ضمن خطة وزارة الأوقاف بالتعاون مع دار الإفتاء لتعميم هذه الفكرة في كل مساجد الدولة، وكان الهدف من هذه المجالس التصدي لفوضى الفتاوى التي باتت موجودة في المجتمع والرد على تساؤلات المسلمين وتوعيتهم بدينهم، بجانب غلق الطريق على كل من يريد نشر أي معلومات مغلوطة عن الدين الإسلامي، وكان هذا وسط ترحيب عدد من العلماء وأساتذة الأزهر بفكرة وزارة الأوقاف ودار الإفتاء بإنشاء هذه المجالس داخل المساجد.
لكن في خطوة مفاجأة من الدعوة السلفية وسعيها الدائم في السيطرة على المساجد دعت إلى إنشاء "مجالس العلماء" كمواجهة مع مجالس الإفتاء، وكانت البداية في مسجد قباء بمحافظة الجيزة في تحدي واضح لوزارة الأوقاف.
وتعتبر الدعوة السلفية مسجد قباء القلعة الفكرية والمركز الأساسي لها ولدعوتها، وتستخدم كل التقنيات الحديثة من تصوير ونقل الخطب على شبكة الإنترنت، فالدعوة السلفية مستمرة في مخالفة قرارات وزارة الأوقاف، بداية في صعود الخطباء على المنبر ثم التصوير داخل المسجد دون موافقة وزارة الأوقاف وعدم الالتزام بالخطبة الموحدة التي تؤكد عليها الوزارة، حتى جاء قرار الدعوة بإنشاء مجالس العلماء في مواجهة مجالس الإفتاء التي أطلقتها وزارة الأوقاف منذ أسبوعين.
التيار السلفى يعُلن عن نفسه
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد عبدالعاطي، عميد كلية التربية بجامعة الأزهر وأستاذ العقيدة والفلسفة، إن ما يحدث من قبل الدعوة السلفية ليس من مصلحة الوطن ومستقبل الدعوة، فهذا يعني أن هناك تفرقة في الخطاب الديني والمستوى الدعوي، لافتًا إلى أن الدعوة السلفية ما زالت تعلن عن نفسها في المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، فدعوة وجود مجالس للعلماء في المساجد يعني أن التيار السلفي لا يزال موجود على الأرض ومسيطر على بعض المساجد.
وأضاف أستاذ العقيدة والفلسفة، لـ" العربية نيوز" أن قرار الدعوة السلفية بالإعلان عن مجالس العلماء في المساجد، يدل على أن قرارات وزارة الأوقاف لم تفعل حتى الآن، خاصة الضبطية القضائية، مشيرًا إلى أن التيار السلفي فقط له الحق في إدارة أي مسجد في الدولة، فنحن في دولة مؤسسات فوزارة الأوقاف هي المعنية بإدارة المساجد وليس أي جهة أخرى.
وأكد عميد كلية التربية بجامعة الأزهر أن معظم المساجد تفتقد وجود الأمام والخطيب القوي صاحب الرؤية الصحيحة الذي يلتف حوله المسلمون، فغياب الإمام صاحب العلم فتح الباب أمام الكثير من المتطرفين والتيارات المختلفة من الوجود في المساجد والتحدث باسم الدين وبث أفكار مغلوطة عن الإسلام.
مواءمات سياسية
وانتقد بشدة الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، فكرة الدعوة السلفية بإنشاء مجالس العلماء في بعض المساجد، لافتًا إلى أن كل أنشطة التيار السلفي ومن قبلهم الإخوان كانت بعلم وزارة الأوقاف، وللأسف ممارسات الدعوة السلفية الآن تتم عن طريق بعض المواءمات والاتفاقيات السياسية.
وقال أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، لـ"العربية نيوز" إن المؤسسات الدينية في مصر ليس لديها الجدية الحقيقية لمواجهة الفكر التطرف، فقرارات وتصرفات وزارة الأوقاف لم تتعدى الشو الإعلامي، فليس هناك أي نتائج ظاهرة على أرض الواقع.
وتساءل كريمة لماذا لا يتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يخالف قرارات وزارة الأوقاف؟، لا يوجد أي خطة واضحة لمواجهة كتب الدواعش والسلفييين وكتب سيد قطب وما جاء في الوهابية السلفية، لافتًا إلى أن دعوات تجديد الخطاب الديني ستكون بدون جدوى في ظل الفكر المتبع من المؤسسات الدينية.
لن تلقى مردودًا
وأوضح الشيخ عبدالعزيز النجار، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، أن الدعوة السلفية يجب أن تعلم حجمها وتحترم الدولة بكل مؤسساتها التنفيذية والتشريعية، وأن الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء هما الجهات المنوط بها الفتوى والتشريع كما جاء في الدستور، لافتا إلى أن تدخل أي جهة غير رسمية في محاولة للسيطرة على بعض المساجد وتسييسها وإنشاء أماكن للفتوى بها، من باب إقناع المسلمين أن هذه الفتاوى السلفية تابعة لوزارة الأوقاف أو دار الإفتاء المصرية وبالتالي على هذه الجهات أن تبتعد عن الفتوى وتتركها لمن يحق له ذلك للحفاظ على وحدة المسلمين وعلى فكر المجتمع.
وشدد عضو لجنة الفتوى بالأزهر، على ضرورة أن تتولى وزارة الأوقاف مسئوليتها في هذا الشأن عن طريق تطبيق الضبطية القضائية، لافتًا إلى أن مجالس العلماء التابعة للدعوة السلفية لن تلقى أي مردود في المجتمع.