الخطبة الموحّدة.. "سوس ينخر في عقل الأوقاف".. وعلماء: تقتل إبداع الأئمة.. وتجمّد الدعوة الإسلامية
"عامر": توحيد الخطاب الدينى مشكلة تواجه الدعوة الإسلامية
" كريمة": خطبة الجمعة تخلو من الفكر المتطرف
"هلال": ضرورة إعطاء فرصة لخطباء المساجد للإبداع
الخطبة الموحدة إحدى قرارات وزارة الأوقاف التي لم تتراجع عنها يوما، فاتبعت الوزارة خاصة بعد ثورة يناير إلزام خطباء المساجد بخطبة دينية موحدة يتم تحديدها من قبل الوزارة، فتعتمد خطبة الجمعة الآن على الحفظ والتلقين بدلا من الابتكار وإظهار بعض المشكلات التي تعاني منها المجتمعات المصرية، فتكرار الموضوعات أصبح أيضا نهج الأئمة في خطبة الجمعة، ويأتى ذلك وسط جدل متصاعد حول موقف الأئمة والخطباء، خاصة أن عليهم دور كبير في تجديد الخطاب الدينى، فكيف سيتم تجديد الخطاب الدينى من قبل الأئمة والخطباء في ظل وجود خطبة موحدة قد ساهمت في تجميد فكر الخطباء.
"العربية نيوز" استطلع آراء بعض الدعاة والخطباء في المساجد وعلماء الدين حول إصرار وزارة الأوقاف على تطبيق الخطبة الموحدة، وما هو هدف الوزارة من ذلك؟.. وهل الخطبة الموحدة جمدت فكر الأئمة والخطباء على المنابر؟.. وهل تتعارض مع تجديد الخاب الدينى أم لا؟
الخطبة الموحدة لا تخدم الدين والمجتمع
بداية مع الدكتور محمد عامر أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، الذي أكد أن الخطبة الموحدة في كل المساجد التابعة لوزارة الأوقاف لا تخدم المجتمع أو الدين وتضر بفكر الدعاة والخطباء، لافتا إلى أن الخطورة تكمن في اختلاف ثقافات المجتمعات في مصر فالخطبة التي تصلح في القاهرة ليست بالضرورة تصلح في بعض المحافظات في صعيد مصر، فهناك أفكار وثقافات مختلفة لا يصلح معها الخطاب الدينى الموحد.
وأضاف أستاذ الشريعة والقانون لـ"العربية نيوز"، أن توحيد الخطاب الدينى أكبر مشكلة يمكن أن تواجه الدعوة الإسلامية ومخالف لدعوات تجديد الخطاب الدينى المتكررة، وتهمش دور علماء الدين فهم يقفون مكتوفى الأيدى لا يستطيعون نقل علمهم وأفكارهم إلى المجتمع في ظل ما يدور حولهم من راعات وأحداث تضر بالإسلام أولا والمنطقة العربية بأكملها، مشيرًا إلى أن خطباء مصر لديهم العلم الكافي والوضوعات الكثيرة التي تهم المجتمع وتأثر في سلوكه.
ووصف أستاذ الشريعة والقانون، قرارات وزارة الأوقاف بالعشوائية التي لا يمكن أن تحارب الفكر المتطرف والإرهاب، ففي ظل الوضع الراهن لا بد أن نضع أليات واضحة تعبر عن أصل الدين وتعالج أسباب انتشار الجماعات الإرهابية، رافضا كل القرارات التي تقيد الفكر.
الفكر المتطرف لا يظهر في خطبة الجمعة
واعتبر الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الخطبة الموحدة ليس لها علاقة بالخطاب الديني ومحاولة تجديده، فما يقال في الوجه البحري لا يمكن أن يقال في الوجة القبلى فكل مجتمع يوجد به من الخطب ما يصلح له ويكون ذلك وفقا لتقدير الخطباء والأئمة، مطالبا بضرورة العمل على تأهيل الدعاة أكثر مما هو موجود الآن ليكون كل الخطباء والدعاة قادرين على مواجهة الفكر المتطرف الذي ينتشر في المجتمع مثل السرطان.
وأضاف أستاذ الشريعة والقانون، أن خطبة الجمعة مهما كان توجه الخطيب لا يمكن أن تفسد الناس في معتقادتهم أو دينهم لكن المفسدون أصحاب الفكر المتطرف لا يهمهم خطبة الجمعة؛ ولكنهم موجدون في الدروس التي تدرس في المساجد بصفة يومية من وراء الرقابة التي تفرضها وزارة الأوقاف، مشددا على ضرورة مواجهة ما يحدث في المساجد فخطبة الجمعة ليست الأساس أو المعيار لحسن توجه الخطاب الدينى.
وأكد "كريمة" على أن وزارة الأوقاف عليها دور كبير في مواجهة الفكر المتطرف والإرهابى، فيجب أولا أن يتم ضم جميع المساجد في الجمهورية إلى إشراف وزارة الأوقاف فيوجد مساجد كثيرة في الصعيد تحت سيطرة الإخوان والسلفيين، ثانيا لا بد من تشديد الرقابة على المساجد فمعظم مراقبي وزارة الأوقاف لا يعرفون مساجد الوزارة من الأساس، وبالتالى تحولت المساجد إلى أماكن لتعليم الفكر المتشدد الإرهابي في غياب الرقابة.
خطبة الجمعة فرصة للإبداع
وأوضح الدكتور عبد الغفار هلال عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، أن الخطبة الموحدة ومناقشة أمور مثل التطرف والإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف أمر مطلوب وفي غاية الأهمية، لكن أن تكون خطب الجمعة كلها في هذا السياق والخطبة من أولها إلى آخرها موحدة أمر غير مرغوب فيه، وليس مطلوب في الفترة الراهنة ولا يعكس الظرف التي تمر بها المناطق المختلفة في المجتمع.
وأشار عميد كلية اللغة العربية، إلى أن تعدد فكر الدعاة والخطباء بما لا يخالف شرع الله والآيات قرآنية والأحاديث صحيحة، وليس خارج عما قاله الرسول "صلى الله عليه وسلم"، سؤيدي إلى تقدم المجتع وإعلاء قيمة الفكر لأفراد المجتمع أنفسهم، بجانب تلقي معلومات صحيحة من جهات موثوق فيها.
وأكد "هلال" على ضرورة إعطاء فرصة لخطباء المساجد للإبداع والتنافس في الموضوعات التي يعرضوها في خطبهم، لافتا إلى أن في المجتمع الواحد يمكن أن تختلف الثقافات والتوجهات؛ لذلك يجب أن يعى الخطباء طبيعة البيئة الموجدين فيها وما يناسبها من موضوعات وأفكار.