"التحالف الشعبي": رفض التطبيع مع إسرائيل تحول لـ"تهريج سياسي"
قال حزب التحالف الشعبي الاشتراكي: إنه يتابع تسارع الأحداث السياسية الجارية على مستوى المنطقة والعالم شاملة صعود التنظيمات الإرهابية وفى مقدمتها داعش والنصرة والقاعدة، وغيرها من تنظيمات الإرهاب الأسود برعاية قوى دولية وإقليمية وعربية وفرت غطاء لإشعال صراعات مذهبية طائفية ولمحاولات تفتيت وتقسيم الدول العربية وإعادة الجماهير التي وحدتها ميادين الحرية إلى هويات طائفية ومذهبية متنازعة كوسيلة للهيمنة.
وأكد الحزب، في بيان اليوم الإثنين، أن التهديدات قد بلغت إلى مستوى جيد بتدخل قوات الناتو من جديد في ليبيا وإعلان الكيان الصهيوني الإسرائيلي عزمه على ضم الجولان مع استمرار سياساته الرامية لتهويد القدس وتوسيع كتلة المستوطنات وحصار الشعب الفلسطيني.
وأشار الحزب إلى أن التهديدات لها آثارها السلبية لصراع المحاور السعودي الإيراني وامتداداته في المنطقة وتهديد الدول كالسعودية وتركيا بالتدخل العسكري المباشر في سوريا، فضلًا عن النتائج المأسوية للحرب على اليمن ومحاولات النظام السعودي للعب دور الدولة الكفيل في المحيط العربي وربط مساعداتها لمصر وباقي الدول بالانصياع لإرادتها وتحويل النظام العربي إلى فرع لمجلس التعاون الخليجي، والجيوش العربية إلى وحدات لقوات "درع الجزيرة" ليصبح عنوان التضامن العربي السير خلف السياسات الطائفية المغامرة للنظام السعودي، على نحو ما جرى أخيرا في اجتماع وزراء الداخلية العرب بإعلان حزب الله منظمة إرهابية، وهو القرار الذي لم يتخذ ضد جماعات الإرهاب التي نشأت تحت الرعاية السعودية والأمريكية.
وأعرب الحزب عن قلقه بسبب بعض أنماط الاستقطاب الإقليمي الذي تتحكم فيه القوى الخارجية، ومناورات القوى الرجعية في المنطقة العربية والشرق أوسطية، في محاولة مكشوفة لعزل مصر بل وتقزيمها وضرب كل محاولة لإعادة التوازن لعلاقاتها الدولية والابتعاد بجيشها عن فخ الغرق في مستنقع الحروب الأهلية والطائفية والمذهبية، في الوقت الذي لا يسعى فيه النظام بجدية لأي دور إقليمي فعال يتيح للشعب مصر ما يصبو إليه من حضور يتناسب وتاريخ نضاله على المستوى الدولي والعربي.
وتابع: "نحن نضع في اعتبارنا دائما أن الموقف الداخلي في مصر، وطبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية داخل الوطن العربي تؤثر بالضرورة على تحديد المواقف الخارجية، وقدرتنا على المشاركة الإيجابية إزاء استمرار الموقف السلبي المهين لسمعة الوطن وكرامته، إن ذلك يعود بنا إلى كل الممارسات السلبية للنظام السابق على ثورة 25 يناير 2011 التي قامت من أجل الحرية والكرامة".
وأوضح الحزب أن الهامش الإيجابي المتاح في موقف مصر المتحفظ على التوجه الخليجي المدمر في سوريا واليمن وليبيا، وقدرة مصر على محاصرة العمليات الإرهابية الدولية على أرضها رغم المفهوم الأمني الضيق الذي ينطلق منه هذا الموقف، كان يمكن أن يتيح لمصر موقفا أفضل وأكثر فعالية، تجاه النظام الصهيوني، ومع الشعب الفلسطيني، وتجاه الصراع الخليجي الإيراني، والحفاظ على مكتسباتنا في الساحة اللبنانية، أملا في ضبط التوازن السياسي هناك، هذا إلى جانب إمكانيات التقارب المناسب مع دول المغارب العربية.
وحذر الحزب من عجز مؤسسات الحكم عن اتخاذ الخطوات المناسبة لاستثمار ما يمكن أن يكون إيجابيا في تلك الصراعات، بسبب طبيعة سياستها الاقتصادية والسياسية الداخلية، الأمر الذي جعل شعبنا يعيش توترات بائسة من الترويج للنزعات الطائفية إقليميا وداخليا، بينما ظل صوتنا مكتوما في الرفض الحاسم المكشوف لتوجهات تهدد الأمن القومي المصري والعربي مراضاة للأطراف المانحة إقليميا ودوليا ليواصل الخطاب الرسمي الحديث عن التحالف الاستراتيجي مع أمريكا، وتوسيع معاهدة السلام والتطبيع مع إسرائيل والصمت على الدول الراعية للإرهاب، وهو ما يهدد خطوات إعادة التوازن لعلاقاتنا ورفض محاولات تقسيم دول المنطقة وتهديد وحدتها وسيادتها على أراضيها تحت غطاء طائفي ومذهبي.
وأكد أهمية وضوح البوصلة والاستجابة لمصالح الشعب بعد أن وصل بؤس الأسلوب الغوغائى تجاه الرفض الشعبي الأصيل للتطبيع مع إسرائيل إلى تحويله لتهريج سياسي، يبعث بمختلف الرسائل السلبية عن الصراع الداخلي دون أن يعبر عن الرفض الحقيقي لتحالف الصهيونية والإمبريالية في المنطقة ضد الأوضاع الداخلية في مصر.
وتأكيدا لتأثير السياسات الداخلية على الموقف أشار الحزب إلى أن اعتماد القروض والاستثمارات الأجنبية والمديونية المتزايدة، كمنقذ رئيسي للنظام إلى العالم، في وقت تتحمل فيه الجماهير كل أعباء مرحلة المعاناة القائمة، بينما تتمتع الطبقة العليا من تجار ومحتكرين ومؤسسات الحكم البيروقراطية وغيرها بكل الامتيازات، والقدرة على محاصرة إجراءات الدولة الضرورية لتنظيم الضرائب وعائدات الأرض وتنمية الصادرات وإحياء الصناعة الوطنية، بما يؤدى بقوى ضغط كل هذه العناصر على السلطة ضد اتخاذ الموقف المناسب من المقرضين والدائنين والمانحين، ومسميات الاستسلام جميعا للضغط الخارجي، عربيا وأمريكيا وأوربيا، بل إن هذا الاستسلام للسياسة المشوهة في العلاقة بالخارج أو رأس المال ومحتكريه، بات ينعكس على حرية تعبير الشعب عن نفسه في قضايا الخارج كما تصادر حريته في التنظيم الداخلي لقواه الفاعلة.
وأكد بيان الحزب أنهم يشعرون بالأسف بتأثير ذلك على أكثر القضايا ذات الحساسية الشعبية مثل الموقف من العدو الصهيوني، أو اعتبار المقاومة اللبنانية والفلسطينية أعمالا إرهابية، كما تشعر بمحدودية التعبير عن الموقف الإيجابي الضروري إزاء الأزمة السورية وأهمية وحدة شعوب سورىا واليمن وليبيا وحقهم في تقرير مصائرهم وتصفية عناصر الإرهاب والتطرف والنفوذ الأجنبي على أرضهم، وكذلك ما يتوجب من تحقيق التوازن الضروري في علاقاتنا بالصراعات الخليجية الإيرانية.
وذكر أن المواقف الإيجابية في هذه المجالات هي التي يمكن أن تبنى صورة مختلفة لمصر لتتحرك بوزنها تجاه الصراعات والمنافسات الدولية القائمة في عالم تتعدد فيه الآن مراكز القوى بما يمكن أن يفيد التحركات المصرية لو جاءت قادرة ومناسبة.
وأشار إلى إن القدرة على اتخاذ الموقف المناسب والضروري على الصعيد الإقليمي والدولي ترتبط في تقديرنا، بإعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة، ليمكن لعمالنا وفلاحينا ونقاباتنا وكافة جماهيرنا أن تعبر عن النهوض الشعبي الذي تحقق في 25 يناير 2011، ومدعوما بتحرك 30 يونيو لحماية القيم الوطنية والكرامة والحرية.
ولفت الحزب إلى أن إجراءات العدالة الاجتماعية لجماهير مصر لا تنفصل عن حقها في اتخاذ المواقف الخارجية الصحيحة، لأن الجماهير لن تتحمل سياسة التجويع التي تحاول القوى الغربية والإقليمية فرضها إلا إذا شعرت بالتوزيع العادل للثروة وتحمل الطبقات المستغلة لضريبة الأرباح الهائلة التي تجمعها من أقوات هذا الشعب اليومية، وبنضال شعب مصر والشعوب العربية وتضامنهم المشترك يمكن إسقاط مشروعات التفتيت والتقسيم والهيمنة وإسقاط اى محاولة للإملاء والاستكبار من أي دولة تدعى لنفسها دور الدولة الكفيل.